مرحلة الرئيس غزواني / محمد ولد افو

خميس, 27/04/2023 - 15:58

 

الحديث عن السياسة حديث يستند إلى منطق معقد ومتحرك.
و طبيعة هذا التعقيد لا تسمح بمنح الوقت للتفكير في حيثيات متغيرة.
فالحكم على المتغير يختلف عن الحكم على الثابت باعتبارين أحدهما يتعلق بعامل الوقت وجدوى الحكم على لحظة تتغير أثناء دراستها .
والثاني متعلق بمقضيات الاستبصار الذي لا يمكن بناؤه في بيئة مترحلة دون مرونة الحكم المترتبة على مرونة التغير. 

للمعارضة خطاب سيال ومريح لعاطفة الغالبية ، وهو خطاب أخلاقي بالمجمل.

وفي المقابل ليس هناك خطاب للسلطة، إذ يشغل حيز خطابها التبرير والتفسير والتسويق..(وهذا منطقي باعتبار اختلاف موقع المسؤولية وموقع الرقابة، لأن الرقيب مؤتمن والمراقب متهم.) 

وهذه المعادلة برمتها نجحت في خلق شرخ في الوعي اللازم لبناء رأي عام متزن وموحد خلف غايات تدفع الفاعل السياسي إلى حيث يريد الناس.

فالمعارضة تتكلس في مفهوم "المعارضة" وهو طور استسهال للمواجهة، و لا يعتمد على الريادة العقلية ولا يتحرك وفق استراتيجية متحولة بذات سرعة الأحداث.

لأن كل تسويق يعتمد على الحشد العاطفي، هو تسويق يقف دون فاعلية العقل الماحص للحيثيات.

وبما أننا شعب نشأ شهوده اليوم في خضم أزمة صنعتها السلطة، فإن رصيدنا العاطفي سيكون كافيا للحكم عليها حكما ثابتا لا يسمح بالحديث عن فرصة أفضل ولا تطور منتظر في التجربة السياسية.

وهذا طبيعي وفق معادلة التأثر بالماضي، لكنه يشكل خطرا على بناء الحلم المتعلق بالمستقبل.

فحين يعتاد الناس على الكذب يكون من الصعب على الصادق أن يسوق نفسه كمستحق لفرصة التجربة أو تفكيك عمومية المتعارف عليه ( السائد). 

هذا ما يسمى بتكلس الوعي في طور التجربة.

لا يمكن أن نظل في طور الحكم الثابت على تجربة متطورة بطبيعتها  لأن ذلك سيحول بيننا وبين أملنا في تطوير وتحسين التجربة وتغيير مسار الأحداث.

فالماضي والمستقبل ليسا ملة واحدة، وهذا ما يجب التركيز عليه وفق ضمانات يستعيد الشعب ملكيتها ويمنحها للساسة بدل انتظارها  منهم ( قلب المعادلة) 

سألني أحد الأحبة عن الضمانات التي قدمها المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني  للمشروع الوطني،. وماهو سبب ثقتنا في هذه الضمانات فيما لو اعطيت لنا.

لاحظوا أن السؤال تسلسلي ودائري في ذات الوقت والتسلسل والدور يستحيلان وفق قواعد المنطق.

فلو أجبت السائل قائلا بأن المرشح قدم لنا وعدا لسألني عن الضمانات ولو حدثته عن الضمانات لسألني عن الثقة في تلك الضمانات، وبالتالي يرجع السؤال لبدايته في طور الدور أو يتواصل في طور التسلسل، وكلاهما تعجيزي وفق استحالة الدور والتسلسل منطقيا.

مانحتاجة ليس طرحا ذاتيا مرضيا لضميرنا العاطفي، وإنما مواجهة واقعية مرضية لعقولنا ومثرية لمسارنا السياسي. 

إذ سنقع في إشكالات صعبة تتعلق بالحكم الثابت على السلطة باعتبارها خصما ( أيا كانت هذه السلطة).

فالسلطة مفهوم متغير بتغير ذواتها الفاعلة ( الأشخاص) وينبغي أن يكون الحكم مرحليا لا أزليا.

لأن الحكم المرحلي يقتضي تقييم تجربة بعينها، والحكم الأزلي حكم مبني على القياس المطلق وفق معطيات الماضي.

فحتى لو فشلنا ستين عاما فلا يعني ذلك أن الفشل قدر مطلق، وهذا ما يقتضي منا فصل المراحل لانتزاع ثقتنا بالأمل ومحاصرة حكمنا المتكلس في طور واحد.

لقد كان " بول كاجامي" الرجل الثاني في حكم فاسد، كنائب للرئيس، وكان عسكريا وكان وزيرا للدفاع، وهو بذلك جزء من نظام يكرس التصنيف العرقي والقبلي وضالع في المذابح الاهلية البشعة. 

وهو إلى ذلك دكتاتور فيما يتعلق بمعاملة خصومه ومنتزع للبقاء بمأمورياته المتواصلة من العام 2000 حتى يومنا هذا.

فهل كان بول كاجامي امتدادا للحكم الذي خدمه كرجل ثان ووزير للدفاع وعسكري؟

ستجيب النهضة الراوندية المعجزة على هذا السؤال.

أما أن نظل متمسكين باحكامنا الجامدة في طور واحد عن السلطة، ونظل منقادين لخطاب عاطفي وثوري، فذلك لا يعني أننا أمام خطاب سياسي ولا ثوري كما نتوقع.

لذلك نعتقد أن هذا النظام قد نجح في تنفيذ رؤية جديدة ومتميزة تتمركز حول العدالة الاجتماعية وحظوة المغلونين وعلى يديه نجحت ونفذت أنجع الاستراتيجيات في مجال التنمية القاعدية وبالتالي الوحدة الوطنية. 

ما نحتاجه اليوم هو أن نقيم تجربتنا الوطنية بعيدا عن الثنائية التقليدية المتنافرة ( نحن - الدولة) 
محمد افو

تصفح أيضا...