تعليق على جزء التراويح "22" / الدكتور إفاه ولد الشيخ ولد مخلوك ـ المدينة المنورة

أربعاء, 06/06/2018 - 21:47

التروايح "22"

سورة "الأحزاب"

مدنية ترتبط بسابقتها ارتباطا وثيقا تفتح بنفس الغرض الذي انتهت به تلك ؛وتشد ذهن السامع لحدث تاريخي وقع سنة خمس من هجرته صلى الله عليه وسلم؛ذلك أن قريشا حزبت الأحزاب لإبادة أهل المدينة؛وناصرتهم "بنو قريظة" فكان حدثا لم يشهد له مثيل في الكم والكيف والرعب "تسمت السورة به " تفتح السورة بوجوب طاعة الله؛وتحريم طاعة الكافرين؛وترشد إلى أنه لا أحد فوق النصيحة والتوجيه حتى ولو كان نبيا مرسلا؛ تأكيدا بالتمسك بالكتاب والسنة؛وأنه لم يجعل الله لأحد من خلقه قلبين؛تقنينا للسلوك والحركة والالتزام بالهدف المحدد وعدم التشتت؛ليكون منهج الشخص واحدا ووجهته محددة؛وتبطل السورة عدة مفاهيم كانت سائدة حينئذ "عادة الظهار ؛عادة التبني؛ لتقرر السورة ولاية النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين؛وأن أزواجه أمهاتهم؛وأن الإرث بالهجرة باطل؛فالنسب وحده هو معياره الثابت الشرعي؛وإسناد للوصية على المعروف وللأقارب آكد... وهنا نلحظ نكتة عجيبة في قوله تعالى "وإذ أخذنا من النبيئين ميثاقهم ومنك ومن نوح ..." قدم النبي صلى الله عليه وسلم لعظمته ومكانته وفضله عند الله ثم رتب البقية عليهم السلام ترتيبا زمنيا؛ولأن المقام عن التشريع وصاحبه هو محمد صلى الله عليه وسلم إذ الحديث في فترته ورسالته -والله أعلم - الصدق خصلة كريمة والكفر فعلة شنيعة؛.. ويظهر الإعجاز في قوله تعالى "ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله ..." في وصف هذه الآية لبداية الحدث ونهايته "إذ جاءتكم جنود " فأرسلنا عليهم " وتكون التفاصيل بعد النتيجة؛ مبينة تلك التفاصيل حالة المنافقين واصفين صمودالمؤمنين في وجه الأحزاب بالاغترار؛وتتخذ طائفة أخرى نمطا نفاقيا آخر؛يسوغون خذلانهم بحجج واهية ؛بأن بيوتهم عورة نقضا للعهد والميثاق؛ والله يعلم المعوقين "قد يعلم الله الموعقين منكم ..." في السلم السنتهم حدادا؛وفي الحرب تدور أعينهم جبنا وخوفا؛وهم أنفسهم أهل التاريخ المظلم فصاحب المقولة السابقة أخوه هو الذي منع الجيش الاسلامي يوم "أحد" من المرور في حائطه ويدعيان "مربع وأوس والدهم غيظي؛أسرة نفاق وشقاق؛ ايضاحا لحالة كثير من الناس بعد الخوف والبلابل "فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد" وهذه المحنة وغيرها مرجعيتها والأسوة فيها هو نبينا عليه الصلاة والسلام "لقد كان لكم في رسول الله " ثم بيان الصادقين فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وجزاؤهم عند الله بصدقهم ؛ وينتهي تحزب الأحزاب بالخزي وعدم الخير "لم ينالوا خيرا " وكفى الله المؤمنين القتال" ليتحرك الجيش الاسلامي إلى بني قريظة الذين ظاهروهم؛ويقذف الله الرعب في قلوبهم ؛وتكون الغنائم والنصرة والغلبة بسبب الإيمان والصبر ومرضاة الله ورسوله ... وبعد طمأنينة المجتمع الإسلامي والدولة كان ترتيب داخلي يخير فيه نساء النبي صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة؛ويلمح لفضلهن وفضل آل النبي صلى الله عليه وسلم؛ بيد أن السورة تعرض بعض الأحكام الزوجية "الطلاق قبل المساس " وتنظم حالة الناس مع بيوتات الرسول (ص)إقرارا للحجاب وفوائده على المرأة وأنه تكريم لها وصون وحضن؛ تهديدا للمنافقين بأكاذيبهم الرضيعة؛ وفي السورةتعظيم للقدوة المتمثلة في النبي (ص) والتنكيل بمن يؤذيه أي كان نوع الإيذاء الذي تكرر كثيرا في شكل أسئلة وأفعال بالسورة ... وهنا تكون الساعة من خصائصه جل جلاله علمها عند الله؛ وفي نهاية السورة يبين الله تفرده بعلم الساعة. ويذكر الإنسان بظلمه وجهله اللذين جعلاه يتحمل الأمانة بعد أن رفضتها جبابرة الكون "وكان الله غفورا رحيما " سورة "سبأ" هي مكية تسمت باسم مملكة سبأ التي ذكرت بها؛ تناسب ماقبلهالرتباطها بالأحزاب من أوجه عديدة؛تحدثت عن قدرة الله وعلمه بمافي الأرض "يعلم مايلج في الأرض" ثم إثبات البعث "وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة " ثم كان ذكر "داوود " عليه السلام وذكر تسخير الجبال له والطير والصناعة والريح وعين القطر والجن؛وبعد كل هذا لما توفي لم يعلم بموته ويكشفها إلا "الأرضة " دابة الأرض " تبيانا لأن العظمة والقوة والملك مصيره إلى الهلاك والموت والله وحده الباقي جل شأنه ... ثم يضرب المثل "بالسبئيين " لعبدتهم غير الله؛وعن انهيار سدهم الذي انهار قبل الاسلام بقليل؛"لقد كان لسبإ فى مسكنهم ..." "قل من يرزقكم من السماوات " فيها بيان الحجاج بين التابعين والمتبوعين؛كلهم يجعل اللوم على الآخر؛تقريرا لأسس التنازل في الحوار "وإنا أو إياكم لعلى هدى ..." ثم تبيان حال المترفين وعدم فائدة المال والولد مالم يكن معه العمل الصالح "وما أموالكم ولا أولادكم " وتبين السورة أن النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا ولا يطلب أجرا ماديا على دعوته؛ "ولو ترى إذ فزعوا فلافوت " إنها حسرة أهل الباطل بعد ماصحصح الحق وأمانيهم التى لن تكون "إنهم كانوا في شك مريب " سورة "فاطر " وهي تنزيل مكي يرتبط بسابقه بالمصحف وسابقه بالتنزيل "الفرقان " غير أنه لما كانت نهاية "سبأ" بمصير المكذبين لزم أهل الحق حمد الله فافتحت به فاطر وتكرر مرارا "فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" دلت السورة على قدرة الله ؛وتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم شأنها شأن المكي كله؛ثم كان الأمر للناس بالتمسك بالفضائل "ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ..." وأن الإنسان محاسب على فعله فقط "ولا تزر وازرة " ثم التماثل بين "البصير والأعمى والظلمات والنور والظل والحرور والأحياء والأموات " لتكون أمثلة لعدم تساوى الحق مع الباطل وأنى لهم التساوى ! لتبين السورة بعضا من آيات الله في الكون والأمم الفارطة؛وتلك آيات بينات "ماترك على ظهرها من دابة " تخويفاووعظا؛وكل مانفعل ومايعظنا به ربنا يعلمه "فإن الله كان بعباده بصيرا"

الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

تصفح أيضا...