مرة أخرى أعود لهذا الموضوع ( موضوع الحراطين ) الذي يبدو البعض مصرا على إثارة نقاط الخلاف أكثر من دوائر الاتفاق فيه ، كما يبدو بعض مصرا على خانات محددة يقسم عليها الناس ،وكالعادة وحرصا على تحديد ما أريد أقدم الملاحظات التالية :
1 - لا يقبل خطاب التعميم والإطلاق خصوصا من أهل الرأي والمتصدرين للشأن العام ، وأقصد بخطاب التعميم الخطاب الذي يتهم مكونا بكامله أو يحمله مسؤولية بكامله أو يزكي مكونا بإطلاق أو يعمم وضع التهميش على فئة كلها أو يصف أخرى دون تنسيب بالهيمنة والتحكم .
في عبارات " يغلب"و " غالبا " و" بصورة عامة " و"السائد " مندوحة من هذه الاطلاقات التي لا تقنع ولا يعززها الواقع المشاهد .
إن القول بأن الحراطين في قطاعهم الواسع يعانون من التهميش والفقر والحرمان وأنهم عرضة للظلم ( كان شديدا ومازال موجودا ) قول صحيح والزيادة على ذلك مبالغة لا تخدم قضية تحتاج مساندين لا معاندين .
2 - لا يقبل خطاب التهوين من المظالم التي تعرضت لها مكونات وفئات في هذا البلد وخصوصا الحراطين ولا يخدم خطاب التهويل والإثارة شيء مثل مايخدمه خطاب التهوين والتبسيط ، إن الإقرار بما تعرض ويتعرض له هذا المكون هو المدخل الصحيح لعلاج جدي يعلي من شأن المواطنة ويتأسس على المساواة ويتوسل بوسائل فعالة منها التمييز الإيجابي .
3 - يلزم أن تكون هناك مقاربة أكثر شمولا لموضوع خطاب الكراهية والإثارة توسعه من الخطاب إلى الممارسة فيستهدفان معا ويستنكران معا ، ومن ناحية أخرى تراه في المشهد كاملا وعند مختلف المكونات والفاعلين والمتداول منه في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وكذا في الصالونات والمنتديات والحفلات .
4 - دعونا نكن صرحاء، يوفر لنا الاسلام - بالقراءة القائمة على التحرر والمساواة والتلاحم والإخاء - أرضية لحل هذه المشاكل خصوصا إذا قدمنا هذه القراءة متلاحمة مع فقه المواطنة ومطلقيات العدل ومقتضيات الوحدة والاستقرار .