تتسارع في موريتانيا الأحداث بشكل غير مسبوق و كأنها تسابق الزمن من أجل أن تحضر لواقع ما.. بدأ التفكير فقط في رسم بعض ملاحمه ، أما ما تبقى من تفاصيل فستظهره الأيام القادمة و الأسابيع القليلة ـ أقول القليلة ـ لأنه لم يبق لدينا كثير من الوقت ..
دعونا نسرد هذه الأحداث سردا مجردا لنعرف ما إذا كانت مرتبطة مع بعضهما أم أن الحاضن الزمني هو فقط ما جمعها في ظرف واحد
1 ـ ما إن عاد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز من احتفالات عيد الاستقلال و أسبوع عطلته في الحوض الشرقي حتى استقبلته مبادرات الدعوة إلى البقاء و تعديل الدستور بما يسمح بترشحه إلى مأمورية ثالثة، خمس ولايات هي اترارزة و لعصابة و الحوض الغربي وآدرار و إينشيري غدا أو بعد غد
2 ـ في ال 22 دجمبر خرج بشكل مفاجئ بيان من أطر تجكجة حلف إدي ولد الزين و النائب جدو لد منابه ، بيان تساءل الجميع عن أسبابه و دواعيه حيث كان موضوعه الدعوة إلى نبذ التفرقة و التصدي لخطاب الكراهية
3 ـ في ال 27 دجمبر أصدر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا بيانا آخر دعا فيه إلى المشاركة في مسيرة لمواجهة خطاب الكراهية و العنصرية
4 ـ قبل ذلك ظهر القيادي البعثي محمد يحظيه ولد ابريد الليل الذي كان من أشد مؤيدي النظام ، ظهر متضامنا مع زعيم حركة إيرابيرام ولد اعبيدي وطالب باطلاق سراحه و تحدث لأول مرة تحت ظل هذا النظام أن الاستقرار لم يحصل ، وهو حديث لم نشهده من الأستاذ إلا في الأوقات الخاصة 2004 حينما كتب مقاله" إلى أين نسير ؟ " و 2008 حينما كتب " تفاديا للعار " ..!
5 ـ في ال 29 دجمبر خرج القيادي النقابي البارز الساموري ولد بيه للرأي العام بتدوينة ذكر فيها أنه هدد بالسلاح و أن تحضيرا للحرب الأهلية يجري : و هي تدوينة أنكرها المجتمعون في الوزارة حتى معارضي النظام من نقابات الإسلاميين و اليساريين
6 ـ تم الوقوف إلى جانب الساموري من قبل حقوقي الحراطين المناهضين لبيرام و الذين سبق و أن اختلف معهم و وصف بعضهم بمختلف الأوصاف خاصة : السعد ولد لوليد و إبراهيم ولد بلال و عبيد ولد اميجن و غيرهم ....
7 ، لم تتعاطى المعارضة بما يليق مع خطاب الساموري الخطير و كأنها لم تصدقه ، و إنما أخرجت بيانا هادئا يتناول موضوع السلم الاجتماعي بحذر و يحمل النظام المسؤولية
8 ـ ال31 دحمبر / 01 يناير ، ليلة رأس السنة وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة و رئيس الحزب الحاكم الأستاذ سيدي محمد ولد محم يخصص مأدبة كبيرة حضرها 300 من بين الصحفيين و المدونين كان عنوانها مواجهة خطاب الكراهية و تحدث الوزير باستفاضة عن الموضوع و بأنه ان حصلت حرب أهلية فلن يكون هناك رابح ..كان الموضوع مناسبا للتنناول فالذين لم يتحدثوا كتبوا و أسالوا مدادا كثيرا في الموضوع و هو ذات الموضوع الذي خصصت له برامج تلفزيونة بعضها حقق مشاهدة كبيرة ...
9 ، ال 31 دجمبر / 01 يناير و في نفس الوقت الذي كان يجتمع فيه الوزير مع الصحفيين و المدونيين متناولين موضوع الكراهية و العنصرية تطلق محكمة نواكشوط الجنوبية سراح الزعيم بيرام ولد اعبيدي بعد سحب الشاكي شكايته في نفس المساء
10 ـ يعيش البلد حالة من الترقب لمن سيخلف رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز وسط حديث عن تعهد شفهي ـ قديم ـ لوزير الدفاع الحالي محمد ولد غزواني بتهيئته لخلافة صديقه
11 ـ في ظل الدعوات لبقاء الرئيس أو عودته السريعة إلى الحكم ـ و هو ما أشار إليه هو نفسه في مقابلته مع إذاعة فرنسا الدولية : أنه إن توفرت الظروف لترشحه فيما بعد قد يترشح ـ
11 ـ أ / من المؤكد في ظل هذه الأجواء أن الفريق غزواني لا يصلح لأن يكون رئيسا مؤقتا حيث لن يقبل أبقل من مأمورية كاملة بينما قد يقبل آخرين الحكم ستة أشهر و سنة و فترات قصيرة على هذه النحو ...
11 ـ ب / يجري حديث عن صنع زوبعة كبرى تغير المشهد الموريتاني بحيث لا يكون مارس 2019 شبيها بمارس 2018 و بالتالي يكون النظام في حل من أي التزام سابق ، كما أن التحضير الانتخابي و ما يتعلق به سيكون مختلفا عن ماهو مألوف أو متوقع ، لكن الزوبعة الجديدة ستكون مبررا وجيها لما سيقدم عليه النظام
و إذا كان هذا التصور سليما فستتطور الاحداث سريعا .. سريعا .. و بقوة على أن يصبح كل ما ذكرنا من تطورات مجرد نقاط صغيرة في المشهد ، لا يرى أثرها الواضح في ظل الضباب الكثيف الذي يصعب معه تحديد إلى أين نسير ؟ و هذا لعمري هو سؤال المرحلة ..!