منسق المشروع القطري للآثار: البعثات إكتشفت (6) آلاف موقع أثري

أربعاء, 18/04/2018 - 13:01

د. صلاح محمد أحمدالمنسق العام للمشروع القطري للآثار:

لدينا محاولات لاقامة معرض للآثار السودانية في قطر تزامناً مع كأس العالم

اكتشفنا في “الضانقيل” بقايا تماثيل ملوك نبتة، ومروي الأولى في صناعة الحديد

هناك (41) بعثة عاملة، وتأهيل المتحف القومي في طور الدراسة

يمكن إعادة كتابة التاريخ بعد أن تضاعفت المساحات المنقبة (300) مرة

تم توفير الخدمات الأساسية لـ (13) موقع و(56) تم إحاطتها بالأسوار

السودان بدأ في اعداد ملفان لتسجيل دنقلا العجوز وكرمة في التراث العالمي

حوار: إيمان مبارك (smc)

يعتبرالسودان واحد من عشرة دول غنية بالجوانب السياحية في العالم، وذلك حسب تصنيف منظمة السياحة العالمية. وتعود الآثار في السودان الي عشرات الآلاف من السنين، وتوجد به ممالك مستقلة تعتبر أكبر مركز حضري وعمراني في إفريقيا جنوب الصحراء، بالاضافة الي وجود أكبر تجمع أهرامات في العالم في منطقة البجراوية حيث تضم أكثر من 300 هرم شاخص البناء.. المركز السوداني للخدمات الصحفية في هذا الحوار التقي د. صلاح محمد أحمد المنسق العام للمشروع القطري للآثار السودانية متحدثاً عن الانجازات التي تمت في المشروع الذي تم إطلاقه في عام  2012م .

ما بين البداية وحتى الآن.. ماذا حقق المشروع القطري السوداني للآثار؟

المشروع عبارة عن مبادرة كريمة من دولة قطر لتقديم منحة مقدارها (135) مليون دولار لصيانة الآثار واكتشافها.. بدا المشروع منذ شتاء عام 2013م وهو يتكون من عدة اجزاء ومدته خمسه سنوات لتمويل البعثات. في الموسم الاول (2013-2014م ) بدأ بتمويل 30 بعثة اثرية، في الموسم الثاني (2014-2015م) ارتفع عدد البعثات الي 41، كانت تقوم بالمسوحات لاستكشاف عن الآثار الجديدة والتنقيب في المواقع الاثرية والصيانة وترميم الآثار الصروحية. اضافة الي انشاء بنية تحتية لاستقبال الزوار في المواقع الاثرية ، وهناك مشروع اخر لتأهيل متحف السودان القومي ولازال طور الدراسة.. البعثات الاثرية مدة عملها خمس سنوات يفترض ان تنتهي في العام 2019م .

من ضمن المشروع ايضا “الاعمال الحولية” وهي بعثه تسمي بالبعثه الاثرية للاهرامات السودان مدتها سبع سنوات ، وهي تهتم فقط بالبحث والترميم وتحديد الاهرامات الملوكية  لمدة عامين وهي اربعة مواقع للاهرامات بكل من الكرو ونوري وجبل البركل وموقع اهرمات البجراوية، وسينتقل العام القادم ليشمل البجراوية ومناطق جبل البركل (هما الموقعين المسجلين في التراث العالمي).

ماذا عن الاتفاق واسهامات كل من الدولتين في المشروع ؟

المشروع يحكمة اتفاق موقع بين دولة قطر وحكومة السودان يتحدث عن حجم المنحة وتمويل البعثات وبناء المعسكرات والعمل في متحف السودان القومي ومدة المشروع نفسه، لا توجد التزامات علي حكومة السودان بخلاف تخصيص الارض في كل من ولايتي نهر النيل والشمالية لبناء المعسكرات عليها، بعد نهاية فترة المشروع كل الاصول من (سيارات ومعسكرات وبنية تحتية في المواقع) ستؤول الي حكومة السودان ممثلة في الهيئة العامة للآثار والمتاحف.

اين وصلت مراحل المشروع القطري لتنمية وصيانة الآثار؟

الموسم الرابع حتي الان لم ينتهي بعض البعثات مازالت موجودة في المواقع سيصل تقريرها في اواخر شهر ابريل.. بنهاية الموسم الثالث لدينا بعثات اثرية تعمل في المسوحات الاثرية ومسوحات في مناطق لم يسبق أن وجد فيها اثر اثري، من اهم المسوحات الموجودة بعثة سودانية تابعة للهيئه العامة للآثار والمتاحف تقوم بالمسح في الضفة اليسري للنيل من منطقة الدبة حتي سد مروي اي حوالي 150 كلم، إضافة الي بعثة تعمل في مسح وادي اب دوم (وهو الذي يربط مابين منطقة مروي الحديثة التي تسمي بصنم اب دوم حتي البجراوية) ويعرف بطريق الملوك.

ماهي حصيلة الاكتشافات الأثرية للمشروع حتي الآن؟

المواقع الاثرية الجديدة التي اكتشفت في الثلاث سنوات الماضية اكثر من 6 الف موقع اثري كان يمكن ان تزول حتي قبل اكتشافها.. سجلت ونزلت في الخرائط واصبحت معلومة لدي السلطات المحلية ومحمية، وجزء منها حدث له تنقيب جزئي والجزء الاخر سوف يحفظ للاجيال القادمة .

ايضا البعثات اصبحت تعمل بميزانيات كبيرة جدا مقارنة بالميزانيات المحدودة التي كانت تعتمد عليها قديماً من الجامعات، الان البعثات ميزانياتها تضاعفت عدت مرات مما مكنها من استيعاب عمال متخصصين وآليات اكثر اصبحت فترات التنقيب اطول، وبهذا اصبحت المساحات المنقبة اكبر بل تضاعفت اكثر من (300) مرة وهذا يعني زيادة في القطع الاثرية والمعلومات الاثرية التي تجعلنا نعيد أو نصلح في كتابة تاريخ السودان. في الثلاث سنوات الماضية تم اكتشاف آلآف القطع الاثرية منها اكثر من ألف قطعة مميزة  تصلح لأن تكون قطعاً متحفية.

ماذا عن عمليات الترميم؟

المشروع بجانب المسح والتنقيب قام بعمليات ترميم كثيرة بعضها معمارية شملت كنائس، معابد، بيوت ومساجد، اضافة الي ترميمات القطع الاثرية خاصه الرسومات الجدارية وقد رمم الكثير منها خاصة المسيحية في منطقة دنقلا العجوز وجبل البركل التي تعود الي فترة نبتة، اضافة الي ترميم الآف القطع التي كانت مهشمة ولاتزال عمليات الترميم مستمرة.

هل يمكن أن تعطينا قراءه لحصيلة المشروع بعد اكتماله؟

بعد اكتمال المشروع اعتقد ان العائد سيكون معرفه اكبر بتاريخ السودان، المعلومات التي تحصلنا عليها في الخمسة اعوام لا اعتقد اننا تحصلنا عليها في 100 عام، العمل الذي تم هو عمل مكثف بشكل كبير جداَ.. الان لدينا (13) موقع اثري صروحي به خدمات اساسية، في الماضي لم يكن في الولايات غير متحفين احداهما في البركل والاخر في كرمة “من ضمن المشروع تاهيل متحف كرمة “.

المشروع قام بحماية عدد كبير من المواقع الاثرية حتي الان تم بناء اسوار(56) موقع كانت مهددا بدخول الناس والعربات والامتدادات الزراعية والسكنية، عموما المواقع المهمة التي لم نستطع حفرها قمنا بحمايتها للاجيال القادمة، ففي نهاية الامر لايمكن حفر كل شي، الحفريات في السودان مستمره لاكثر من 120 سنة وحتي الان لم تتعدي 5%، المهمة الاساسية بالنسبة لنا الحماية ، لدينا بعثه مخصصة لرسم الخرط الاثرية للمواقع الاثرية وحمايتها ، وتم تنزيلها في الخارطة حتي لا يتم الاعتداء عليها.

ماهي ابرز الاكتشافات الاثرية؟

لا استطيع ان اعدد الاكتشافات لكثرتها.. لدينا بعثة تعمل في مروي في تقانة الحديد كلية لندن الجامعية، توصلت الي ان صناعة الحديد في مروي القديمة ” البجراوية ”  تعود الي الف سنة قبل الميلاد، وهذا يعني ان مروي من اوائل الدول في صناعة الحديد. اعتقد أن هذه واحدة من الآثار والاكتشافات المهمة التي  اضافت الي تاريخ السودان. وهناك كثير من الاكتشافات ما قبل التاريخ. توجد ايضا اكتشافات تثبت اننا من اوائل الصانعين للخزف ليس في افريقيا بل علي مستوي العالم في منطقة كرمة، واكتشفت كثير من الرسومات الجدارية المسيحية المكتمله في كنائس دنقلا العجوز التي كانت مغمورة بالرمال ، واكتشفنا في موقع الضانقيل بقايا من بعض تماثيل ملوك نبتة.

كم عدد البعثات العاملة في مجال الآثار في السودان وماهي طبيعة عملها؟

البعثات التي تعمل في المشروع (41) بعثة بها حوالي (120) من الكوادر السودانية التي تعمل مع البعثات الاجنبية من مفتشين وعمال. البعثات الاجنبية تضم حوالي عشره دول، بعثتين امريكيتين ، كندية ، بريطانية ، فرنسية المانية ، ايطالية و اسبانية، وهناك حوالي  (12) بعثة سودانية بعضها يتبع للهيئة العامة للآثار والمتاحف وبعثات تابعة للجامعات السودانية،  وجميعها كوادر سودانية من اساتذه وطلاب، هذا خلاف البعثات العاملة مع الهيئة القومية للآثار ، بعثه روسية ، ايطالية مشتركة وبعثه تشيكية.

 ما هي الخدمات المقدمة للمجتمعات المحلية؟

المشروع اهتم بالمجتمعات المحلية، المشروع بخدم سنوياً في اعمال المسح والترميم والتنقيب ما لايقل عن (1200) شخص، وبهذا اصبحت هناك علاقه وطيدة جداً ما بين المواقع الصروحية والسكان المحليين.. الآثار اذا لم يتفاعل معها السكان في المنطقه وتأكدوا انها اصبحت جزء من حياتهم وهم جزء منها  فأنها لن تحمي ولن يكون لها اي دور سواء اقتصادي او اجتماعي.

هل هناك مشاركات في المعارض العالمية من واقع هذه الإكتشافات؟

الدولة والهيئة العامة للآثار تشجع إعطاء آثارها لفترات محددة لمعارض موقتة.. وتمت المشاركة في اكثر من (8) معارض خارج السودان في كل من المانيا، هولندا، فرنسا، الولايات المتحدة الامريكية، كندا وشرق اوربا. والان سوف يكون هناك معرض كبير جدا في معرض اللوفر في بارس في 2020م ومنها سينتقل الي متحف مونتاريو في كندا ثم بوسطن في الولايات المتحدة الامريكية.. المشاركة في هذه المعارض ستساهم في نقل الحضارة السودانية لتلك الدول.

هل هناك فكرة لاقامة معرض في قطر تزامنا مع مونديال كأس العالم 2020م؟

لدينا محاولات لكن حتي الآن الاتفاق لم يكتمل، ومن ضمن الاتفاق بين الدولتين يمكن ان تستعير قطر قطع من السودان لعرضها. ونحن نتمني أن يتم ذلك لأن إقامة مثل هذه المعارض مكلف جداً وتحتاج علي الاقل إلى ثلاث أو اربع سنوات من الترتيبات ووضع ميزانية كبيرة.

هل المشروع يعمل علي اعداد مناطق ليتم تسجيلها في التراث العالمي ؟  

السودان سجل موقعين والقائمة الابتدائية التي تم عرضها علي مجلس التراث العالمي تحتوي علي ستة مواقع (كرمة، دنقلا العجو، صادنقا صولي، صاي، جزيرة سواكن) وقد بدات فعلا الاعداد لملفات دنقلا العجوز وكرمة ولكن حتي الان لم تكتمل، المشروع يعمل في جميع المواقع ماعدا موقع مدينة سواكن.

كيف تنظرون للمشروع القطري ودورة  في احياء التراث السوداني ؟

من خلال حجم التمويل السخي الذي وجدته البعثات الاثرية والفترات الطويلة للعمل في الحقل والامكانيات التي تساهم في تشغيل اكبر عدد من العاملين والمتخصصين، اعتقد انها تمثل اعادة إحياء كامل لتراث الآثار السوداني، تقريباً نحن نعمل اكثر من 300% من السعة التي كنا نعمل بها بالطرق التقليدية قبل المشروع. واعتقد أن الزخم الموجود هو اكتشاف لمواقع اثرية جديدة  وحفريات مكثفة الي عمليات الترميم في الصروح التاريخية ولكل اعمال النشر التي تمت بعدة لغات العربية، الانجليزية، الالمانية والفرنسية، هذا خلاف الاهتمام الداخلي بالآثار السودانية واعتقد تلك هي واحدة من المكاسب الكبيرة للمشروع القطري.

ماذا عن زيادة اقبال السياح الاجانب؟

نسبة اقبال السياح الاجانب زادة بصورة كبيرة جداً، وقد اكدت شركات السياحة العاملة في المنطقة ان حجم السياحة تضاعف بصورة كبيرة في الفترة الاخيرة .

في هذا الاطار يمكن القول أن البنية التحتية جاهزه لاستقبال الزوار؟

المشروع اهتم بالبنية التحتية للسياحة في المواقع الاثرية و اهتم ببناء (13) مركز لتعريف الزوار بالمواقع الاثرية مزودة بالخدمات الاساسية التي يحتاج لها الزائر اضافة الي موقع للشرطة للحراسة. في العام القادم نستهدف بناء(7) مراكز اخري ليكتمل العدد بنهاية الموسم الرابع الي (20) مركز معلومات.. كذلك قام المشروع ببناء فندقين في اهم موقعين في كل من البجراوية والبركل بمستوي خمس نجوم وبمواصفات القري السياحية، اضافة الي ذلك توجد بئر ارتوازية في كل موقع، عدد اثنين مولد كهربائي والاضاءة الداخلية للمعسكر بالطاقة الشمسية. وهناك حزام شجري ومساحة خضراء  ومعالجة للصرف الصحي في المعسكرات.

تصفح أيضا...