شهدت الأسابيع والأشهر الماضية مساعي سودانية عديدة لرفع اسم الدولة عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ومن ضمن هذه المساعي زيارة رئيس الحكومة عبدالله حمدوك لواشنطن.
ظهرت أيضاً بعض البشائر من خلال اجتماع رئيس مجلس الدولة عبدالفتاح البرهان مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، كما أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحدّث إلى البرهان ودعاه لزيارة واشنطن.
8.6 مليار للضحايا
لكن مشهد المدّعين من ضحايا السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا وهم يقفون في الصف الطويل أمام المحكمة العليا الأميركية يكاد يقضي على هذه الآمال.
في الصف الطويل وقف أحد الذين أصيبوا إصابات طفيفة وكان يعمل في السفارة الأميركية في دار السلام، وقد وصف لـ”العربية.نت” كيف نجا وقال إنه عبر قبل لحظات مكان الانفجار، ثم وقعت المأساة وأصيب بجروح طفيفة ومات العشرات.
كان في الصف الطويل أيضاً أقرباء لضحايا وهم يطالبون بتعويضات، خصوصاً أن السودان متهم بأنه كان يقدّم الدعم لتنظيم القاعدة خلال التسعينات، وأن التنظيم نفّذ الهجمات على السفارتين في دار السلام ونيروبي بدعم من حكومة الخرطوم آنذاك.
وأقرّت المحاكم من قبل تعويضات للمتضررين تصل إلى أربعة مليارات وثلاثة مئة مليون دولار، لكن أحد محامي الضحايا وعائلاتهم أكد أن هذه الأموال هي فقط تعويض عن الضرر، وأن القضية أمام المحكمة العليا تطالب أيضاً برقم مماثل كعقوبة للسودان عن دعمه للإرهاب، وبذلك تصل التعويضات المطلوبة إلى ثمانية مليارات و600 مئة مليون دولار.
قضية قانونية
المحكمة العليا الأميركية تنظر إلى هذه القضية من وجهة نظر دستورية، والسؤال المطروح عليها ينحصر في أن المدّعين يطالبون بتعويضات بناء على قانون صادر في العام 2008 فيما الهجمات وقعت قبل ذلك بعشر سنوات ويجب أن تقرر المحكمة العليا هل من الممكن تطبيق القانون بمفعول رجعي، وهل أن الحكومات الأجنبية محمية من بنود القانون الصادر عام 2008 أم لا؟
كان من اللافت جداً أن المحكمة العليا طلبت رأي الحكومة الأميركية في تطبيق هذه القوانين، وقد أدلت إدارة ترمب برأيها القانوني في رسالة إلى المحكمة العليا، ويقول رأي محامي الدولة إنه من الممكن تطبيق القانون، أو أقله، هكذا ينظر المدّعون إلى الرأي القانوني للحكومة الأميركية.
تأخير لأشهر
مع انتهاء المرافعة أمام المحكمة العليا، ينتظر الأطراف جميعاً قرارها، وهو منتظر خلال فترة عمل المحكمة، وينتهي في أوائل الصيف، وهذا يعني تأخيراً لعدة أشهر، وبعده أشهر أكثر، لكي ينفّذ السودان قرار المحكمة ويدفع أقلّه 4.3 مليار دولار أو 8.6 مليار دولار.
واعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو منذ أيام أن مسألة رفع العقوبات تتعلّق ليس فقط بقضية الهجمات الإرهابية في دار السلام ونيروبي بل أيضاً بتعويضات مماثلة تتعلّق بالهجوم الإرهابي على السفينة الحربية يو اس اس كول في عدن.
التعويض أولوية أميركية
مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال لـ”العربية.نت”: “إننا منخرطون في حوار ناشط مع السودان لتطوير علاقتنا الثنائية بما في ذلك السياسة، والمتطلبات للنظر في إمكانية إلغاء التصنيف في خانة الدول الداعمة للإرهاب”. وأضاف أن “إلغاء التصنيف مسألة متعددة الخطوات وتتعلّق بتلبية السودان لمتطلبات الحالة ومقاييس السياسة”، وأشار إلى أن الكونغرس يقوم بدور في هذه الحالة.
وبذلك، سيتحتم على السودان الانتظار لوقت طويل لكي تلغي الحكومة الأميركية تصنيفه “دولة راعية للإرهاب”، فمن جهة تقول حكومة الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة رفعت الحظر المالي والتحويلات منذ العام 2017 وإن ما تبقى كعقوبات مالية يستهدف سبعة أشخاص لهم علاقة بالنزاع في دارفور، لكن المسؤول في وزارة الخارجية أضاف “أن التعويض لضحايا الإرهاب يبقى أولوية لدى الحكومة الأميركية”.