تستقبل مدينة نواذيبو منذ سنوات مئات الأفراد من المواطنين الصينيين ، الوافدين للعيش في المدينة الشاطئية عبر مزاولة أنشطة متفرقة تتفاوت مركزيتها في قطاعات الصيد و الفندقة و التجارة و الملاهي.
و قد ظهرت الأعداد الأولى للوافدين الصينيين مع بداية " الثورة البحرية " التي عاشتها العاصمة الاقتصادية منصف ثمانينيات القرن الماضي .
حيث تضاعفت الشركات المختصة بالاقتصاد البحري ، و زادت حاجيات المستثمرين فيه إلى تقنيين و خبراء من دول شتى لتطوير أعمالهم.
و اغتنم بعض المستثمرين الصينيين الأوائل في المدينة هذه الفرص " المهمة " و عبؤوا رؤوس أموالهم للاستفادة من المنتوج البحري الموريتاني و الظفر بنصيب من الإقتصاد الجديد" المزدهر " ، و ظهرت شركات هنا و هناك منها ما يعمل بشكل مباشر في المجال و منها ما يوفر العمالة الصينية للمستثمرين من جنسيات أخرى ، ( موريتانيين و اوروبيين ).
و خلال العشرية الأخيرة تضاعف الوجود الصيني بعاصمة ولاية دخلة نواذيبو ليصل حسب بعض المتابعين إلى بضعة آلاف متقدما على الإسبان المقيمين في عاصمة الصيد البحري ، و ارتفع عدد المغتربين الصينيين بالمدينة بشكل خاص بعد إنشاء شركات عملاقة مثل " هوندونغ " التي تشغل لوحدها قرابة نصف الصينيين العاملين في مجال الصيد .
و مع ازدهار صناعة دقيق السمك ( الموكا ) بالمدينة ظهرت شركإت أخرى و وسطاء صينيين في القطاع يصيدون الأسماك الخاصة بالدقيق و يشترونها من آخرين لتصنيعها.
و لم يكتفي الصينيون بمجال الصيد فحسب بل طرقوا باب الخدمات الفندقية و التجارة العامة ، و خلقوا " ماركة " صينية في المطبخ بنواذيبو ، و جذبت مطاعمهم الممتدة على شارع الإستقلال مئات الزبناء الموريتانيين و الأجانب خاصة الأوروبيين المقيمين .
للصينيين نصيب الأسد من الملاهي الليلية بحي " كراع النصراني " حيث يقيم غالبية الأجانب الآسيويين و الأوروبيين ما جعل بعض السكان يطلقون عليه تسمية " شينا تاون "، و تشهد هذه الملاهي رواجا كبيرا في تلك الأوساط و لدى بعض أفراد الطبقات الغنية و المتوسطة من الموريتانيين ، كما تصفها بعض المصادر بالمورد الأول للمشروبات الروحية في المدينة و كذلك لبعض الممارسات " المحظورة "محليا.
و في التجارة يشارك التجار الصينيون في تغيير واجهات الأسواق عبر عديد المحلات التجارية ، و تبدو للعيان متاجرهم المعنونة باللغة الصينية ، و بداخلها تباع منتوجات "دولة ماوو " ، من أغذية و صناعات بلاستيكية و رخامية ( أواني منزلية و أدوات المطبخ و الألعاب و الديكور ) ...
الصينيون في نواذيبو منغلقون على أنفسهم و غير مختلطين بالسكان المحليين ، و يتهمهم البعض ب " الشوفينية " و يقولون أنهم لا يتبضعون من غير متاجر مواطنيهم و لا يزورون سوى مطاعمهم، كما يتهمون علنا بتفضيل العمالة من دول غرب إفريقيا على حساب الموريتانيين إذ أنهم لا يشغلون في مؤسساتهم سوى أجانب و خاصة من جمهورية مالي و السينغال( عمالا يدويين و حراس عمال بيوت و مساعدين ... )، يقول المتهمون .
باباه ولد عابدين – نواذيبو - مراسلون