في تاريخ الأمم والشعوب أيام خالدة ومشاهد تحفر في ذاكرة التاريخ إلى الأبد...وقد قرر الشعب الموريتاني في الخامس من أغسطس الماضي أن يخلد إصلاحات جوهرية في تاريخ هذا البلد ، فقد قال "نعم" تمجيدا وتكريما لآباء بذلوا أرواحهم في ميادين العزة والشرف دفاعاً عن أرض هذا الوطن وسيادته، "نعم" تكريما للمقاومة الوطنية التي ظلت غائبة في ثقافة المجتمع، مغيبة في الرموز الوطنية كالعلم ، أو النشيد أو حتي أيام وطنية لتمجيدها وإعادتها إلى الذاكرة الجمعوية، فإن كان بعض الشهداء، ذكر في المنهاج الدراسية، فإن الكثير منهم غيب وأهمل ، بسبب أو بعير سبب ، والعلم الوطني كرمز، ينبغي أن يجد الكل فيه ذاته.
فغدًا حين يرفرف العلم الجديد محاطا بتلك الخطوط الحمراء الجديدة ، ستبرز للعلن معاني الوطنية التي ضحى من أجلها الأجداد، ستغدو الأجيال الجديدة تعرف عن بطولات و تضحيات من استشهدوا في سبيل هذا الوطن، ستساهم تلك المعاني في حلق ثقافة وطنية عن التضحية من اجل هذا الوطن ، وترسخ في الاذهان قيم المواطنة. ستشكل تلك الخطوط الحمراء بالنسبة لنا لواحات تذكارية بأسماء شهداء هذا الوطن، ستجسد أجمل لوحة تذكارية لهم في سماء وطننا الغالي.
لقد اعلن الشعب ميلاد قيمة مضافة الى احد الرموز الوطنية .... اليوم نطوي صفحة خلت من تاريخ البلد ونفتح أخرى جديدة....عنوانها موريتانيا قوية ابية تعترف بمجدها ، تخلد بطولات مقاومتها للمستعمر، تعترف بالجميل لمن ضحي من اجلها ، انها موريتانيا الجديدة... موريتانيا فخورة بمقاومتها بتاريخها معتزة بحاضرها ومتفائلة بمستقبلها و بجيشها الباسل.
بمجالسها الجهوية الجديدة التي تكرس الديمقراطية على المستوي المحلى سيكون لمناطق بعيدة وافر الحظ من التنمية، وسيزيد فاعليتها و دورها في المشاركة في كل ماله صلة بالتنمية المحلية وحتي الوطنية ، هذه المجالس التي سيوكل اليها النظر في التنمية المحلية ومواصلة الجهود في ما وصلت اليه مختلف القطاعات و الخدمات في تلك المناطق.
لقد شهدت موريتانيا في العشرية الأخيرة إنجازات في شتى المجالات، كانت تلك الإنجازات تستهدف المواطن، ولقد تركزت الجهود على ما من شأنه أن يحسن من المستوى المعيشي للمواطن؛ وقد عرفت قطاعات الصحة والتعليم تحولات كبيرة في البنية التحتية والتجهيزات، ففي مجال البنى التحتية، على سبيل المثال لا الحصر: اصبحت جميع عواصم الولايات والمقاطعات متصلة بشبكة طرق معبدة، وقد اصبح مطار نواكشوط القديم ، يسمي مطار أم التونسي الدولي وقد غدا اكبر مطار في المنطقة الاقليمية، كما حققت موريتانا نجاحات معتبرة في قطاعات الطاقة والمعادن والميا.
تأتي هذه المجالس الجهوية كقيمة مضافة لمواصلة تلك الإنجازات، حيث يفترض فيها المحافظة على هذه المكاسب ومواصلة المسيرة التنموية على المستوي المحلى مع مراعاة للخصوصية المحلية، كما ستعزز المشاركة الفاعلة للمواطن في تقرير مصيره بنفسه من خلال اختيار ممثليه ، وبمقارنة بسيطة بين المجالس المحلية وبين غرفة مجلس الشيوخ التي تم إلغائها في هذه الاصلاحات، نجد ان انتخاب الشيوخ كان يتم بشكل غير مباشر؛ لذلك فهذه الهيئة ليست ضمن اهتمام المواطن، في الاتجاهين (لا المواطن يشعر بانه معني بالشيوخ ولا الشيوخ لديهم ارتباط بالمواطن) ، كما ان دورها ثانوي مقارنة مع حجم الإنفاق عليها، وهي إلى ذلك قاصرة عن ترسيخ ديمقراطية المواطنة ، على عكس هذه المجالس التي ستعزز ديمقراطية المواطنة و تنمي روح الديمقراطية في اجواء من الحرية و تعزز السلم الاجتماعي على الصعيد المحلى ، مما سينتج عنه تحسن بل ازدهار للممارسة الديمقراطية في بلادنا.
اليوم وبعد استفتاء الخامس من اغسطس أصبحت القيم المضافة في موريتانيا الجديدة كثيرة منها على سبيل المثال .. تقطيع اداري جديد، طبقة سياسية جديدة، ، رؤية وطنية جديدة...هكذا ولدت موريتانيا من جدد.. موريتانيا فخورة بماضيها، سعيدة بحاضرها ، واثقة من مستقبلها الواعد بإذن الله تعالى.
محــمــدفــال يـــحـــي