هل الأغلبية أولى بمحاربة الفساد من المعارضة؟ / محمد الأمين ولد الفاظل

أحد, 29/12/2024 - 18:31

قد يرى كثيرون أنه لا وجاهة لطرح هذا السؤال، ولكني على عكس الكثيرين، فإني أرى بوجاهة طرحه، وخاصة في بداية هذه المأمورية الثانية التي التزم فيها فخامة رئيس الجمهورية بمحاربة الفساد بشكل صارم.
فكما هو معلوم، فإن المفترض في الأحزاب السياسية الداعمة لأي رئيس، أن تعبر سياسيا وإعلاميا عن البرنامج الانتخابي للرئيس الذي تدعم، وأن تُعينَه ـ صدقا لا كذبا ـ على تحقيق أهم التزاماته الانتخابية التي نال بموجبها ثقة المصوتين له.
لقد التزم الرئيس محمد الشيخ الغزواني في برنامجه الانتخابي بمحاربة الفساد بشكل صارم، وفي اعتقادي الشخصي فإن الالتزام بمحاربة الفساد بشكل صارم كان هو الأكثر جذبا للمصوتين له، خاصة وأن الشعب الموريتاني لم يعد يحتمل الاستمرار في مهادنة الفساد والمفسدين، أو الاكتفاء في محاربته بشعارات ظلت تتكرر عهدا بعد عهد دون أن يسقط إلا القليل جدا جدا من الضحايا.
إن العقلاء في هذا البلد أصبحوا يدركون أن استقرار الدولة الموريتانية، إن لم أقل مصيرها بات مرهونا بمدى الجدية في محاربة الفساد والمفسدين، ولذا فقد قال رئيس الجمهورية في خطاب التنصيب بأن حربه على الفساد ستكون حربا مصيرية لا هوادة فيها، ونحن عندما نصف حربا ما في أي بلد من البلدان بأنها مصيرية، فذلك يعني أن مصير ذلك البلد سيكون مرتبطا بنتائج تلك الحرب.
نعم إن مصير بلدنا في السنوات القادمة سيكون مرتبطا بشكل كبير بمدى جديتنا ونجاحنا في حربنا على الفساد، ولن يكون أمامنا ـ إذا لم نكسب حربنا المصيرية على الفساد ـ إلا أن نقرأ الفاتحة على روح بلدنا الذي تحمل كثيرا ولعقود طويلة سوس الفساد، وهو ينخر أسس بنيانه وصموده، وصبر على ذلك أكثر مما يمكن أن يتحمل أي بلد آخر، وهو اليوم لم يعد قادرا على تحمل المزيد من نخر الفساد لما تبقى من مقومات بقائه وصموده.
 وبالعودة إلى السؤال العنوان، فيمكن القول بأن داعمي رئيس الجمهورية أولى من معارضيه بمحاربة الفساد، وذلك لجملة من الأسباب أذكر منها تحديدا:
1 ـ أن من يمارس الفساد هو طائفة من الأغلبية الداعمة للرئيس، فالمعارضة مع الاعتراف بأخطائها العديدة، إلا أنها ليست مسؤولة عن ما يقع من فساد، وذلك لأنها ـ وببساطة شديدة ـ  ليست هي من يسير شؤون البلد. المسؤول عن الفساد أخلاقيا وقانونيا وسياسيا في أي بلد من بلدان العالم  ـ وهذه حقيقة يجب أن تقال بصوت عالٍ ـ هو الأغلبيات الحاكمة التي تتولى تسيير شؤون الدول.
ولذا فما دام الفساد تُمارسه قلة من الأغلبية الداعمة للرئيس، فإن واجب محاربته يقع على الأكثرية الباقية من أغلبيته الداعمة؛
2 ـ أن محاربة الفساد تعتبر من أهم التزامات فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي (طموحي للوطن)، والعمل على تنفيذ هذا البرنامج تقع مسؤوليته على داعمي الرئيس لا على معارضيه؛
3 ـ أن من صوت على البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية أصبح يتحمل ـ وبشكل تلقائي ـ  المسؤولية الأخلاقية والسياسية، والإدارية بالنسبة لمن يشغل وظيفة إدارية، في تنفيذ واحد من أهم التزامات رئيس الجمهورية في  برنامجه الانتخابي ( طموحي للوطن)، والالتزام المقصود هنا هو الرفع من مستوى الحرب على الفساد إلى أن تصبح حربا مصيرية لا هوادة فيها، كما قال فخامة الرئيس في خطاب التنصيب. 
إن من حق كل واحد من ال 56% التي صوتت للمرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في الانتخابات الرئاسية الماضية، من حقه أن يفتخر بأنه شريك في كل ما سيتحقق من إنجازات من برنامج رئيس الجمهورية خلال المأمورية الحالية، وهذه الشراكة في شرف الإنجاز نالها بسبب تصويته للرئيس الذي حقق تلك الإنجازات. وفي المقابل، فإن ذلك المصوت يعتبر من جهة أخرى،  مسؤولا بدرجة أو بأخرى عن كل إخفاق يقع ـ لا قدر الله ـ في تنفيذ أي التزام من التزامات الرئيس الذي صوت له في الانتخابات الماضية.
من هنا يظهر أن من صوتَ ودعمَ رئيس الجمهورية في الانتخابات الماضية أولى بمحاربة الفساد ممن لم يصوت له ، فكل ما سيتحقق من إنجازات في هذا المجال سيكون للمصوتين لرئيس الجمهورية نصيب منه، وكل إخفاق ـ لا قدر الله ـ سيكون لهم منه كذلك نصيب؛ 
4 ـ أن داعمي رئيس الجمهورية أولى من معارضيه بتلبية ندائه في خطاب التنصيب، وذلك عندما دعا الجميع إلى المشاركة في محاربة الفساد، وأكد أن هذه الحرب لن يحسم النصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع.
وهم أولى أيضا بالاستجابة لطلبه الآخر المتعلق بالوقوف ضد مقاومة الإصلاح وإعاقته، حيث أكد فخامته في خطاب التنصيب  أن ما تتطلبه الإصلاحات العميقة من تغيير في المقاربات، والعقليات، والمسلكيات، وآليات العمل، غالبا ما يصطدم بمقاومة اجتماعية وإدارية قوية، والجميع مطالب ـ وخاصة الداعمين ـ  بالعمل على منع تلك المقاومة، وكبحها.
وقوفا ضد تلك المقاومة وكبحا لها، وتلبية لدعوة رئيس الجمهورية للجميع بالمشاركة في محاربة الفساد، وسعيا منا للمساهمة في تنفيذ برنامج طموحي للوطن على أحسن وجه، لكل ذلك، فقد تقدمنا في "منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية" إلى الأحزاب السياسية الداعمة بميثاق شرف لمحاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة يتضمن ثلاثة بنود، وهي :
1 ـ إعطاء مساحة واسعة لمحاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة في الخطاب السياسي للأحزاب والمبادرات الداعمة للرئيس؛
2 ـ  عدم ترشيح من أدين بالفساد في أي انتخابات قادمة، وحرمانه من أي منصب قيادي حزبي؛
3 ـ العمل على تعزيز البنية القانونية والتشريعية والقضائية في مجال محاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة، وذلك من خلال اقتراح القوانين ذات الصلة والتصويت عليها.  
سنوصل هذا الميثاق ـ إن شاء الله ـ إلى كل رؤساء أحزاب الأغلبية، ونرجو أن تتبناه تلك الأحزاب وتوقعه، وأن تعمل على تنفيذ بنوده، وبذلك تكون قد دعمت رئيس الجمهورية حقا.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين الفاضل 
[email protected]

تصفح أيضا...