التراويح "23"
يكمل الإمام حصتنا من سورة "يس" وهي السورة الوحيدة في افتتاحيتها بحرف الهجاء "يس" وهي مكية تتناص مع "فاطر " في كثير من المواضيع نحو ذكر النذير في الأولى "وجاءكم النذير " وفي "يس" وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير " وكذلك ذكر الشمس والقمر ففي الأولى "وسخر الشمس والقمر كل يجرى "وفي الثانية " والشمس تجرى لمستقر لها " والقمر قدرناه منازل "وفي المعانى تتحدان في عدد من الأهداف العامة والتوجيهات الكريمة؛ تعالج السورة مواضيع عدة منها افتتاحيتها الإعجازية للعرب عموماولقريش خصوصا "يس" وإعجاز القرآن والقسم به ؛لتتحدث عن إعراض معظم العرب عن الدين القويم؛ وترد على بعض سذاجهم مثل "أبي بن خلف " قال من يحيى العظام وهي رميم؛قل يحييها الذي أنشأها ..."
وتذكر السورة خبر أهل القرية "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ..." وضرب المثل بها لفريقين أهل حق وباطل وكيف كان مصير كل منهما...
لتبسط السورة قضية المعتقد التى ركز عليها الوحي المكي "البعث والنشور " وتثبتها بالأدلة؛ثم ساقت الآيات توحيد الله وحجيته المتمثلة بالنعم الكثيرة الجليلة؛المبثوثة كونا يراها المبصرون ليلا ونهارا ....
"قالوا إنا تطيرنا بكم " سوء القول وفساد الرأي وحجة المغلوب؛وخطاب العيي؛"قالوا طائركم معكم " ثقة النفس وقوة الحق والصدق في المبدئ والشجاعة في الحق..
"وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " المناصرة لا مكان لها ولا زمان؛والسعي للخير خير من التريث فيه وقوله تعالى:"يسعى" تدل على المسارعة وبعد مكان الانطلاق وعلى كبر المدينة وعلى نصيحة الأهل "ياقوم " ....
ثم مصير المكذبين"إن كانت إلا صيحة واحدة فإذاهم خامدون "
وتكررت كلمة "صيحة" للحياة"إن كانت إلا صيحة واحدة فإذاهم جميعا لدينا محضرون" وللموت"إن كانت إلا صيحة واحدة فإذاهم خامدون"تبيانا لقدرة الله جل جلاه واثباتا لقضية البعث والنشور؛وفي سورة الأحزاب كانت الأمانة"إنا عرضنا الأمانة"وهنا يأتي العهد "ألم أعهد إليكم يابني آدم " وفي ذلكم بلاغ من ربكم ولعلكم تتفكرون ...
وتختم السورة بنعم الله على العباد من تذليل الأنعام؛ وخلق الإنسان من نطفة؛والشجر لتوقد منه النار؛ لتكون دلائل على توحيده وربوبيته "فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيئ وإليه ترجعون "
سورة "الصافات "
هي مكية كسابقتها تماثل افتتاحيتها نهاية "يس" من أوجه عدة؛تهدف لمايهدف إليه القرآن المكي من تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وإثبات الأمور الغيبية؛وتنزيهه جل شأنه عن النقائص تعالى عن ذلك علوا كبيرا؛تقص في آيها خبر "نوح وإبراهيم وبنيه وموسى وأخيه وإلياس ولوط ويوس " تبيانا لنصرة الله لهم ونجاتهم من المحن والكروب؛دروسا للمؤمنين وتنويرا لهم في متقلبات الحياة لاحقا ...
وتركز السورة على قصة "إبراهيم مع إبنه" وقصة الذبح والفداء؛لنستنتج منها أمورا:
-طاعة لله والاستسلام له
-الصبر وفوائده
-البرور وثمراته
-النشأة الصالحة وقيمتها
وفي قصة "يونس" تبيان لأهمية التسبيح ؛وكيف يفرج الله به الكروب ويتركها كأن لم تكن "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون"
ويدل قوله تعالى "فنبذناه بالعراء"على أن النجاح و النصر والتمكين يمر بمراحل تدريجية ينتظرها العقلاء؛فربنا جل جلاله قادر على إخراجه من بطن الحوت لقومه ورسالته معززا مكرما ومباشرة ...
وتتماثل لفظة "والصافات" مع "وإنا لنحن الصافون" ولذلك دلالة قطعية في غرض السورة وهدفها والله تعالى أعلم ...
"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ..." ذلك عهد من الله قطع به على نفسه للرسل وأتباع الرسل من غير نقض ولا تبديل "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين "
سورة "ص"
هي مكية أيضا تكمل سابقتها بقصة داوود وسليمان حيث لم تذكرهما السورة السابقة مع الأنبياء المذكورين بها؛تركز على أمور التوحيد والوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والحساب؛تصور المجتمع المكي حين نزولها تصويرا دقيقا بليغا"فنادوا " وانطلق الملأ" ماسمعنا بهذا" تمثيلا لحالهم بحال " قوم نوح وعادوفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب ليكة" تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ...
لتكون قصة داوود وأيوب ومنهما نأخذ هذه العبر :
- العدل "وهل أتاك نبأ الخصم ..." الآيات تعلم القضاء العادل وتقره لأنه شرط في بقاء المجتمعات والأمم "فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى"
-الصبر : وأذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسني الشيطان بنصب وعذاب ..." والنتيجة "ووهبنا له أهله ومثلهم معهم "
والدواء"أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب" فلم لا يدرس هذا الدواء وتنجز عنه البحوث ؟
ثم يكون ذكر رسل من رسل الله وما خصهم الله به وكيف كانت خاتمتهم "جنات عدن مفتحة لهم لهم الأبواب.."
ثم يأتي تبيان المعايير البشرية "قالوا مالنا لانرى رجالا" ثم الحديث عن إبليس اللعين ووساوسه وغوايته...
"إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين "
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك