سجل الجنيه السوداني انخفاضاً مريعاً وصل أدنى مستوياته في تاريخ السودان أمام العملات الأجنبية، حيث لامس سعر الدولار للمرة الأولى حاجز المئة جنيه سوداني، وسط توقعات بتواصل تدني العملة السودانية مما وصفه خبراء الاقتصاد بالانهيار التام.
فيما شهدت أسعار السلع ارتفاعاً كبيراً وانفلاتاً غير مسبوق جعل أصوات المواطنين تتعالى من الشكاوى لعدم مقدرتهم مواكبة هذه التطورات الاقتصادية، في ظل عجز الحكومة الانتقالية استقطاب دعم خارجي لتغطية احتياجات البلاد من النقد الأجنبي، الذي حدده وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي بمبلغ خمسة مليارات دولار.
وأرجع محللون اقتصاديون تحدثت إليهم “اندبندنت عربية” الانخفاض المستمر للعملة السودانية إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية بشكل كبير، في ظل شح النقد الأجنبي في القنوات المصرفية والسوق الموازية، علاوة على ارتفاع حجم المضاربات للعملات من قبل كبار التجار، بالإضافة إلى نقص كمية الصادرات التي تعمل على تغطية العجز في النقد الأجنبي وتوفير حاجة البلاد من الواردات.
وتحاول السلطات، منذ أسابيع عدة، الحد من تدني قيمة الجنيه أمام العملات الصعبة بواسطة تنفيذ حملات أمنية على مواقع تجار العملة، إلا أن أسعارها مازالت مستمرة في التصاعد يومياً وبنسبة كبيرة. حيث أوقفت السلطات قبل أيام العديد من المتعاملين في هذا النشاط وتمت محاكمتهم بالسجن لمدة شهر ومصادرة الأموال التي ضبطت بحوزتهم لصالح حكومة السودان.
فيما وصف مواطنون سودانيون الارتفاع في الأسعار بالمخيف، متهمين التجار باستغلال الظروف الاقتصادية الضاغطة التي يمر بها الشعب السوداني، داعين إلى ضرورة وضع رقابة على الأسواق لضبط الانفلات في أسعار السلع التي وصلت لأعلى مستوياتها.
تقليل التضخم
ويأتي هذا التراجع الاقتصادي الذي أدى إلى تدني الأوضاع المعيشية في السودان لدرجة كبيرة لم تشهدها البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر (كانون الأول) 2018، التي عجلت إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي. في الوقت الذي تعالت أصوات الشارع السوداني تطالب حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الانتقالية بمراقبة الأسواق ووضع سياسات اقتصادية لتقليل التضخم وضبط سعر الصرف، إلى جانب سن قوانين وتشريعات رادعة ضد تجار العملات الذين يسعون إلى تخريب الاقتصاد الوطني. متهمين في الوقت نفسه أنصار النظام السابق بالتسبب في ارتفاع الأسعار بالسوق الموازية عبر زيادة الطلب على الدولار والعملات الأجنبية.
خطط إصلاحية
في المقابل كشف وزير المالية السوداني عن خطة أمنية على المدى القصير لمحاربة السوق الموازية للنقد الأجنبي، بجانب طرح مناقصات لتوفير النقد الأجنبي للجهات التي تستورد السلع الأساسية ضمن إجراءات تحسين وضع الجنيه السوداني، منوهاً إلى أن وزارته تعكف على إعداد خطط إصلاحية لتحسين الصادرات عبر حصائل صادر الذهب والإجراءات المتعلقة بتعديل سعر الصرف للصادرات، مضيفاً أن الإجراءات ستعيد التوازن للجنيه السوداني.