لا زلت أذكر ذلك اليوم في استثنائيته! كان يوما و لا كالأيام هدوء و انسيابية، حتى الغبار الذي كان يمطرنا كل يوم، في تلك الفترة، غادر مفسحا أمام أم اظليليات. كنت مع ابنة خالي، سلم منت احمد خليفه، في المستشفى العسكري، الموجود في مبنى قيادة الأركان، حينها، أخذنا الدواء و رجعنا للمنزل سيرا على الأقدام عبر شارع جمال عبد الناصر، و لم نلحظ أي شيء غير عادي، لا قطع عسكرية، لا حظر تجول، لا أي شيء من ذلك القبيل. لحظة من التاريخ كان لها ما بعدها إيجابا و سلبا! منعرج في تاريخ الدولة الموريتانية، يستحق الدراسة المتأنية و الحصيفة، المبنية على المعطيات الدقيقة و الأحداث الواقعية ، بعيدا عن التوظيف السياسوي و المبالغة و التزوير و التحريف. و يؤسفني رحيل الرئيس اعل ولد محمد فال، فقد كان بإمكاننا الاستفادة منه في ذلك الجانب لمعرفته الدقيقة بالكثير من الأحداث و أبعادها. و أتمنى على الرئيس معاوية ولد سيد احمد ولد الطائع أن يسرع في كتابة مذكراته و يتحفنا بها، و لا شك أن لديه الكثير مما يقوله مما ليس في متناول الجميع. لقد سئمنا من ردم حقبنا التاريخية و من المبالغة و تزوير الوقائع بفعل التجاذبات السياسية و النظرة السياسوية و الانتهازية للظروف. التاريخ كما الوطن يجمعنا و علينا أن نتعامل فيه بموضوعية و تمحيص لنستفيد من أخطائنا و هفواتنا المرة و من ماهو إيجابي كذلك لنعززه و نبني عليه. 12 دجنبر 1984 جزء من تاريخكم، أيها الموريتانيون كما الحقب التاريخية للدولة الوطنية من أيام المستعمر و من بداية الاستقلال و التأسيس للدولة الحديثة، لمرحلة حرب الصحراء، ثم الانقلابات و المحاولات الفاشلة المختلفة و أحداث 1989 و 1990، و مراحل ما بعد إقرار دستور 1991. كلها حقب تستحق المراجعة و الوقوف عليها بروح نقدية موضوعية و مسؤولة. ردم التاريخ و التقول فيه و عليه لا يجدي نفعا. الأمم العظيمة هي التي تستفيد من تجاربها التاريخية و تستخلص منها الدروس بلا حقد أو كراهية.