وضع باحثون في دراسة عالمية أول خريطة من نوعها لتقييم استدامة النظم الغذائية في كل دول العالم بناء على جملة من المؤشرات المتعلقة بإنتاج الغذاء، وتشمل لأول مرة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. وقد تصدرت نيوزيلندا قائمة البلدان الأكثر استدامة للغذاء في العالم، وجاءت الكويت الأولى عربيا.
متغيرات اجتماعية واقتصادية
أدت زيادة الوعي بالكيفية التي تؤدي بها النظم الغذائية البشرية إلى تفاقم تغير المناخ -في وقت تفشل في تغذية أكثر من ثمانمئة مليون شخص بشكل صحيح- إلى جعل فهم النظم الغذائية بشكل أفضل أولوية عالمية. وقد دعت العديد من المبادرات العالمية إلى تغيير نظامنا الغذائي للمساعدة في جعل النظم الغذائية "مستدامة".
لكن باحثين في المركز الدولي للزراعة المدارية وزملاءهم يعتقدون أن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية يجب أن تدرج أيضا إذا أردنا أن نفهم بشكل أفضل مدى استدامة أنظمتنا الغذائية. وقاموا لهذا الغرض بمراجعة الكتابات العلمية المتعلقة بالنظم الغذائية خلال العقدين الماضيين.
ثم حددوا عشرين مؤشرا متاحا لـ 97 دولة من المناطق ذات الدخل المنخفض والمتوسط والعالي، وصمموا خريطة عالمية لتقييم استدامة النظم الغذائية في جميع أنحاء العالم.
وصنف مؤلفو الدراسة المؤشرات العشرين إلى أربعة مجالات هي المتغيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والغذائية، والتي تغطي مجموعة واسعة من العوامل بما في ذلك انبعاثات غازات الدفيئة من الزراعة، وحجم القوى العاملة النسائية، والتجارة العادلة، وتقلب أسعار المواد الغذائية، وفقدان الأغذية والنفايات.
يقول مؤلفو الدراسة المنشورة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في مجلة "ساينتفيك داتا" التي تنشرها مجلة "نيتشر" إن النظم الغذائية التي تشمل شبكة إنتاج الغذاء واستهلاكه بأكملها -من مرحلة ما قبل الإنتاج إلى نفايات الطعام- لا تزال مجال بحث جديد نسبيا.
لهذا السبب، تبدو المؤشرات المستخدمة من قبل الباحثين والحكومات ومنظمات التنمية الدولية غير متجانسة أو غير متوفرة في كثير من الأحيان. لذلك كان أحد أهداف الدراسة هو البحث في وضع مصطلحات وأساليب موحدة للمساعدة في إجراء مزيد من الأبحاث حول أنظمة الغذاء.
الكويت الأولى عربيا
تظهر نتائج الدراسة تصدر نيوزيلندا قائمة الدول الأكثر استدامة في نظمها الغذائية بنسبة استدامة تصل إلى 0.73، تليها كل من سويسرا وكندا والمملكة المتحدة. في حين تذيلت القائمة بنغلاديش والهند ومدغشقر.
وبحسب الخارطة التي أنجزها الباحثون فإن 11 دولة عربية توفرت فيها المعطيات الخاصة بالعشرين مؤشرا المستخدمة في إنجاز الخارطة، وهي مصر والمغرب والسعودية والجزائر وتونس والعراق والسودان والأردن والكويت والإمارات إضافة إلى اليمن.
وقد تصدرت الكويت عربيا باحتلالها المركز 31 في قائمة الدول الأكثر استدامة للنظم الغذائية بنسبة استدامة تبلغ 0.57 خلال عام 2017.
وسجلت الجزائر أفضل معدلات ارتفاع لهذا المؤشر خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2000 و2017 ليبلغ 0.31 بعد أن كان في حوالي 0.16. كما شهد الأردن تطورا هاما في مؤشر استدامة الغذاء الذي قفز من 0.19 إلى 0.26 خلال نفس الفترة، وكان هذا التطور طفيفا بالنسبة لباقي الدول العربية.
ويعترف الباحثون بأنه بسبب الطبيعة متعددة الأبعاد لدرجة الاستدامة، فإنه لا يوجد حد "طبيعي/نظري" يمكن أن يحدد إن كان بلد ما مستداما.
ولا تتمثل أهمية هذا العمل في مساعدة الناس أو الخبراء على تصنيف البلدان على أنها "مستدامة/غير مستدامة" فيما يتعلق بحالة أنظمتها الغذائية.
لكنه يقدم بدلا من ذلك أداة هامة لمقارنة مستويات استدامة النظم الغذائية، ليس فقط بين البلدان، ولكن أيضا تطور استدامة هذه النظم بمرور الوقت في بلد معين أو مجموعة من البلدان. ويقدم الباحثون بهذه الدراسة أمثلة لأربعة بلدان هي الجزائر والهند وتشيلي وتوغو.