بعد مصادقة البرلمان على حظر التعددية المذهبية في موريتانيا - على الرغم من استمرار التعدد واختلاف السرعات في الخطاب الديني الرسمي في الواقع والصراع الأيديولوجي الخفي بين القطاع المكلف بالشؤون الدينية ذي الخلفية المالكية والعقيدة الأشعرية و"مؤسسة الإفتاء" التي يمثلها الفقيه أحمد ُولد المرابط ولد حبيب الرحمن إمام الجامع السعودي ذي المرجعية السلفية - والتوجه إلى الحد من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر بجلاء الفراغ الكبير الناجم عن غياب وظيفة أساسية من وظائف المدرسة يعتبرها علماء سوسيولوجيا التربية الوظيفة الثانية من حيث الأهمية بعد وظيفة الاندماج الاجتماعي ويتعلق الأمر بالوظيفة الأيديولوجية. وتعمل وظيفة التنشئة الاجتماعية والأيديولوجية على صناعة الكائن الاجتماعي المحصن ضد التطرف وضد كل الأيديولوجيات والنزعات المناهضة للبناء الكلي للمجتمع لأن تلك الوظيفة تزوده بالحد الأدنى من القيم المشتركة التي تساعد في استمرار تماسك المجتمع وانسجامه : فالمجتمعات المتجانسة تنتج أنظمة تربوية متجانسة والعكس أيضا صحيح.
لكن هذه الأمور لا تصنع بالقرارات الفوقية وإنما تبنى من الأسفل إلى الأعلى عن طريق التربية فالتربية - كما يقول إيميل دوركهايم - هي الأداة التي يكتسب بها المجتمع قدرته على البقاء ويحافظ بها على وجوده في عقول الأطفال وعليه فإن منع حرية الاختيار داخل المعتقد الواحد ومحاولة الحد من حرية التفكير والتعبير واستعمال مزايا التكنولوجيا المعاصرة في زمن السماوات المفتوحة بدعوى أن ذلك كله "خطير" على "اللحمة الوطنية"هو كمن يحرم اللحوم الحمراء على الموريتانيين بدعوى أنها مضرة بالصحة ! أو كمن يحاول منع الطيور من التحليق بإضافة أمتار قليلة إلى الأسوار الموجودة !.
هذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن نمطين متعارضين من التربية والتكوين: الأول شرعت الحكومة بالفعل في تطبيقه بهدف استئصال "مخلفات الرق" والقضاء على جيوب الفقر ويتعلق الأمر بـ "المحاظر النموذجية" (أو المدارس الدينية التقليدية في ثوبها الجديد الموجه) والثاني هو عبارة عن نموذج حديث يمثل في عقول الكثيرين العصا السحرية والحل الأمثل لمشكلات التعليم المزمنة في هذا البلد ويتعلق الأمر بـ "المدرسة الجمهورية"(l’école républicaine). ومع أن كلا النموذجين ينطوي على مزايا لا سبيل إلى إنكارها إلا أن كلا منهما ينطوي على بعض الأبعاد الأيديولوجية التي يجب التنبيه إليها . ففي حين نجد أن المحظرة النموذجية في فلسفتها الحالية تحمل جميع السمات الأيديولوجية للنظام الاجتماعي التقليدي القائم على تكريس تبعية الفرد على الصعيد الأيديولوجي والتراتبية على الصعيد الاجتماعي الواقعي نجد أن المدرسة الجمهورية في المقابل تمجد الاستقلال الذاتي للفرد وتحرره من التبعية الأيديولوجية للمكونين وتقضي كليا على كل أشكال التفاوت الاجتماعي والاقتصادي وأنماط الوعي المرتبطة بها.
علاوة على ذلك فإن الفلسفة التي تقوم عليها المحاظر النموذجية حالها حال مؤسسات التعليم الأصلي كلها تجعل مخرجاتها على الدوام عاجزة عن تقديم القيمة المضافة الحقيقية في التنمية والاستجابة لمتطلبات سوق العمل المتنامية يوما بعد يوم لأن جزءا من تلك المخرجات على الأقل يحتاج لكي يكون ملائما لسوق العمل إلى تكوين إضافي يشرف عليه قطاع آخر من القطاعات المكلفة بالتعليم هو قطاع التكوين المهني وهو ما يشكل عبئا إضافيا على ميزانية الدولة ويؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة نسب البطالة في أوساط الخريجين بسبب مزاحمة ذلك النمط من التعليم لمخرجات المدرسة النظامية والتعليم الحديث في فرص العمل النادرة أصلا . لكن المشكلة الأكبر في هذا الصدد هو أن هذا النمط من التكوين بمعزل عن الاستهلاك الإعلامي والسياسي سيظل عاجزا عن تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للجمهور المستهدف وردم الهوة بينه وبين مكونات المجتمع الأخرى وهو مربط الفرس والرهان الذي يجب أن نراهن عليه من بين رهانات أخرى.
ثمة رهان آخر وهدف أسمى يجب أن نسعى إليه ويتعلق بضرورة توحيد السياسات التعليمية ودمجها ضمن منظومة مشتركة تحقق الأهداف التنموية المنشودة وتعزز الهوية والتماسك المجتمعي وتساعد في تفادي مخاطر الإرهاب والتطرف وهو ما لا يمكن تحقيقه دون العمل على مأْسَسَة التعليم الديني (l’institutionnalisation de l’enseignement religieux) على غرار ما هو موجود في مؤسسات التعليم الأصلي في الكثير من البلدان العربية والإسلامية مثل مؤسسة الزيتونة العريقة في تونس وجامع القرويين في المغرب ومؤسسة الأزهر في مصر وغيرها إذا أردنا لهذا النمط من التعليم أن يكون بالفعل رافعة للتنمية وليس العكس مثل قطعة المدفعية التي تضرب بقوة لكن في الاتجاه المعاكس للهدف .
إن المحاظر النموذجية وفقا لفلسفتها الحالية -إذا ما استثنينا بعض الفوائد القليلة- هي احتفاء بالكماليات قبل استيفاء الضروريات وقبل تحقيق الهدف الذي حققته الكثير من الدول منذ عقود وهو التعليم للجميع(l’enseignement pour tous).
صحيح أن المخصصات المالية للمدرسين في تلك المدارس هي أمر إيجابي وكذلك المنح المقدمة للتلاميذ لكن هل يساعد ذلك في امتصاص البطالة خصوصا إذا لم يكن المستفيد مؤهلا من الناحية العلمية للتدريس ويحمل شهادة جامعية معترفا بها في ظل وجود أكوام من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات . لا شك أن الإنتاجية التعليمية ستكون مضمونة في هذا النمط من التكوين إن استطاع القائمون عليه الإجابة على الأسئلة التالية : ما طبيعة الثقافة ونمط القيم المتداولة في هذه المدارس ؟ هل المنهج المتبع فيها ملائم لحاجات التكوين وضرورات التنمية عندنا ؟ هل هو على الأقل موافق للمناهج والسياسات التعليمية الرسمية ؟ ويبقى السؤال الأهم هو : هل سيقضي هذا النمط من التعليم على الفقر بالنسبة للجمهور المستهدف ؟!. الحلول المؤقتة هي في الواقع مشاكل دائمة.
ومع افتراض حسن النية فإن استدلالا بسيطا وساذجا قد يكون وراء القرار بإنشاء هذا النظام الموازي في التعليم وهذا الاستدلال هو كالآتي: إن لم تكن للجمهور المستهدف بهذا النمط من التعليم فرصة للحصول على تعليم نظامي ملائم وبالتالي الحصول على شهادة علمية تضمن للمعنيين به الحصول على وظيفة تساعدهم في شؤون دنياهم فعلى الأقل نحن نمنحهم ما يعينهم على شؤون دينهم وأخراهم ونعلمهم كيف يموتون وهم مطمئنون! لكن السؤال الصحيح هنا هو لماذا لم تكن لهؤلاء تلك الفرصة أصلا ؟! لماذا لا نفكر في ذلك السؤال بشكل جدي ؟ إن عجزنا عن مواجهة ذلك السؤال وغيره من الأسئلة المحرجة بشجاعة ومسؤولية هو الذي أدى بنا إلى الهروب إلى الأمام من الدنيا إلى الآخرة: "اللّي غلبتُ الدنيا يقولْ لاخْره جاتْ" . والحال أن المدرسة النظامية هي التي يجب أن تضطلع بدور التنشئة الدينية والروحية وفقا لمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وهو ما يجب أن تتضمنه أهدافها المحددة لها سلفا لأن السبب الذي جعل المحاظر تضطلع بذلك الدور تاريخيا هو عدم وجود مدارس نظامية أما وقد أصبحت موجودة فلا معنى لاستمرار ذلك النظام الموازي المليء بالاختلالات والذي يربك المنظومة التعليمية ويؤثر سلبا على الأهداف التنموية للبلد.
والخلاصة هي أن هذا النمط من التكوين يؤدي إلى شرخ آخر في نظامنا التربوي ينضاف إلى الشرخ الناجم عن المسألة الثقافية والثنائية اللغوية بالإضافة إلى الخطر الذي يظل قائما نظرا لعدم وجود التحصين الأيديولوجي والانضباط الفكري والعقائدي الذي قد توفره"المدرسة الجمهورية" في مفهومها الصحيح.
إن المحاظر النموذجية باستثناء بعض الفوائد الظرفية والمصالح العرضية هي في الواقع أيديولوجيا تعيد إنتاج النظام الاجتماعي وتكرس تبعية بعض المواطنين للبعض الآخر أكثر من كونها أداة للتحرر من البؤس الذي عانت منه شرائح واسعة من المجتمع على مدى أجيال عدة.
وفي تقديرنا فإن الطريق الصحيح لإنقاذ مئات الآلاف من أبناء الأرقاء السابقين وغيرهم من الفئات المهمشة وانتشالهم من خطر التهميش و الفقر المتوارث والذي قد يعيد إليهم الأمل بحياة كريمة لا يتمثل في المحاظر النموذجية بل في العمل بمشروع أقرته الحكومة في المأمورية الأولى للرئيس وهو مشروع المناطق ذات الأولوية التربوية (Les zones d’éducation prioritaire) الذي قد يكون أهم مشروع اتخذ خلال فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز على الإطلاق لأنه المشروع الذي من شأنه إن تم تطبيقه على أسس سليمة أن يصيب عصفورين بحجر واحد : تحقيق العدالة لضحايا الإرث الإنساني للعبودية من جهة وإصلاح منظومتنا التعليمية التي يتوقف عليها في نظرنا حل معضلتين كبيرتين هما السبب في جل التوترات الاجتماعية والسياسية في البلد وهما : المسألة الثقافية والعرقية والمشاكل المرتبطة بالإرث الإنساني للعبودية (وخصوصا المشكلة التربوية ومشكلة إعادة توزيع الثروة).
أما النموذج الثاني من التعليم والذي يحلم به الكثيرون فهو المدرسة الجمهورية القائمة على مجانية التعليم وإجباريته وتسمى أيضا بمدرسة الشعب لأنها هي الوحيدة التي تجمع جميع الطلاب من كافة الأوساط وخصوصا من الفئات الأقل حظا في المجتمع . وقد نشأت في فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر مع بدايات الجمهورية الفرنسية الثالثة مع قانون بول برت (Paul Bert) سنة 1879 وقوانين فري Ferry سنة 1881 وقانون غوبليه Goblet سنة 1886.
والمدرسة الجمهورية هي في الواقع مشروع سياسي أكثر من كونها مشروعا تربويا إضافة إلى أنها من حيث ماهيتها والأهداف التي تأسست عليها تحمل طابعا أيديولوجيا يتمثل في تجسيد قيم الحداثة والروح الأنوارية في الغرب وخصوصا في فرنسا بما في ذلك محاربة التقاليد وترسيخ الأخلاق المدنية العلمانية .
وتقوم المدرسة الجمهورية على أربعة مبادئ أساسية هي :
✓ نقل الثقافة الكونية والعقلانية القائمة على القيم الأساسية لفلسفة الأنوار
✓ تأكيد الحياد الاجتماعي للمؤسسة التربوية l’affirmation de la neutralité sociale de l’institution pédagogique
✓ تأسيس تراتبية اجتماعية قائمة على الأهلية الفردية
✓ تكوين الفرد المستقل استقلالا ذاتيا.
وعلى الرغم من إيجابية معظم هذه المبادئ إلا أن الطابع الأيديولوجي يبدو واضحا فيها وخصوصا في المبدأ الأول فلا يصح الحديث عن مدرسة جمهورية غير علمانية إلا بتحيين المصطلح وإعادة تأهيله بتحديد المحتوى الذي يتعين أن نعطيه له ليتوافق مع الجوانب الإيجابية في واقعنا ويساعدنا في التخلص من الجوانب السلبية. نحن بالفعل بالنظر إلى واقعنا الاجتماعي المعقد أحوج ما نكون إلى جل المبادئ المشار إليها آنفا باستثناء المبدأ الذي يتعين علينا تحيينه ومراعاة عدم انسجامه مع سياقنا الحضاري ومع الروح الإسلامية التي تستمد منها معظم القيم السائدة في مجتمعنا.
وإذا كان الإسلام الصحيح لا يمكن أن يكون ضد العقلانية في حد ذاتها ولا ضد نقل الثقافة الكونية لأن حضارته قامت في الأصل على ذلك الأساس إلا أن القيم الدينية لها وجود واقعي وملموس في مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية للشعوب المسلمة لا يمكن تجاهله أو التنكر له وهي جزء من هويتها وخصوصيتها الثقافية لكن هذا الأمر لا ينبغي مع ذلك أن يكون مبررا لاستمرار الكثير من التقاليد الخرافية الصادرة عن أنماط معينة من التدين الشعبي والتي لم يعد يسلم منها للأسف حتى الخطاب الديني "الرسمي" في البلد !.
أما المبدأ الثاني من مبادئ المدرسة الجمهورية وهو مبدأ "الحياد الاجتماعي للمدرسة" فهو مبدأ في غاية الأهمية بالنسبة إلى واقعنا الذي يطبعه الانقسام و التعدد على أكثر من صعيد. والمقصود بالحياد الاجتماعي للمدرسة هو ألا تقتصر التعاليم والخدمات التي تقدمها على خدمة مكون معين دون المكونات الأخرى لأي سبب مهما كان أو تؤدي إلى نمو غير طبيعي لأجزاء معينة من الجسم الاجتماعي وضمور أجزاء أخرى وهذا يعني أن تكون المدرسة والتعليمات التي تقدمها على مسافة واحدة من الجميع وأن تقدم نفس الخدمة وفي نفس الظروف وبنفس مواصفات الجودة لجميع مكونات المجتمع (les mêmes enseignements dans les mêmes conditions ) وفقا لفلسفة تأخذ في الاعتبار النظام الكلي للمجتمع أو ما يسمى بالهوية الجامعة (l’identité inclusive) ما يحدث لدينا نحن الآن هو أن المدرسة على العكس تعيد إنتاج الفوارق الاجتماعية لأنها لا تمنح فرصا متساوية للجميع وخصوصا وبشكل أكبر لأبناء ضحايا الاسترقاق وللكثيرين غيرهم لأسباب موضوعية تحدثنا عن جزء منها من قبل.
المبدأ الثالث هو مبدأ تأسيس تراتبية اجتماعية قائمة على الأهلية الفردية (La méritocratie) وهو ما يقطع الطريق على كل المزايا المكتسبة من المكانة الموروثة أو التي ساهمت فيها عرضية الظروف الاجتماعية والتاريخية.ويتم التعبير عن هذا المبدأ من خلال مساواة جميع التلاميذ ومن كل الأوساط أمام الفرص والسماح لهم بإظهار مهاراتهم وكفاءاتهم التي قد تؤهلهم في المستقبل إلى لعب أدوار إيجابية في النهوض بمجتمعهم وإلى التفكير في القضايا الجامعة. ويؤدي الإخلال بهذا المبدأ إما إلى ضياع النبوغ والعبقرية لدى البعض لعدم وجود الحد الأدنى من الظروف المناسبة التي تساعدهم على الظهور والانبجاس أو إلى استفادة البعض الآخر من غير وجه حق بفعل عوامل خارجية عرضية أو وراثية لا تمت إلى الكفاءة أو إلى المدرسة وتعاليمها بصلة.
المبدأ الأخير من مبادئ المدرسة الجمهورية هو مبدأ تكوين الفرد المستقل استقلالا ذاتيا. ويعني ذلك أن المدرسة الجمهورية تعمل على خلق نوع من الوعي الحر لدى الأفراد إزاء الموروث الاجتماعي السلبي ومقاومة كل النزعات المناهضة للكيان الجمهوري أو التي تنازع الدولة في وجودها وهي في الحالة الموريتانية مختلف النزعات القبلية والجهوية والفئوية والعرقية والطائفية إلخ. وإذا ما تأملنا في هذا المبدأ وجدنا أنه من أكثر المبادئ أهمية في حل الكثير من مشكلات المدرسة الموريتانية التي يبدو أن لديها عجزا في أهم وظائفها وهي وظيفة الاندماج الاجتماعي وتكوين أفراد يؤمنون بالدولة ككيان جامع يتجاوز جميع الكيانات الموازية لها أو السابقة على وجودها.
بناء على ذلك وعلى الرغم من طغيان الطابع الأيديولوجي على النموذجين التعليميين (المحاظر النموذجية والمدرسة الجمهورية إلا أن النموذج الثاني بفعل حداثته وبفعل المزايا الكثيرة التي يوفرها يبدو هو الأقرب والأكثر ملاءمة إلى معالجة الاختلالات في منظومتنا التعليمية لكن ذلك الأمر يقتضي منا تحيينه وتكييفه مع طبيعة الأهداف المرسومة والتي تأخذ في الاعتبار طبيعة الكائن الاجتماعي أو الإنسان النموذجي الذي نريد صناعته.
وبالفعل فإن تقوية وجود الدولة وفرض الروح الجمهورية في مقابل العقلية القبلية أو الجهوية أو العرقية أو الشرائحية وغيرها من عوامل التخلف والانقسام سواء الموجودة منها في العقليات أم في الواقع تبدو اليوم أهدافا عليا يجب أن يسعى أي نموذج تعليمي إلى تحقيقها وإلا فلن تكون له أي فائدة على التنمية أو التماسك المجتمعي. ومن هنا ضرورة نشر الأفكار الجمهورية لتقف سدا منيعا أمام سلبيات الماضي كلها (سواء تعلق الأمر منها بالتقاليد الاجتماعية السلبية المرتبطة بالعقلية القبلية والرق ومخلفاته أو تعلق الأمر بالنزعات العرقية أو الخصوصانية) التي لا تزال كلها حاضرة بقوة في الواقع الاجتماعي وهو ما يجعل المدرسة فضاء يتردد من خلاله صدى صوت الجمهورية والبناء الكلي للمجتمع والحصن الحصين ضد إعادة إنتاج تلك الأنماط السلبية من العلاقات الاجتماعية التي لم تعد مقبولة في الوقت الحاضر وعلينا أن نفهم ذلك.