لم يعد من الغريب في موريتانيا، أن يشاهد المارة على الشارع العام او في المناسبات الرسمية، سيدة تنتعل أحذية خشنة و تغطي جسدها ببذلة من الكاكي، و هي مشاهد ظلت لعدة عقود من الزمن، حكرا على رجال هذه الأرض الممتدة قديما، من صحراء تينيرى شرقا إلى واد نون غربا، و حديثا، ما بين نهايات ولايات، الحوض الشرقي و الترارزه و نواذيبو و تيرس زمور.
لم تكن المرأة كما المجتمع، تريد أن تشارك الرجل في مهام حماية الوطن (على الأقل من الناحية المظهرية)، مفضلة حضورا من نوع آخر، قد يكون كل شيئ إلا المهن و المراكز ذات الصلة بالعسكر و ببنادقه و "خشونته"، و ظلت لابسات الملاحف هكذا، إلى أن قررت الدولة نهاية التسعينيات "تلقيم" أول دفعة من الشرطة الوطنية، بسيدات أصبحن وقتها حديث الشارع و الصالونات، الكل يتحدث عن "عليات الشرطة " المتواجدات عند ملتقى طرق ال BMD و سط نواكشوط.
و من اهتمام الناس و تفاجئهم باستبدال الملحفة ب"التكبيطه" العسكرية، حديث الداعية محمد ولد سيدي يحي، في رسالة بعث بها لمدير الأمن الراحل و الرئيس علي ولد محمد فال، يطلب منه بذلة فضفاضة شيئاما للشرطيات بدل البنطلون، طلب لباه ولد محمد فال من خلال إضافة معطف لبذلات النساء الشريان (يقول ولد سيد يحي في إحدى محاضراته).
و بدأت القصة من هناك و أصبح لكل قطاع عسكري ورود (نساء) يكتتبن كما يكتتب زملائهم الرجال و يكلفن بنفس المهام و لهن أدوار لا تقل شأنا، مؤكدات انه ما كان ينبغي أن يؤخر دمجهن في هكذا مهن، و فتح الباب أمامهن لخدمة وطن يحبونه و مساعدات للتضحية من أجله، عبر العمل في قطاع الجيش و الأمن.
و رغم انه لا توجد أعداد محددة منشورة حول تواجد النساء بالجندية، فإنه من المؤكد حسب بعض المصادر، انه قلما تجد تجمعا سكانيا في البلد، إلا و له بنت في الجيش أو الدرك او الحرس او الشرطة، ما يعني أن الأمر أصبح عاديا، حيث لم تعد الجندية حكرا على الرجال، بل أثبتت بنات حواء ، انهن على قدر المهة و أبدعت الكثيرات منهن في المهام الموكلة إليهن(المفوضة السنية المشهورة بالصرامة في نواذيبو و خاصة على النقطة 55 الحدودية) و توجد نساء أيضا مفوضات شرطة و مفتشات و نقيبات و طيارات و ...إلخ.
و تثبت أخواتنا و "وردات" قوات جيشنا و امننا، أن الساعات التي تقضينها لابسات الملاحف، لابسات للكاكي، لا تفسد للود قضية و لا تؤثر على تربية الأبناء و لا على الدور في البيت و أكثر من ذلك فهي لا تنقص من الأنوثة شيئا...
و و بالتالي تكون الجندية مجرد مهنة كسائر المهن، على الأقل بالنسبة للمتقنعة من بنات وطننا...
باباه ولد عابدين - مراسلون
بعض الصور مصدرها الأنترنت