الخرطوم: سيف اليزل بابكر
في وقت خرج فيه السودان أول من أمس من دائرة الدول العشر الأكثر مخاطر في مجال غسل الأموال في العالم، وفقا لمؤشر بازل للعام 2017. وصلت أمس الخرطوم بعثة صندوق النقد الدولي لتطوير نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البلاد.
ويتزامن خروج السودان من قائمة الدول التي تزداد فيها مخاطر غسل الأموال، مع شروعه بداية الشهر الجاري في تطبيق استراتيجية لمكافحة الفساد في الشركات والمؤسسات الحكومية، ومع استعداداته للرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية المنتظر في 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتشترط الولايات المتحدة للرفع الكلي للعقوبات أن يكون السودان مؤهلا للتبادل التجاري والمالي، وتخلو ملفاته من تصنيفات دولية تضعه في قوائم مثل غسل الأموال وغيرها، والتي لا تواكب سياسات العالم الحديث في الشفافية ومكافحة الفساد.
وفي هذا الصدد، حددت الغرفة التجارية الأميركية شرطا للشركات السودانية الراغبة في التعامل التجاري مع الشركات الأميركية والعالمية بعد رفع العقوبات، أن تكون مزودة ببرامج مكافحة الفساد داخل قطاعاتها ووسط العاملين فيها، خاصة أن وضع اسم السودان حاليا في قائمة الدول عالية المخاطر في الفساد يتطلب الإسراع لتكون شركاته جاهزة بإعداد نظام إداري لمكافحة الفساد يقلل المخاطر ويمنع التزوير.
وأطلق السودان برنامجا استراتيجيا لهذا الغرض بهدف تمكين القطاع الخاص من تأهيل منسوبيه لإدارة وتعلم النظم العالمية الحديثة في سياسات وإجراءات منع الفساد والإلمام بالبرامج الإدارية التي تستخدمها الشركات حول العالم لتقييم الاحتيال الداخلي، ومخاطر الفساد والاحتيال الخارجي.
ووفقا للدكتور حيدر عباس أبو شام، مدير عام وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السودان، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس فإن السودان حقق تقدما كبيرا منذ أن شرع في برامج وتطبيق سياسات مكافحة غسل الأموال وفقا لتصنيفات ومؤشر (بازل) حول تصنيف الدول في غسل الأموال للعام 2017. وأضاف بأن بلاده قد خرجت من قائمة العشر الأوائل في الدول الأكثر مخاطر في غسل الأموال، ويحتل الآن المرتبة التاسعة والعشرين عالميا.
وأوضح حيدر أن التصنيف الجديد للسودان لا يعتمد تقييم الدول في حجم المتحصلات غير المشروعة الناتجة عن الجرائم الأصلية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولكنه يقيس التطور الذي يحدث في النظام ككل.
وأضاف أبو شام، أن هناك معايير لكل مؤسسة لتقييم المخاطر، حيث تأخذ مجموعة العمل المالي في الاعتبار التوصيات الـ40 الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بينما تأخذ مجموعة (بازل) في الاعتبار الالتزام بمعايير مجموعة العمل المالي، إضافة إلى مكافحة الفساد والشفافية وحكم القانون، وتطبيق توصياته، حيث يعتمد كذلك على 14 مؤشرا يتم دمجها في الالتزام بالمعايير المالية والشفافية وحكم القانون.
وكشف أبو شام لـ«الشرق الأوسط» أن هناك بطئا وسط المصارف السودانية لتطبيق معايير (بازل)، مما يتطلب أن تسعى البنوك السودانية للحصول على تصنيف من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية، وذلك عبر تطبيق معايير (بازل)، التي تهتم بصورة أساسية بالتزام المصارف بتوخي المخاطر المصرفية الناتجة من ممارسة أعمالها، مثل مخاطر التمويل والتشغيل والسيولة، والمخاطر الاستراتيجية وغيرها. ورهن حيدر تحسن تصنيف السودان في غسل الأموال للعام المقبل، بتطبيق والتزام البنوك بتطبيق توصيات (بازل) الثانية والثالثة.
ومن جهة زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للخرطوم هذه الأيام، وهي العاشرة للسودان في إطار الدعم الفني المقدم من صندوق المانحين، وتضم خبراء من الصندوق من أستراليا وآيرلندا وكندا ولبنان، أوضح أبو شام أن البعثة تستهدف بنك السودان المركزي ووحدة المعلومات المالية واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبين أن برامج بعثة صندوق النقد الدولي في السودان الخاصة بغسل الأموال، التي تستمر عشرة أيام، تشتمل على تقديم التدريب وبناء القدرات وتطوير التحليل الاستراتيجي وتحديث الأدلة الإرشادية واللوائح المنظمة لعمل وحدة غسل الأموال، ومتابعة مراحل التقييم الوطني للمخاطر، بجانب تحديث اللوائح والمنشورات الصادرة من بنك السودان. كما تتضمن برامج البعثة بناء قدرات العاملين في الرقابة المصرفية في البنوك السودانية، وتطوير آليات الرقابة بالتركيز على الرقابة القائمة على المخاطر، إضافة إلى تحديث لائحة أعمال اللجنة الوطنية ومراجعة أعمال اللجان الفرعية والتقييم الوطني للمخاطر.
وأشار أبو شام إلى أن صندوق المانحين خصص مبلغ 500 ألف دولار للسودان لهذا الغرض لمدة عامين، حيث هناك تواصل ممتاز مع المؤسسات الدولية، التي دعمت وحدة غسل الأموال بـ400 ألف دولار، كما قدمت خلال السنوات الماضية العديد من المساعدات في مجال التشريعات والتدريب.
وأسس السودان وحدة تابعة للبنك المركزي عام 2003. تعنى بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتلقت الوحدة بلاغات اشتباه من الجهات المعنية والجمهور، حيث بدأت برصد 50 حالة، ثم ارتفعت إلى 80 حالة، إلى أن وصلت إلى 130 حالة، وردت من البنوك والصرافات وسوق الخرطوم للأوراق المالية. وتمت إحالة عدد كبير منها بعد التحري والرصد، إلى الجهات العدلية ووحدة داخل بنك السودان المركزي. ثم أعيد تشكيل الوحدة استعداداً للجولة الثانية لتقييم السودان، والذي جرى فيه إخراجه من قائمة الدول العشر الأكثر مخاطر في غسل الأموال.
كما تمكن السودان وفقا للقرار الأخير من الحصول على الموافقة بتحديث التقارير كل عامين، بدلاً من تقارير المتابعة العادية، وبالتالي أصبح السودان أكثر التزاماً من بعض الدول العربية والأفريقية داخل مجموعة العمل المالي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
المصدر:(الشرق الأوسط)