إيجاز صحفي
شارك رئيس حزب الصواب، د/ عبد السلام ولد حرمة وفدا من المعارضة الديمقراطية المنتظمة في مجموعة الثمانية، يرأسه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية السيد أحمد ولد داده، قام الوفد بزيارة لمنزل رئيس الحركة، حيث قدم الدكتور أمام عشرات من مدونيها ومناضليها وبعض الإعلاميين مداخلة عن رؤية حزب الصواب للقضايا الكبرى التي يجري حولها الحديث السياسي الراهن في البلاد، مع التركيز على الملف الحقوقي والإنساني، و ما ارتبط بممارسة الرق ومخلفاته.
رئيس الحزب استهل حديثه بتثمين مبادرة رئيس الحركة معتبرا اياها ابتكارا سياسيا مقاوما لدوران النخب والمجموعات في فضاءات التقوقع الذاتي، ودفعها لانفتاح بعضها على مشاريع بعضها الآخر، في فضاء ودي هادئ بدافع واحد وهو إصابة الحقيقة والتخلص من الأفكار الخاطئة التي تكونت لدى بعضها عن بعضها الآخر، وأمام جمهوره وقواعدها الشعبية، في مواضيع تنطوي على أهم أسئلة البلاد المقلقة في ظرف تخوض فيه معركة تحول ديمقراطية متعثرة، وتواجه تصدعا في وحدتها الوطنية يغذيه الفقر والإقصاء والهشاشة والفساد بكل أنواعه، ويحتاج تداراكا فوريا لوقف اختطاف هويتها الطبيعية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية. كل هذا جعل مبادرة رئيس الحركة الانعتاقية فعلا شجاعا ومنصفا يستحق التنويه، ويشجع مختلف اطراف الساحة الوطنية على الانفتاح في ظرف يحتاج التكاتف من أجل تعزيز توجه البلاد نحو الخيار الديمقراطي الحداثي بما يعنيه من الالتزام بحقوق الانسان وإقرار العدالة الاجتماعية.
معتبرا أن مرجعية حزب الصواب في الجانب الحقوقي قائمة على رافدين، الأول منهما هو ارتباط مشروعه السياسي والفكري بمبادئ وتراث حركات التحرر العربية والعالم ثالثية التنويري، الذي أدرك قيمة المحرك القومي باعتباره القوة الدافعة لكل حركة تاريخية، لا بشكل قوة مناقضة للإستعمار فحسب، بل قوة رفض تبحث عن الطاقات الثورية الكامنة في الشعوب المتخلفة المستعمرة تفتح أمامها الآفاق لبناء عالم خال من الإستعباد والإستغلال بكل أنواعه سواء كان إستعباد وإستغلال شعب لشعب أو طبقة لطبقة أو فرد لجماهير. ثم جاء المكون الثاني المنبثق عنه وحمل الرؤى والمواقف التي انبثقت عن هذه الخلفية في موريتانيا ومكنت التيار القومي منذ سبعينيات القرن الماضي من بلورة واضحة لمواقفه الفكرية والنضالية حول جريمة الرق وآثارها التدميرية على المجتمع والدولة، سواء من خلال كتابه ( البعث ولحراطين) الذي جمع فيه مختلف المواقف والبيانات والدراسات التي صدرت من نهاية السبعينيات حتى منتضف ثمانينيات القرن الماضي للتصدي للجريمة أو ما قامت به المجموعة من نضال ومشاركة فعالة لمكافحة الرق إلى جانب مختلف القوى الوطنية التي كانت لها أدوار في النضال ضده، قبل تأسيس حركة الحر 1978 التي كرست نضالها السياسي والفكري لمواجة الرق وآثاره .
أما المحور الثاني وهو المتعلق بالكلفة الباهظة التي اسفرت عنها مراحل العهود الاستثنائية من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تعرضت لها مختلف القوى السياسية والمجتمعية الموريتانية فقد اعتبر الدكتور عبد السلام أن هذا الملف ملف قانوني وإنساني يعني الجميع والمسؤولية التاريخية والقانونية تقع على جهة واحدة هي السلط الحاكمة من جهة وعجز النخب السياسية عن الوصول إلى تحقيق البناء المؤسساتي والدستوري المناسب لكبح جماحها وأدوات قمعها، وتركها تتغول على الجميع و تمارس تصفية خصومها بغض النظر عن توجههم الفكري وانتمائهم المناطقي أو الشرائحي أوالإثني، وإن كانت هناك مفارقة ملفتة هي أن التيار القومي الذي كان اكثر التيارات عرضة للتصفية والتنكيل والاعتقال طيلة العهود الاستثنائية نجد السوم بعضا منا يوجه له تهمة ارتكاب الفظاعات التي مورست عليه بدرجة من الديمومة والاستمرار لم تقع مع غيره، وخير دليل على هذا الجانب أن هناك إلى يومنا من يتهم البعثيين بما تعرض له الزنوج في سنوات 1989، 1990... في حين أن قادتهم كانوا موزعين بين السجون والمنافي وكل من وجهت لهم مجرد تهمة التعاطف معهم سرحوا وفضلوا من المؤسسات العسكرية والأمنية 1988، بل أن زعيم هذا التيار الأستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل كان منذ 1988 حتى 1990 في زنزانة متر واحد مربع في مدينة كيهيدي، في محكومية ثانية بعد أن قضى محكوميته الأولى ما بين 1982/ 1985 في سجن تيشيت بعد مثوله أمام محكمتين عسكريتين في أجريدة خلال هذه الفترات المتطاولة.
وهنا ينبغي ان نعتبرالتعامل مع تصفية هذا الملف مسؤولية كل الموريتانيين ضمن بحثهم عن مستقبل يضمن العيش المشترك وحكم المؤسسات وسيادة دولة القانون، ومجتمع يصون ذاكرته وينصف ضحاياه جميعا ويؤسس لقطيعة تامة مع كل دعاوى الإقصاء والعنصرية والعداء أيا كانت طبيعتها عرقية أو لغوية أو ثارية تاريخية.
الرئيس استمع إلى عشرات الأسئلة والاستفسارات الصريحة والجريئة، وتتبع الإجابة عنها، قبل أن ينهى الاحتماع بمداخلة للرئيس أحمد ولد داده حول واقع البلاد ومستقبلها الواعد وما تزهر به من خيرات تسع الجميع وتضمن له الرفاهية والعيش الكريم إذا أوجدنا حكامة رشيدة، واستمعنا لنداء المسؤولية التاريخية وأقمنا نظاما في التدبير السياسي ينبني على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات واحترام إرادتهم الواعية واختيارهم الحر، وهو ما يوجب حق الاختلاف السياسي ومبدأ التداول السلمي على السلطة