تعليق على جزء التراويح "18" / الدكتور إفاه ولد الشيخ ولد مخلوك ـ المدينة المنورة

سبت, 02/06/2018 - 21:56

التراويح "18"
سورة الفرقان من التنزيل المكي تهدف لمايهدف إليه من إثبات التوحيد والبعث والنشور وتثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وإن كان نزولها غير ترتيبها بالمصحف غير أنها تناسب السورة التي قبلها تنسابا عجيبا بديعا؛فقد اختتمت النور بوجوب متابعة المومنون للنبي صلى الله عليهم وسلم وبعض الآداب المتعلقة بذلك ؛فكانت فاتحة الفرقان مدحا للنبي صلى الله عليه وتنزيل الكتاب عليه؛وفي كل من السورتين وصف السحاب وإنزال المطر وإحياء الأرض ؛وتقاسمت النور مع الفرقان ضياع أعمال أهل الكفر ففي الأولى "والذين كفروا أعمالهم كسراب " وفي الثانية "وقدمنا إلى ماعملوا من عمل ..."
وتهدف السورة إلى سوء عاقبة تكذيب الرسل وبيان بعض مالقيه صلى الله عليه وسلم من تكذيب لرسالته ؛وتثبيتا له وتنويرا لدعوته بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام ...
جاءت تسميتها بالآية الأولى منها لأنها تفرق بين الحق والباطل بالدين والقرآن والحجج الدامغة،
تكررت لفظة القول "وقال الذين كفروا "وقالوا أساطير الأولين ..." قالوا سبحانك "قلنا "قل" 
ليبين الوحي -والله أعلم -أن صاحب الحق لا يخاف الحجة ولا يكترث بالأقوال والشائعات والترهات ؛ وليس لديه مانع من الأخذ والرد في النقاشات الموضوعية الهادفة .....
وبها تخويف المكذبين حيث النار وصوتها المهلك "إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا "  وهنا تبين السورة سوء التعلق بغير الله في أكثر من آية وبأكثر من أسلوب ...لتصف السورة موصوفها بالجرم "لا بشرى يومئذ للمجرمين "
ونقف مع السورة عند هجر الناس للقرآن معانيه دلالته قصده تربيته سلوكياته أوامره نواهيه "وقال الرسول يارب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا" ليبين الله أن عدم تنزيل القرآن دفعة واحدة لتثبيت قلب النبي مسايرة للحياة شمولية لما في الدنيا وماكان وما سيكون؛"كذلك لنثبت به فؤادك ..." وتذكر القصة موسى وهارون بلفظ "وجعلنا معه أخاه هارون " والحكمة من ذلك والله أعلم أن الأصل في الرسالة "موسى " وشد عضده بهارون ؛لتكون الفكرة لصاحبها والأمانة تقتضى بيان ذلك ؛وتلك ارشادات للحياة ونهجها وتعاملاتها لعلكم تعقلون .
"وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك ..." إنه كتاب الله وأسلوب رب العالمين وحكم الخالق يعظنا بها؛تبيانا لحالة قريش مع. رسولنا صلى الله عليه وسلم "وإذا رأوك إن يتخذوك إلا هزوا ..." تلك عادة المكذبين في غابر الزمن وحاضريه إذاك ومستقبله الذي نعيش نحن فيه ؛
لتقرر الآيات معنى البشرية ومعنى السمع والبصر "وأنهم أكثر من حاسة " والعقل ليس مادة صنوبرية فقط " أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون؟ ..."
وترشد السورة لآيات الله في كونه " الظل " الليل ؛النوم ؛النهار ؛الرياح ؛السماء ؛المطر ؛البحر ؛خلق الانسان ؛خلق السماوات والأرض في ستة أيام" وحق لخالق هذا أن يسجد له فكانت السجدة بالسورة "تبارك الذي جعل في السماء "ذكرا لبعض الآيات "السراج ؛القمر ؛
وتختم السورة بصفات لعباد الرحمن "وعباد الرحمان الذين يمشون "إن هذه الصفات لتقرر الخطوط العريضة للسلوك والمعتقد والإنسانية وحقوق الغير ؛والبذل والعطاء وباقي التعاملات تبعا لها وهي المنهج الملزم"فسيكون لزاما "
سورة "الشعراء" 
هي ايضا من السور المكية وهدفها نفسه الذي بين ؛ افتتحت بنفس افتتاحية سابقتها واختتمت بنفس الخاتمة في المعانى والمقاصد طبعا ...
فصلت مجمل مافي السورة الآنفة الذكر ؛بينت أمور عدة منها :
-الاستدلالات الكثيرة مثال ذلك النباتات وأطوارها المتنوعة 
-قصص بعض الأنبياء لغرض التنزيل المكي 
-بينت أن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ غير أن في السورة آيات مدنيات تناسب أيضا السورة التى قبلها في التنزيل فهي قد نزلت قبلها "الواقعة " فسبحان المقتدر جل جلاله .
كانت فاتحتها "طسم " وهي من الحروف المتقطعة بينها في أول تعليق من هذه التعاليق ؛ ثم مدح الكتاب المبين؛ ثم بيان حرص الرسول(صلى الله عليه وسلم) على اسلام البشرية "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين " .
ليكون صدر السورة لقصة موسى عليه السلام  وفرعون " وصراع الحق والباطل والقوة الغاشمة مع ضعف الجهد وقوة اليقين بالله؛تبيانا لوقفات التدرج في الهدف "ففرت منكم لما خفتكم ..."  ثم المحاججة المبينة موضحة لذلك ...
ثم إن الأكثرية دوما على غير صواب "قال للملإ حوله " وأن البطانة السيئة مهلكة مفيدة "قالوا أرجه وأخاه ..." وفيها تثبيتا لأصحاب الغاية الشريفة "لا ضير إنا إلى ربنا ..." 
لتكون الوسيلة والحيلة  "أن أسر بعبادى إنكم .." فكان الإيمان والتعلق بالخالق حاسم للمعركة والمواجهة ؛وهو كذلك في كل زمان ومكان .
ثم هاهو خبر ابراهيم عليه السلام؛وطموح الشباب واستقلاليته وصدقه واقدامه لصيرورة الإضافة الكونية الحياتية بربطها بتعاليم الوحي خوفا وطمعا؛
"كذبت قوم نوح المرسلين " هكذا طباع البشر ومواقفهم من الأفراد غالبا لكن الحق يعلو  الباطل ولو بعد وقت وجهد .
وهو شأن" نوحاوهود وصالحاولوطا وابراهيم  "عليهم السلام؛ ووعظهم لأقوامهم ببيان بعض الآيات الدالة على العبرة والتفكير؛ترشيدا بعد ذلك لشخصية الداعية والانسان السوي "أوفوا الكيل" وزنوا بالقسطاس " ولا تبخسوا"ولا تعثوا في الأرض "واتقوا الذي خلقكم "
وهذه رسالة رسل الله وتوجيهاتهم الباقية المستمرة باستمرار الجنس البشري والكون ...
غير أن الشياطين تتنزل على كل أفاك أثيم " وفي تلك الصفات من الثبور والخزي ماربك به عليم؛وليس الشعر عيبا إنما ليكون الوحي بغير مخالط محض الدلالة محض الإعجاز "وما علمناه الشعر " واستثناء العمل الصالح للصفة هو مربط "الشاعر والكاتب والنحار والفلاح وغيرهم ....
"وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون " 
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

تصفح أيضا...