يعد المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء في دورته 26 فضاء لتلاقي المثقفين به، وتفرض بعض العناوين سيطرتها على أرقام المبيعات في المعرض الذي بلغ عدد المشاركين فيه سبعمئة دار نشر من أربعين بلداً، إلى جانب ضيف الشرف موريتانيا.
وقال عبد الله أحد الناشرين إن معرض هذه السنة يعد أكثر تنظيما وجمالا من حيث تصميم الأروقة بالإضافة إلى حضور مهم للمدارس والأطفال والذين قاموا باقتناء الكتب بوفرة لأن المؤسسات التعليمية شجعتهم على ذلك لتربيتهم على التمسك بالكتاب والقراءة، أما ريم وأسامة من زوار رواق بيت مال القدس فقد استمتعا بمعية الأطفال بورشة الرسم التي خصصت لقبة الصخرة .
وعرف المعرض توقيع العديد من الكتب المهمة وكذا حضور العديد من المثقفين إضافة إلى الأروقة الجديدة خصوصا رواق النيابة العامة ورواق الأطفال، وعرف كذلك إطلاق تطبيق يتيح لجمهور المعرض الاطلاع على البرنامج العام ومختلف الأنشطة المنظمة في إطاره.
ضيف الشرف
امتدادا لعلاقات دامت من أوائل القرن 21، حلت موريتانيا ضيف شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب، واعتبر السلامي أحمد المكي رئيس الاتحاد الموريتاني للنشر والتوزيع أن الروابط الثقافية المغربية الموريتانية كثيرة ومتشابكة ولا يمكن حصرها.
وأضاف المكي للجزيرة نت أن موريتانيا والمغرب تجمعهما روابط ثقافية تاريخية على المستوى الجغرافي والتاريخي والديني من خلال وحدة المذهب، وأضاف "نجد أنفسنا أكثر ارتياحا هنا وكذلك بالنسبة للمغاربة بموريتانيا، فالمغرب وموريتانيا وجهان لعملة واحدة إن جاز التعبير وكلاهما لا يستغني عن الآخر ".
أبناء المهجر
وانخرط مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج في فعاليات الدورة 26 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، عبر حضور العديد من الكتب المهمة منها ما يوثق لتاريخ الهجرة المغربية لأوروبا، وتنوعت فعاليات المجلس بين ما هو أدبي وفكري، وقد شارك المبدعون والفنانون المغاربة المقيمون بالخارج -عبر مداخلاتهم بلغات بلدان إقامتهم- من أجل تعزيز العلاقة بين الثقافة المغربية والدولية.
وقال عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج أن المجلس نظم ثلاثة معارض لهذه السنة، بينها معرض مخصص للكتب التي كتبت في القرن 19 وبداية القرن العشرين، ومعرض للكتب التي ألفت حديثا، ومعرض آخر متعلق بالصور وخاصة البطاقات البريدية التي كانت تستخدم إبان الفترة الاستعمارية والتي تقدم صورة عن المغرب والمغاربة في تلك الحقبة.
وتابع بوصوف للجزيرة نت قائلاً إن هناك ثلاثين ندوة حضرها مجموعة من المتخصصين، وجرى الاحتفاء بمجموعة من الكتاب المغاربة بالعالم "لأن الجالية المغربية عرفت تطورات مهمة منها ما يتعلق بالنخب الفكرية والثقافية في كل المجالات والتي تكتب بالعديد من اللغات الأوروبية لكن تستوحي مضامينها من الثقافة المغربية".
وأضاف "عندما نتحدث عن مغاربة العالم فإننا نخص بالذكر المغاربة من المسلمين وهم أغلبية، والمغاربة اليهود الذين يعيشون في بلدان مختلفة كالأستاذ الجامعي سرفاتي سيمون، وسيتحدث في فعالية بالمعرض عن المغرب والعالم".
وشهدت الفعاليات كذلك حضورا فاعلا للكاتبة أعراب شادية المقيمة بالديار الفرنسية، والشرقاوي محمد الباحث بمركز الجزيرة للدراسات في قطر، وغيرهم من المثقفين المغاربة ببلاد المهجر.
كتب صنعت الحدث؟
ومن المؤلفات المهمة التي تحتفي بموريتانيا والثقافة الحسانية كتاب "مدخل إلى تاريخ البداوة عناصر من الثقافة الحسانية" للبروفيسور محمدو أمين، ويتناول أنماط العيش بموريتانيا والثقافة الشعبية.
ويستعرض الباب الأول "الألعاب التراثية الحسانية" متضمناً تصنيف قائمة الألعاب التراثية البيضانية التي جمعت بناء على معايير متعددة مثل سن اللاعبين وجنسهم ووظيفة اللعبة، أما الباب الثاني فيرتبط بالأبعاد المعرفية والخلقية في المأثورات الشعبية البيضانية (قراءة في الأمثال الحسانية) حيث تناول الكاتب الحكم والأمثال والحكايات والألغاز ودورها في الواقع.
ويحضر بالمعرض كذلك العديد من الدواوين الشعرية التي جذبت قراء القصيدة، كديوان "طعنات في ظهر الهواء" للشاعر محمد بلمو.
وكتجربة فريدة من نوعها في عالم الكتابة الروائية، تحضر الكاتبة الصحراوية المغربية متنة ماء العينين "برواية "حيدا" التي تعد تجربة فريدة من نوعها لأن الثقافة الحسانية شفهية في الغالب، وتشتغل في الكثير من الأحيان على جنس الشعر.
وحاولت الروائية الشابة أن تتحدث عن ثقافة أهل الصحراء المغربية عبر العديد من الشخوص خصوصا بعض الطلبة الذين يدرسون بمراكش وأكادير، وصورت انبهارهم بدخول الجامعة، وعلى لسان أحد شخصيات الرواية كتبت ماء العينين "كأن الداخل لجامعة القاضي عياض يدخل دار موضة فرنسية عتيقة.. لم يكن التأنق بالملحفة أمرا مهما بأي شكل من الأشكال بالنسبة لي".
وتمثل هذه الرواية رؤية تحمل في طياتها العديد من الحكايا التي توثق للثقافة الصحراوية المغربية، وتدرس التحولات التي عرفها نمط العيش الصحراوي.
أما كتاب "في عمق الشرق" للكاتبة بديعة الراضي فقد أسس لنسق آخر من الكتابة المتعلقة بأدب الرحلة حيث تحكي الكاتبة رحلاتها إلى تونس ومصر ولبنان وجنوب الصين بمنطقة جوانغشي من زاوية نمط العيش والاقتصاد والثقافة.
ولم تخف الكاتبة وهي متجهة لتلك الدول انبهارها بشرق آسيا خصوصاً منطقة جوانغشي الذاتية الحكم بالصين حيث تقول "الأسئلة التي كانت عالقة بذهني وأنا أفكر في الذهاب إلى الصين لم تستبعد البحث في كل تلك الصور النمطية التي رسمها التداول الاجتماعي حول هذا البلد المغري بالفعل".
ويعد الكتاب بمثابة تجربة مهمة لمؤلفته التي حاولت من خلاله تحويل سفرياتها إلى كتاب يوثق الأحداث التي واكبت السفر ونقاشات من واقع تلك الدول، واعتمدت فيه على أسلوب الحكي والحوارات البينية حتى تبعد عن القارئ الملل.
المصدر : الجزيرة