طعنات في خاصرة وطنٍ / سلطان ولد البان - " رأي حر "

خميس, 12/05/2022 - 22:09

 

قد نفهمُ عجز السِّياسات الحكومية المتبعة في إرساء سفينة الحياة الكريمة للمواطن الموريتاني وقد نفهم أيضا قمع المواطن الموريتاني في ظل تراجع الحريات وعجز القضاء عن النّهوض بالعدالة ، ففي شهر ديسمبر من العام 2020 تعرض شباب مدينة ازويرات لتعذيب وحشي على يد السلطات الامنية في المدينة ترك أثرًا بدنيا ونفسيا بالغا في حياتهم ،وفي 27 ديسمبر 2020 تعرضت مجموعة من السكان في منطقة "تيفيريت" في ولاية انواكشوط معظمهم نساءً وأطفالا للقمع والضرب بعد احتجاجهم السّلمي تحت عنوان "أبعدوا عنا النفايات"نريد ان نتنفس هواءً نقيا لا ملوثا!
وتبقى هذه التجاوزات والخروقات القانونية في حق المواطن الموريتاني شأنًا داخليًا يفسِّر ضعف المنظومة السياسية الموريتانية و وحشية الاجهزة الامنية ولكن ما لا يمكن فهمه واستعابه هو أن يتعرض مواطن موريتاني للضرب المبرح والتعذيب وصولًا إلى درجة القتل على يد وافدين غرباء جاءوا لاستغلال الثروات الوطنية والاستفادة من فرص الاستثمار في مجلات عديدة ، وما لا يمكن فهمه هو استهداف المواطنين على حدود دول الجوار بل إعدامهم في حالات أخرى!

هل دم المواطن الموريتاني رخيص إلى هذه الدرجة ؟
 

ألقت الظّروف الاقتصادية والاضطرابات جيوسياسية بظلالها على الواقع المعيشي الموريتاني مما سيحدد قيمته في بورصة " دول الجوار" وأسهمها في السوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، هذا ما تعكسه حوادث عديدة وقعت داخل أراضي وحدود دول توصف بأنها صديقة وتملك شراكة اقتصادية و اتفاقيات تعاون مع بلادنا ،وكان اكثرها دموية ما حدث في مالي نظرًا لاعتبارات عديدة أبرزها الوضع الأمني ،ففي مارس 2022 أُعدِمت مجموعة  من المُنمِّين الموريتانيين في مالي وأُحرقت جثثهم وانتهت القصة في مكاتب الاجتماعات الامنية و مباحثات دبلوماسية بين البلدين، و في نفس الفترة تقريبًا استهدف قصف منطقة بين موريتانيا والصحراء الغربية قتل على أثره موريتانيان وفق ما أعلنت الحكومة الموريتانية في بيان رسمي ولم تكلف الجهة المسؤولة عن ذلك نفسها اصدار بيان حول الحادثة ، وطُوِيَ الملف عند الجانب الموريتاني الذي يرفع شعار الصّمت. وفي 4 يناير لقي ثلاثة منقبين موريتانيين عن الذهب حتفهم في منطقة “اكليب الفول” داخل الأراضي الصحراوية الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، في قصف مصدره القوات المغربية المرابطة وراء الجدار العازل والنهاية كما هي (لا بيان لا اعتذار ولا تحقيق!) 

وفي 18 مايو 2021 عقد اجتماع أمني -جزائري موريتاني- بعد حادثة مقتل منقب عن الذهب وجرح آخرىن برصاص الجيش الجزائري وأُسدل الستار عند ذلك الاجتماع حتى اشعار آخر، والامثلة كثيرة في هذا الصدد ناهيك عن ما يحدث للمواطنين الموريتانيين من ابتزاز واستحقار من طرف ممارسات بعض سلطات دول الجوار حسب ما ذكرت بعض الشكاوي التي اطلقها مسافرون جراء عراقيل ومطبّات مفتعلة في المطارات والمستشفيات عنوانها ابتزازا المواطن الموريتاني.

 -جرائم محلية

واليوم بات المواطن الموريتاني يتعرض للضرب والتعذيب والإهانة وهو على أرضه كما حدث في هذا الاسبوع حيث قامت مجموعة من الصينين بالضرب المبرح في حق مواطن موريتاني يعمل لديهم ليتم نقله متأثرا ببعض الجروح و الكدمات إلى المستشفى لتلقي العلاج و في نفس الصّياغ في يوم 8 نيسان/ابريل 2022 تعرض المواطن عبد المجيد البخاري رحمة الله عليه لطعنات قاتلة على يد مواطن مغربي ليقوم بعد ذلك برميّه من شرفة منزله مضرجًا بدمائه! وتأتي هذه الجريمة النّكراء امتدادًا لعدد من المخالفات الجنائية التي ارتكبها أجانب خلال الفترة الماضية والتي باتت مصدر إزعاج للسلطات الأمنية وهاجساً يؤرق مضاجع المواطنين الذين يعتقد طيْف واسع منهم أن ثمة أجانب يستغلون ضعف الاجهزة الامنية و حسن تعامل الإنسان الموريتاني.
تأتي هذه الجرائم امتدادا طبيعياً لجرائم أجانب بموريتانيا – وهنا بالتأكيد التعميم مخل – لذا فإن بعضاً من الوافدين عرباً وآسيويين وأفارقة ارتكبوا مخالفات قانونية في حق الوطن والمواطن لم تكن مألوفة من قبل،

وهذا الذي ذكرناه نماذج بسيطة لعدد من أنواع الجرائم التي تورطت فيها دول الجوار التي كان من المفترض ان تدفع فاتورة "قُدسية دماء المواطن الموريتاني" والاسباب الدائمة والأبدية هي عدم قدرة السياسية المتبعة على الرّفع من القيمة الحياتية للمواطن و توفير حاجيات المُنمِّين الأساسية لتنمية مواشيهم إضافة إلى إهمال المشروع السياسي الحكومي لسكان الضفة و الشريط الحدودي من تجمعات سكنية وقرى مما جعلهم يعتمدون في حاجاتهم اليومية الاساسية على دول الجوار وهذا اختلال آخر على مستوى البنية الادارية والامنية ، ضف إلى ذلك ضعف الرقابة "الأمنية الحدودية" و التراجع على مستوى القوة العسكرية لحساب دول الجوار التي دخلت في سباقِ  التّسلح  العسكري حسب ما ذكرت بعض المصادر الاعلامية أمّا على مستوى الاستهتار الأمني الداخلي فالعوامل عديدة هي الاخرى منها على سبيل المثال؛ الزيادة الكبيرة للأجانب في البلاد وضعف الرقابة والرشوة ..عوامل ضمن أخرى استغلّها الوافدون في ظواهر المخالفات الجنائية، ضف إلى ذلك حسن تعامل الموريتانيين معهم فيعمدون إلى مخالفة القانون وغيرها من التجاوزات التي احدثتها فجوة المنظومة الامنية والإدارية ومن هنا لابد للجهات المختصة من إعادة النّظر في العلاقات الخارجية مع دول الجوار ليكون "أمن وسلامة المواطن الموريتاني" محور بنودها ومصلحته هي أساس كل الاتفاقيات أما داخليا ؛ تقنين وجود الأجانب ومراقبة أعمالهم وتحركاتهم ،وقد طالب الكثير من النشطاء من مختلف الطيْف السياسي والاجتماعي بضرورة انتهاج استراتيجية أمنية أكثر مواكبة للمتغيرات الكبيرة في بعدها الدولي والداخلي الذي تشهده المنطقة ثم ترميم الاستراتيجية الامنية المتهالكة والتي تفتح أبوابها للأجانب دون قيود، فلا بد من التشديد على أهمية إبعاد المجرمين وكل أجنبي لا يحترم قوانين البلاد.

سلطان البان
كاتب صحفي مقيم في ابريطانيا

تصفح أيضا...