سناء القويطي-الرباط
رفضت محكمة مغربية الاعتراف بعقد زواج أبرم في إسرائيل ورفضت تذييله، أي إضفاء الصبغة التنفيذية عليه ليكون معترفا به أمام القانون المغربي، وعللت قرارها بكون المغرب لا يعترف إلى اليوم بدولة اسمها إسرائيل وبالتالي فمحاكمها غير متخصصة في إبرام عقود الزواج بين المغاربة المسلمين.
وكان مغربيان مسلمان قد تقدما عن طريق محاميهما في أغسطس/آب 2016 بطلب للمحكمة الابتدائية بمدينة صفرو (شمال شرق) قالا فيه إنهما أبرما عقد زواجهما في مايو/أيار 2002 بدولة إسرائيل وأنجبا أربعة أبناء، وهما يطلبان إصدار حكم يقضي بتذييله بالصبغة التنفيذية مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وأرفقا طلبهما بنسخة رسمية من عقد الزواج باللغتين العربية والعبرية وشهادة ميلاد الزوجة وصورة من بطاقة هوية الزوجة الإسرائيلية.
وبعد جلسات عدة قدم المحامي مذكرة جديدة يوضح فيها أن العقد المراد تذييله "محرر باللغة العربية وأبرم طبقا للشريعة الإسلامية وغير مخالف للنظام العام المغربي".
وفي حكمها، قررت المحكمة قبول القضية من حيث الشكل، إلا أنها من حيث الموضوع رأت أن عقد الزواج المراد تذييله "أبرم أمام سلطات إدارية محلية لا تعتبر ذات سيادة شرعية في إبرام مثل تلك العقود على المغاربة المسلمين وفق منظور النظام العام المغربي ومن ثم غير متخصصة قانونا" حسب نص الحكم القضائي.
وأضافت المحكمة أن المشرع المغربي "لم يعترف إلى الآن بشكل رسمي بسلطات إدارية لدولة تسمى إسرائيل"، ولهذا رفضت الطلب واعتبرته "مخالفا للنظام العام المغربي وغير قائم على أساس ويتعين رفضه".
مغاربة في وقفة احتجاجية سابقة ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام البرلمان المغربي (الجزيرة) |
التقدير للمحكمة
وأوضح محمد أمزيان رئيس مركز الدراسات القانونية والاجتماعية -الذي نشر الحكم القضائي على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي- أن التذييل بالصيغة التنفيذية تنظمه مجموعة من المواد القانونية المنصوص عليها في المدونة المدنية المغربية.
وتنص تلك المواد على أن الأحكام والعقود الصادرة عن المحاكم الأجنبية لا قيمة لها في المغرب إلا بعد استيفاء مجموعة من الشروط يجري في حال توفرها إصدار حكم قضائي من المحكمة يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي كما لو كان حكما مغربيا.
وهناك ثلاثة شروط، هي صحة الحكم الأجنبي والتأكد من اختصاص المحكمة الأجنبية والتحقق من عدم مساس الحكم الأجنبي بالنظام العام المغربي.
وبالنسبة للحكم القضائي في قضية المغربيين اللذين أبرما عقد الزواج في إسرائيل، أشار أمزيان إلى أن المحكمة لها سلطة تقديرية لتحديد ما هو مخالف للنظام العام، وبقرارها فإن صاحبي الطلب يعتبران غير متزوجين في نظر القانون المغربي.
عبد القادر العلمي: قرار المحكمة طبيعي وعادي لكون المغرب رسميا وشعبيا لا يقبل بوجود كيان اسمه إسرائيل (الجزيرة) |
قرار طبيعي
ورأى مناهضو التطبيع في المغرب هذا الحكم القضائي تأكيدا لموقف مغربي رافض للاعتراف بإسرائيل وتكريسا للحق الفلسطيني، ووصفه عبد القادر العلمي منسق مجموعة العمل الوطنية من أجلفلسطين بـ"الطبيعي والعادي" لكون المغرب رسميا وشعبيا لا يقبل بوجود كيان اسمه إسرائيل، ولا توجد أي روابط بين المغرب وهذا الكيان المزعوم رغم المحاولات التطبيعية المتواصلة.
وأشار العلمي إلى أن المغاربة أحرار في العيش في أي مكان في العالم، لكنهم حينما يهاجرون إلى كيان محتل وغاصب وإرهابي "فلن نفرق بينهم وبين من يلتحق بتنظيم داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) ويفترض إسقاط الجنسية عنهم ومحاكمتهم وليس أن نستقبلهم بالأحضان كما يحاول البعض أن يفعل"، على حد تعبيره.
وجدد العلمي المطالبة بإصدار قانون تجريم التطبيع الذي لا يزال مجمدا بعد سنوات من تقديمه في البرلمان، معتبرا أن "كل تعامل مع كيان إرهابي عنصري متورط في أبشع الجرائم لا يمكن أن يكون طبيعيا".
المصدر : الجزيرة