تشترط نساء موريتانيات على من يتقدم لخطبتهن، ألا يكون له سابق زواج، وألا تكون له نية الزواج مرة ثانية، وهو الشرط المعروف اصطلاحا بموريتانيا "لا سابقة ولا لاحقة".
هذا الشرط، الذي عرفت به "الشريحة العربية" في موريتانيا، يثير جدلا، بين من يتبناه من منطلق حق المرأة في اختيار زوجها والشروط التي ترغب في توفرها في شريك حياتها، وبين من يرفضه، انتصارا لحق الرجل في التعدد، بحسب ما "أحلّه الشرع الإسلامي".
يتيح هذا الشرط للنساء في موريتانيا، طلب الطلاق أو الخلع في حالة ما إذا أخل به الرجل، فهو بمثابة رادع للرجل وحامي للمرأة، التي عقدت قرانها بناء على امتثال الرجل لشرطها.
دعم فقهي
ورغم تدخل المجلس الأعلى للفتوى والمظالم، لدعم شرط "لا سابقة ولا لاحقة"، إلا أن الجدل الذي حصل بخصوصه، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض.
إذ أفتى المجلس، وهو هيئة رسمية تابعة للرئاسة، بجواز اشتراط المرأة المقبلة على الزواج، ألا يكون للمتقدم لها زوجة أولى، وألا يتزوج عليها، وأعطى لها ولوليّها حق طلب الطلاق وفض رابط الزوجية.
بالمقابل، ارتفعت أصوات معارضة، ومطالبة بتجاوز هذا الشرط، "الذي ليس له أي أساس ديني"، إذ، طالبت شخصيات بارزة في مدينة كرو شرقي موريتانيا، بضرورة تجاوز هذا الشرط.
"العادات ليست معتقدات، والتقاليد أمور اصطلح عليها الناس، لكنها تتحول وتتبدل حسب الظروف"، يؤكد البيان الذي تناقلته وسائل إعلام.
تفكك الأسر
يرى الباحث الموريتاني، محمد الحافظ الغابد، أن شرط "لا سابقة ولا لاحقة، من الشروط التي تتسبب في الطلاق كثيرا، فهو يؤدي إلى تفكك الأسر"
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، أوضح الغابد أن بعض الفقهاء، والقضاة، هم من أعطوا هذا الشرط دعما فقهيا وقانونيا، "رغم طابعه غير المؤسس".
"هذا الشرط، يتسبب في خروج المرأة من مستوى الشراكة مع الرجل إلى مستوى الاستفراد بالقرار" يؤكد ذات المتحدث.
ويتابع الغابد أن "الكثير من النساء ذوات الجمال، وقوة شخصية، يتشددن اتكاء على هذا الشرط فيزددن تسلطا، مما يتسبب في الطلاق"،بسبب ثقافة موروثة تستند على "فروع متجاوزة" على حد قوله.
قاعدة قانونية
وترفض جمعيات نسائية موريتانية هذا الطرح، إذ نددت منظومة نسوية من مدينة كرو شرقي موريتانيا، ما يذهب إليه المعارضون لشرط الموريتانيات، وجاء في بيان وقّعته 59 امرأة: "نقول بلسان واحد وقلب واحد لا وألف لا، لن نقبل أن تجعلونا دمية باسم السنّة والدين".
الرأي ذاته، تنتصر له الناشطة، والمدافعة عن حقوق المرأة الموريتانية، مي مصطفى، لكنها ترى أن الشرط، وبالرغم من أنه ينتصر للمرأة نظريا، إلا أنه لا يخدمها في واقع الأمر.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، كشفت مي مصطفى أن شرط "لا سابقة ولا لاحقة" غير ملزم قانونيا، وهو بذلك ليس له أي أثر على واقع المرأة في موريتانيا.
"يغلب عليه الطابع الديني غير الملزم في جميع الأحوال"، تؤكد مي مصطفى قبل أن تردف "الكثير من الرجال يتحايلون عليه بالزواج سرا".
وتؤكد ميّ، "دليل ما أقول هو مطالبة بعض الموريتانيات بسن قانون وضعي يحدد آليات الزواج".
وفي معرض حديثها، أوضحت المتحدثة أنه من غير الممكن تنظيم علاقات مجتمعية بناء على شروط "وهميّة" على حدّ وصفها، مضيفة أنه "يتعين علينا تقنين زواج الرجل من المرأة الثانية وفق إرادة زوجته الأولى".
المصدر: أصوات مغاربية.