تتداول بعض الصفحات حديثا عن وساطات إصلاح تؤدي إلى فتح مركز تكوين العلماء وجامعة بن ياسين، هو حديث يرجو كل وطني صدقه فلا مصلحة للوطن في زيادة أزمات هي أضعاف أضعاف ظباء خداش.
كنت ممن يأمل ذلك غير أن أمرين جاءا متزامنين تفصل بينها ساعات عكرا على ذلك، ورحجا عدم صحته، هما:
1- مواصلة الكنتي النفخ في كير فتنته، ولو أنه علم توجها جديدا للحكومة وهو الأمين العام المساعد لها، للاذ بالصمت إن لم يلبس عباءة ذلك الموقف.
2- مقال مستشار الوزير الأول زميلنا محمد سيد عبد الله الذي عنونه بعنوان "انتهت المشكلة ..! " وقد صاغ العنوان بتعجب مراده المبالغة في النفي، -والمستشار مؤتمن - قائلا بحروف بالغة الوضوح في تعليق على رسالة الشيخ الددو "لا أعتقد أن يكون لتسجيله - الذي أوضح من خلاله أشياء مهمة نقاسمه الرأي في الكثير منها ونخالفه في كثير منها - أي تأثير على الإجراءات المتخذة ضد الهيأتين".
هذا التأكيد من مستشار الوزير الأول يؤكد ما ذهب إليه الصحفي المتميز محمد محمود أبو المعالي من أن حكومة الوزير الأول حكومة تأزيم وكأنها تود قطع الطريق على كل حديث له علاقة بالتهدئة.
بالغ زميلنا المستشار في منزلة الشيخ الددو العلمية ووصفه بأنه لا معقب لفتاواه فيما لا علاقة له بالسياسة، ولقد أفادني في هذه فما كنت أظن الشيخ إلا أحد أكابر العلماء من أقواله العلمية المسلم وهو أكثرها، والمناقش وهو موجود تأكيدا، يستوي في ذلك أحكام الحيض والأسواق المالية والعلاقات الدولية وغيرها ....
يرى المستشار أن الشيخ "عندما يتحدث عن عدم وجود أي علاقة بين المؤسستين وجماعة الإخوان المسلمين وحزب تواصل نتساءل عن مرد هذا التصور، هل غالط الإخوان الشيخ ؟ أفتنوه ومنهم الفتانون ؟" والواقع أن الشيخ لا يغالط ولا يغالط، والحديث عن تاريخ الإسلاميين وما لاقوا في سبيل التشريع السياسي، لا يصلح دليلا على تفرع الحزب عن مركز وجد قبله.
المؤسف أن شخصا بمنزلة المستشار محمد سيدي عبد الله ينزل إلى مستوى إسحق الداه في الحديث عن أن " لجسم الحزب أذرعا تربوية وتعليمية أشار إليها معالي الوزير محمد الأمين الشيخ، و أجنحة مالية على هيئة بنوك غير مرخصة، واستثمارات في مجالات النقل بمختلف أنواعه، وجمعيات ناشطة في المجتمع المدني وأياد في جيوب أخرى." ونسي المستشار أنه ترأس مركزا كان أغلب من فيه من الأغلبية وتلقى مستويات من الدعم المادي والمعنوي من الحكومة، وإن كان إسهام أفراده كان سخيا، ودليلا على أن الناس تبذل في ما تقتنع به اقتناعا تاما، وقد كتبت له نشيدا وتشرفت بتكريم منه، فهل ذلك المركز ووريثه الذي تدير اليوم يا زميلي العزيز ذراع لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، لوجودكم أنتم ومن معكم ممن تعرف وأعرف في قيادته؟، وهل وجودكم في قيادته مخالفة قانوية؟ وإني لأشهد بالله شهادة أسأل عنها يوم القيامة أن مركز تكوين العلماء أبعد من السياسة من مركزكم؟ أم أنكم تبيحون لأنفسكم ما تحرمون على سواكم.
أخيرا أنبهكم عزيزي المحترم أن الهبة التي قام بها الموريتانيون إنما واجهت الحكومة، وقد جعلتها في عزلة وهي هبة شارك فيها كل الطيف الوطني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من سلفيين وصوفيين وشيوخ محاضر ومثقفين وأحزاب سياسية وقوميين من ناصريين وبعثيين وانعتاقيين ويساريين...كلهم أنكروا ما قامت به حكومة مستشيركم، نعم ما زال يدافع عن موقف الحكومة أيتام القذافي، وثلة متضجرة من قيم المجتمع وهويته، ومن تجندهم الحكومة عادة من هيئات وأفراد للدفاع عن مواقفها مهما كانت، فمتى ترعوون وبخدمة الوطن لا تأزيمه تشتغلون؟.
محمدن الرباني