دعاة الفتنة عشية المحاكمة / محمد محمود ولد عبد الله

أحد, 29/05/2022 - 16:41

 

عشية إعلان قضاة قطب التحقيق في ملف العشرية السوداء، عن انتهاء التحقيق القضائي، ودنو أجل محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض خلصه من شركاء نهب الوطن، تحركت الأصابع على زناد الفتنة، وتعالت أصوات فحيح أفاعي الفئوية، وعواء ذئاب الشرائحية وطنين باعوض الطائفية، فتنادوا من كل أرجاء عوالم التواصل الاجتماعي كأنهم حُمُر مستنفرة فرت من قسورة، يُمَنون النفس بأن تشغل جعجعتهم الخبيثة ودعواتهم المارقة، الرأي العام عن أهم ملف فساد في تاريخ البلد المعاصر، يوزعون الضغينة بين فئات الشعب ويحرضون بعضه على بعض، استسهالا للفتنة واشتهاء للمحنة والفوضى. 
لكن هيهات هيهات.. إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، فلن يغني عنهم بذلهم وجهدهم شيئا، فقد أزفت ساعة الحساب، وحان موعد المثول أمام القضاء ـ وطب نفسا إذا نزل القضاء ـ فلا مفر للسابق ومن معه، من العدالة اليوم إحقاقا للحق وأنصافا للشعب، ولو نهقت كل حُمر الدنيا، ونبحت سائر كلابها تحريضا وتفريقا بين المواطنين.
فلا مراء ولا ريب أنه خلال عشرية النهب والسلب، شغل النظام السابق، الناس بعضهم ببعض، ودق بينهم عطر منشم، ونفخ في كير النعرات، فزرع بين ظهرانينا دعاة التفرقة ودس فينا أنصار الفتنة، مستغلا مظالم تاريخية وتراتبية جائرة، عرفها مجتمعنا ردحا من الزمن، قبل الدولة المعاصرة، وآزرها وشد من عضدها، نزق النظام يومها وسوء تقدريه للمنقلب والمآل، فشُغل الناس وفزِعُوا خوفا على الوطن ورعبا من الفتن الأهلية، وطفق هو يخصف عليه، من سُحت الدُثور ومغشوش الأموال، اختلاسا وتطفيفا ونهبا وابتزازا.
ولم يكد يخرج من الحكم مذموما مدحورا، حتى ترك البلد على شفا جرف هار من الشحناء والهرج والمرج، كل يرفع عقيرته حنقا وحقدا على بني الوطن، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، وحين عاد من رحلة توثيق الخزائن المنهوبة وتثبيت الأملاك المسروقة، عمد إلى إشعال "أزمة المرجعية"، لعل وعسى أن تضاف أزمة جديدة إلى أزمات تركها خلفه تغلي، فهي تفور تكاد تميز الغيظ، توشك أن تشعل الوطن وتحرق الجميع، فما كان من نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بعد أن أسفر الرئيس السابق عن وجه المناكفة الحاقدة وجرد سيف العداوة البغيض، وتكشفت بين يدي لجنة التحقيق البرلمانية بوائق فساد ولصوصية تشيب لها الولدان، وتقشعر الأبدان، إلا أن نبذ إليه على سواء، وانحاز للوطن والمواطن، الذي آثره بأصواته على غيره، واختاره لإنقاذ بقايا وطن عبث به رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، على مدى عشر حجج عجاف، فترك للبرلمان عمله المستقل، وللقضاء كلمته الفصل، ثم وافَى الوطن سعيا في صالحه ورفعا لمصالحه، ودعا الجميع إلى كلمة سواء بين أبناء الوطن، ساحبا كل البُسُطِ من تحت أقدام دعاة الشرائحية الذين مكن لهم "السابق" وزج بهم في أتون حريق جلل، يضرمون بالقول الحارق والدعوة المنكرة لظى العداوة والكراهية، فجاءت دعوة رئيس الجمهورية من مدينة وادان ليقول للجميع إن الدولة هي أول دعاة تجاوز الطبقية الجائرة وأول العاملين على نبذها وراء الظهر غير مأسوف عليها ولا مرغوب فيها، داعيا إلى الركون إلى دولة المواطنة التي تتوخى العدل بين الناس وتحكم بالقسط، على أساس الانتماء للوطن والوطن فقط.
واليوم يحاول الرئيس السابق وشيعته ـ وقليل ما هم ـ وهو على أبواب قفص المحاكمة أمام الشعب الذي خدعه وسرقه، ثم فرقه وهتك قيمه، أن يوقد نار الشرائحية التي اصطنعها لنفسه أيام حكمه، لعله يتخذ من أهل الفوضى والفتن وليجة وملجأ من دون العدالة، لكنه الوهم الزائف، والأمل الكاذب، فللبيت رب سيحميه، والله لا يهدي كيد الخائنين.
بقلم: محمد محمود ولد عبد الله

تصفح أيضا...