(الأناضول)/ أثارت لعبة “الحوت الأزرق” الافتراضية جدلا واسعا في الجزائر، بعد أن تسببت في مصرع عدد من المراهقين بمحافظات عدة، ونشرت الفزع بين العائلات، الأمر الذي استدعى تحرّك حكومة البلاد.
و”الحوت الأزرق” لعبة افتراضية، اخترعها روسي يدعى “فيليب بودكين” في 2013، تقوم على أساس استدراج الأطفال والمراهقين وتوجيه أوامر لهم، تنتهي بالانتحار شنقا أو إلقاء أنفسهم من أماكن عالية.
وتسببت اللعبة المثيرة للجدل بأول حالة انتحار في 2015 بروسيا.
وسجّلت الجزائر حالات انتحار بسبب اللعبة، أعلن على إثرها وزير العدل الجزائري، الطيب لوح، في 10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فتح تحقيق قضائي بخصوص ما تم تداوله حول اللعبة التي تدفع الأطفال إلى الانتحار.
وحسب تصريحات “لوح”، خلال برنامج عبر التلفزيون الحكومي، تم توجيه أوامر للهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها (حكومية)، بالتنسيق مع النيابات العامة المختصة، للتحقيق في القضية التي شغلت الشارع.
وأكد وزير العدل أن “نتائج التحقيق الأولية أثبتت حالة لها علاقة باللعبة التي يروج لها”.
وأشار لوح، إلى “حالات أخرى لا يزال التحقيق جارٍ بشأنها، لم يثبت لحد الآن علاقة اللعبة بها.
وأوضح أن “الهيئة (المُكلّفة بالتحقيق) أمرت مقدمي خدمات الانترنت بسحب كل ما هو غير مشروع متعلق بهذا الموضوع (اللعبة)، وفق ما ينص عليه القانون (الجزائري)”.
وقال إن “الهيئة أعطت عناوين بعض المواقع (الالكترونية لمتابعتها والتحقيق معها)”.
وحثّ العائلات على ضرورة أداء دورها كاملا لوقاية أطفالها، كما دعا وسائل الإعلام إلى عدم الترويج لمثل هذه الأمور.
**انتحار 5 مراهقين
وفق وسائل إعلام جزائرية، تسببت لعبة “الحوت الأزرق” بمصرع 3 مراهقين بمحافظة سطيف (شرق) الأسبوع الماضي، ومراهقين آخريْن، الإثنين الماضي، بمحافظة بجاية الساحلية (شرق).
وعثر على الضحايا بوضع أقدموا فيه على شنق أنفسهم، إما داخل غرفهم العائلية، أو في أماكن منعزلة خارج بيوتهم، حسب تقارير صحفية.
وفي 7 ديسمبر الجاري، نقلت قناة “النهار” (خاصة)، عن رجل جزائري قال إنه “أنقذ ابنه الذي يدعى وائل، بعد أن كان على وشك الانتحار شنقا بسبب ذات اللعبة”، في منطقة تاجنانت بمحافظة ميلة (شرق).
**مسؤولية الأولياء كبيرة
وعلّقت وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، على القضية بالقول: “على أولياء الأطفال والمراهقين مراقبة أبنائهم وتحمل مسؤولية حمايتهم من هذه اللعبة وأخطار الإنترنت”.
وكشفت بن غبريط، في تصريحات لوسائل إعلام محلية قبل أيام، عن إطلاق حملات توعية، من خلال ملصقات ولافتات عبر المؤسسات التعليمية في مختلف أنحاء البلاد.
وفي منشور عبر صفحته بـ”فيسبوك”، دعا وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، الآباء إلى حماية أبنائهم من “اللعبة القاتلة”.
وذكر عيسى، أن “الأولياء مطالبون بمراقبة هواتف أبنائهم الذكية، خاصة الصغار منهم والمراهقين، وإزالة هذا التطبيق القاتل (اللعبة)”.
وحثّت رئيسة المفوضية الجزائرية لحماية الطفل هيئة حكومية)، مريم شرفي، الاثنين الماضي، إلى “معالجة هادئة وعدم التهويل فيما يخص اللعبة”.
ودعت شرفي، المواطنين الجزائريين إلى انتظار نتائج التحقيق الذي أطلقته وزارة العدل.
من جهته، قال رئيس شبكة “ندى” الجزائرية لحماية الطفل (مستقلة)، عبد الرحمن عرعار، إن “تسلسل حالات الوفاة وسط المراهقين بسبب اللعبة كشف عن ضعف منظومة حماية الطفل بالجزائر”.
وأشار عرعار للأناضول، إلى أن “هناك حلقات مفقودة وثغرات، في منظومة حماية الطفل بالجزائر”.
وأوضح أن الأولياء عليهم جزء من المسؤولية وكذلك المدارس والمعاهد والمساجد وجمعيات المجتمع المدني وغيرها.
واعتبر عرعار، أن “تعرض الطفل أو المراهق إلى الهواتف الذكية والانترنت، لفترات تصل 10 ساعات أمر غير مقبول، وهو ما أدى إلى وجود ضحايا”.
ودعا إلى “تفعيل الحماية اللازمة للأطفال من خطر اللعبة، اليوم قبل الغد، لأن مخاطرها ستظهر لاحقا”.
ولم يخفِ قلقه من اللعبة؛ إذ قال إنها “تشكل جزءًا من خطر قادم سيكون أشد وأقوى”.
**تعطيل اللعبة متاح تقنيا
أما الخبير الجزائري في تكنولوجيات الانترنت والشبكات والعالم الافتراضي، يوسف بوشريم، فيقول إن “خطرها يكمن في تلقي العضو الذي يلعبها أوامر من جهات أخرى عبر الانترنت”.
ولذلك يدعو بوشريم، إلى ضرورة تعطيل الدخول إليها من خلال شبكة الانترنت.
ويضيف في حديث للأناضول، أن “الحكومة قادرة على تعطيل اللعبة، من خلال إجراءات تقنية بالتعاون مع مشغلي الانترنت الأرضي والجوال، وإدخال كلمات مفتاحية تفضي على جعل الدخول للعبة غير ممكن”.
ويرى بوشريم، أن “تعطيل اللعبة الخطرة ممكن أيضا من خلال إجراء عملية ضبط للانترنت المنزلي من طرف أولياء الأمور”.