للخليج الإماراتية / محمد سعدنا ولد الطالب -رئيس مركز الرواد للدراسات والإعلام

يقوم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني حالياً بزيارة دولة للإمارات، وذلك في أول زيارة دولة يقوم بها منذ انتخابه رئيساً للجمهورية الإسلامية الموريتانية قبل نحو ستة أشهر، ولعل القراءة الأولية لاختياره الإمارات تُظهر بوضوح اهتمامه بهذه العلاقة المتجذرة بين البلدين، وحرصه على إعطائها الزخم اللائق مع بداية مشواره الرئاسي.
وتمتد علاقات الإمارات وموريتانيا على مدى نحو نصف قرن، وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، إلى موريتانيا منتصف سبعينات القرن الماضي، باكورة مسيرة ممتدة من التواصل بين البلدين والشعبين.. مسيرة عززتها المشتركات الدينية والحضارية، للشعبين وقوّت لحمتها الروابط الاقتصادية والسياسية التي ظلت حاضرة على مدى نصف قرن، ولم تؤثر فيها «الزلازل السياسية» التي ضربت العالم العربي، وأدت إلى تصدعات كثيرة في جسد العلاقات العربية البينية.
لقد انتبه الشيخ زايد، رحمه الله، باكراً إلى التميز الموريتاني الكبير في مجال العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية، فكان حريصاً على احتضان علماء وقضاة شرعيين موريتانيين مكنوا للمذهب المالكي الذي هو المذهب الرسمي لدولة الإمارات، لتتالى بعد ذلك مظاهر التعاون في مجالات مختلفة، فكانت هناك بعثات شرطية موريتانية ظلت تخدم الأمن الإماراتي، وما زال بعض أفرادها يخدمون هناك حتى اليوم، كما عمرت المساجد الإماراتية بالأئمة الموريتانيين.
وعلى الجانب الاقتصادي تعززت العلاقات بشكل كبير، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 325 مليون دولار، وتزايدت الاستثمارات الإماراتية في موريتانيا في مجالات مختلفة أبرزها المجال الزراعي، كما حرص الإماراتيون على تمويل العديد من المشاريع التنموية داخل موريتانيا، من بينها مشاريع تتعلق بالنقل والطاقة والصناعات المعدنية والخدمات.
سياسياً، ظلت العلاقات الموريتانية الإماراتية علاقات ممتازة يربطها التنسيق في خدمة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعززت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.
ولا شك في أن موريتانيا في ظل قيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ستكون أكثر حرصاً على الارتقاء أكثر بعلاقات البلدين، وهو أمر تشفع له العلاقات التي ظلت تربط الرئيس خلال عمله قائداً للجيوش الموريتانية بكبار القادة في دولة الإمارات، وخصوصاً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
إن الموريتانيين يتطلعون إلى أن تشكل زيارة رئيسهم إلى الإمارات، فرصة لتجديد علاقات راسخة بين شعبين لديهم كثير من المشتركات وروابط الماضي، ويحدوهما أمل قوي في صناعة مستقبل مشترك سيماه الأخوة والتعاون.