كتب القاضي التاه ولد حمينه ردا مطولاً على تسجيلات متداولة للفقيه محمد الامين ولد الشاه قال فيها بتضعيف وبطلان بعض الأحاديث التي تحدثت عن بعض المسائل الشرعية المختلفة.
وتمحورت الردود حول 7 مسائل أورد القاضي كلام الفقيه فيها متبوعا بالرد عليها بشكل متتابع.
ردود القاضي ولد حمينه على ولد الشاه :
قال صاحب التسجيل: إن حديث اذا تأهل الرجل ببلد صلي صلاة المقيم حديث باطل بني عليه بعض الاغبياء حكما باطلا.
ولي هنا ملاحظتان:
- اولا :افهم من قوله حديث باطل انه موضوع اي مكذوب علي النبي صلي الله عليه وسلم ولم ار فيماوقفت عليه من كلام حفاظ الحديث من حكم علي الحديث بالوضع او البطلان وان ضعفه كثيرمنهم علي النحو الاتي:
١- اعله البيهقي بالانقطاع وضعف احد رواته وهو عكرمة بن ابراهيم كما في مختصر خلافياته لابن فرح بسكون
الراء ٣١٢/٢
٢-عزاه الهيثمي في المجمع لمسندي احمد وابي يعلي وقال: فيه عكرمةبن ابراهيم وهو ضعيف ٢/١٥٦
-٣ عزاه البو صيري في الاتحاف لمسانيد الحميدي وابن ابي عمر وابن ابي شيبة وابي يعلي واحمد بن حنبل وضعف سنده لجهالة بعض رواته٢/٣١٦
-٤ضعفه العيني في العمدة ٧/١٢٠وكذ في النخب ٦/٤٠١
-٥ ضعفه ابن الملقن في التوضيح٨/٤٤٨
٦ضعفه الحافظ في الفتح قال لايصح لانه منقطع وفي رواته من لايحتج به.
٧-الظاهر من صنيع ابن القيم في الزاد الميل لتقوية الحديث فانه اعتبره احسن ماتؤول لعثمان به في القصر بمنى. ونقل عن شيخه ابن تيميةما مقتضاه انه يمكن المطالبة بسبب الضعف لأن البخاري ترجم عكرمة في تاريخه ولم يطعن فيه مع أن عادته ذكر الجرح والمجروحين.
٨-مال الشوكاني في السيل الجرار الي تقوية الحديث حيث قال في اسناده عكرمة بن ابراهيم وفيه ضعف خفيف لايوجب ترك مارواه١/١٩٠
٩-ضعف الاالباني الحديث في ضعيفته برقم٢٤١٥بقوله ضعيف.
قلت: اذاعلم ماتقدم والتتبع لايقتضي الحصر علم ان الحديث لم يوصف بالضعف الشديد بله الوضع بل ضعفه ضعفا مقاربا كمايفهم من كلام الشوكاني وابن القيم وعلة ذلك ان التضعيف لجهالة الراوي تضعيف من باب الاحتياط وعليه فاطلاق البطلان عليه مجازفة كما لايخفي.
-المسالة الثانية من اطلق عليهم وصف الاغبياء هم معظم المالكية والحنفية والحنابلة قال في اضواء البيان اذا تزوج المسافر ببلد او مر علي بلد فيه زوجته اتم الصلاة لان الزوجة في حكم الوطن وهو مذهب مالك وابي حنيفة واصحابهما واحمد وبه قال ابن عباس وروي عن عثمان واحتج من قال بهذ القول بمارواه احمد والحميدي في مسنديهماعن عثمان وذكر الحديث المتقدم ١/٢٧٨
قلت : قال مالك في المدونة: في من خرج من افريقية يريد مكة وله بمصر اهل فأقام عندهم صلاة واحدة انه يتمها وله كلام في المسأله تركته خشية الطول فليراجع ١/٢٠٧ حتي يعلم ان مانسب لبعض الاغبياء هو عين قول مالك لا لازم قوله ولا اقوال اصحابه اقول هذ مع اني رأيت كثيرا من شراح المختصر يعللون انحلال القصر بدخول مكان الزوجة المدخول بها المنصوص في المختصر بقولهم ان ذلك المكان في حكم الوطن او لانه مظنة للاقامة القاطعة فليراجع عليش والزرقاني والمواهب ..
ختاما لاضير في نقد الاحكام الفقهية الفروعية لأننا والحمد لله لا نعتقد عصمة اصحابها من الخطأ لكن ينبغي ان يكون ذلك بأسلوب العلماء وأن يفهم ان اصحاب تلك الارآء مأجورون عليها عند الله عز وجل ولو اخطئوا
قال صاحب التسجيل :حديث كراهة الكلام اثناء الوضوء بغير ذكر الله حديث ابن البيلماني باطل ما من ولا اعليه
قلت: لم افهم قصده تماما والذي ترجح عندي انه يعني حديث محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن ابيه قال رأيت عثمان بالمقاعد يتوضأ فمر به رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتي فرغ من وضوئه ثم دخل المسجد فوقف علي الرجل فقال لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ ثم لم يتكلم حتي يقول لااله الا الله وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله غفر له ما بين الوضوئين
قلت
_عزا الهيثمي في المجمع الحديث لمسند ابي يعلي قال وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو مجمع علي ضعفه ١/٢٣٩ وعزاه له البوصيري في الاتحاف١/٣٣٤ وللدارقطني قال: ومحمدبن عبد الرحمن ضعيف وكذ الراوي عنه واكتفي المنذري في الترغيب بالاشارة الي ضعفه وكذ السيوطي واول من رأيته اطلق علي الحديث الوضع الالباني في ضعيفته برقم ٦٨١١ وعلل ذلك بأن ابن البيلماني متهم بالوضع وقد حكم ابن الجوزي علي احاديث له بالوضع واتهمه ابن حبان .
قلت" قال الذهبي في الميزان عنه ضعفوه ونقل بعض الاقوال فيه واوجز الحافظ في التقريب أمره بقوله ضعيف اتهمه ابن عدي وابن حبان وأبوه عبد الرحمن مولي عمر هو ايضا ضعيف كما قال الحافظ.
فالحديث محتمل لما قال الالباني
_قلت الحكم على الحديث بالوضع او الضعف انما هو بزيادة جملة التكلم وما بين الوضوئين والقصة.
وإلا فاصل الحديث في الصحيحين باسانيدهما.
قال صاحب التسجيل: حديث: لاصلاة لجار المسجد الافي المسجد ماعنده أي صحة.
قلت: إن قصد الضعف فنعم.
وإن قصد الوضع فلا.
ودليل ذلك ما يلي
_روي الحديث مرفوعا عن أبي هريرة وجابر وعائشة وروي موقوفا عن علي ولولا خوف الاطالة لتوسعت في التخريج والحديث محل جدل قديم فقد حكم بوضعه ابن الجوزي في الموضوعات من حديث عائشة وتعقبه السيوطي في اللآلئ بطريق ابي هريرة وجابر كما حكم بوضعه الصنعاني في جزئه الذي جمع فيه ماوقع في الشهاب للقضاعي والنجم للافليشي من الاحاديث الموضوعة ورد ذلك الحافظ العراقي في جزء له تعقب فيه الصنعاني وقال اخرجه الحاكم في المستدرك من حديث ابي هريرة وقال إن كان فيه ضعف فلا دليل علي كونه موضوعا ونقل كل ذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة واوجز الحافظ في تلخيص الحبير الكلام عليه بقوله مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له اسناد ثابت واكتفي الالباني بتضعيفه فقط ورد على من حسنه من المعاصرين في بحث طويل في الارواء فليراجع ٢/٢٥١.
قال صاحب التسجيل: إذا رايتم الرجل يعتاد المساجد، ماعنده أي صحة
_قلت الحديث رواه احمد والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي وابونعيم في الحلية وابن ابي حاتم في تفسيره والواحدي في الوسيط وكذا البغوي في التفسير وعبد بن حميد في المسند وغيرهم كثير كلهم من رواية دراج ابي السمح عن ابي الهيثم عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان قال الله انما يعمر مساجد الله...
قلت وهذ السند اختلف المحدثون في التعامل معه
اولا: المصححون والمحسنون حسنه الترمذي٢٦١٨ قال مغلطاي في شرح ابن ماجه والمعهود منه تصحيح هذ الاسناد قال: وممن يصحح هذ السند: ابن معين وابن خزيمة .
قلت :وصححه الحاكم فقال: هذ ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها وكذا المناوي في التيسير ١/٩٩ورد الغماري في المداوي تصحيحه وقال: بل هوحسن ان شاء الله لأن نسخة دراج ابي السمح عن ابي الهيثم عن ابي سعيد غايتها الحسن ١/٣٧٤.
ثانيا: المضعفون واولهم احمد بن حنبل فقد نقل ابن رجب في تفسيره عنه قوله عنه منكر١/٤٩٠ لأن دراج له مناكير ومنهم الذهبي فقد تعقب الحاكم بقوله دراج كثير المناكير وكذا مغلطاي في شرح ابن ماجه فقد ضعفه من رواية رشدين ١٣٤٥ وممن ضعفه من المعاصرين الالباني في كثير من كتبه كضعيف سنن الترمذي وتمام المنة وكذا شعيب الارنؤط في تحقيقه للمسند
وعلى كل حال فالحديث ضعفه ليس بذاك الذي يستحق معه الوصف بعبارة ماعند اي صحة.
قال صاحب التسجيل: كل الاحاديث الواردة في ذم الطلاق باطلة اي انها موضوعة حسب مايفهم من العبارة.
قلت: هذه كلية غير صحيحة مطلقا وبرهان ذلك مايلي
-ورد في صحيح مسلم -وهو ما يعني ان الحديث قد جاوز القنطرة كمايقال- من حديث جابرقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة اعظمهم فتنة يجئ أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ماصنعت شيئا قال ثم يجئ أحدهم فيقول ماتركته حتي فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت " قال الاعمش أراه قال "فيلتزمه"
فالحديث في صحيح مسلم ولا اعتقد أن أحدا يستطيع أن يفهم منه مدح الطلاق ولكن دفعا لمثل ذلك الفهم المحتمل في زماننا إليكم مافهمه منه القاضي عياض في الاكمال حيث قال"وفيه تعظيم أمر الفراق والطلاق وكثير ضرره وفتنته وعظيم الإثم في السعي فيه لما فيه من قطع ما أمر الله به أن يوصل وشتات ماجعل الله فيه من مودة ورحمة وهدم بيت بني في الاسلام وتعريض بالمتخاصمين أن يقعا في الحرج والآثام "٨/٣٤٩
وقريب من هذ فهم المناوي في فيض القدير حيث قال في شرح الحديث"ثم إن هذا تهويل عظيم في ذم التفريق حيث كان أعظم مقاصد اللعين ...."٢/٤٠٨
-حديث أبغض الحلال عند الله الطلاق رواه ابوداود وابن ماجه والحاكم عن محارب بن دثار عن ابن عمر ورواه ابوداود والبيهقي مرسلا ليس فيه ابن عمر
ولم أر من اطلق عليه الوضع مطلقا بل إن الحفاظ والمحدثين قديما وحديثا إنما اختلفو فيه بين الوصل والارسال فصححه الحاكم واقره الذهبي وكذا صححه السيوطي وانتصر الغماري في المداوي لمن صححه وصحح وصله لا ارساله في بحث ماتع فليراجع ١/٧٨
وممن صحح إرساله ابوحاتم والدارقطني في العلل والبيهقي وانتصر لذلك الالباني في الارواء فحكم بضعفه للارسال٧/١٠٦
-صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ثوبان عند الخمسة الاالنسائي "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير مابأس فحرام عليها رائحة الجنة "قال الترمذي حسن وقال الحاكم صحيح علي شرط الشيخين ووافقه الذهبي
-قلت وردت في ذم الطلاق احاديث اخري مضعفة غير أني لم أر من حكم بوضعها اوبطلانها ومنها
١-حديث ابي موسي عند الطبراني"لاتطلق النساء الامن ريبة فإن الله عز وجل لا يحب الذواقين والذواقات" ضعفه عبد الحق في الاحكام وسلم ذلك ابن القطان في بيان الوهم والايهام وله فيه بحث جيد يراجع ٢/٥٤٧ و٣/٥٠٨ ولم يتعقبه الذهبي في الرد علي ابن القطان ٤١ وقال عنه الهيثمي في المجمع رواه البزار والطبراني في الكبير والاوسط وأحد اسانيد البزار فيه عمران القطان وثقه أحمد وابن حبان وضعفه يحي بن سعيد وغيره٤/٣٧٥
-٢حديث "إن الله تعالي لايحب الذواقين ولا الذواقات"قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وفيه راو لم يسم وبقية اسناده حسن ٤/٣٣٥قال الغماري في المداوي وفي الباب عن ابي موسي وابي هريرة وقتادة مرسلا ٣/٣٢٩وضعفه الالباني في ضعيف الجامع برقم ١٦٧٣ وفي غاية المرام بعد ان خرجه من حديث شهر بن حوشب مرسلا ١٥٩
-٣حديث"تزوجوا ولاتطلقو فإن الله لايحب الذواقين ولاالذواقات"عزاه السيوطي في الجامع الصغير للطبراني عن ابي موسي وأورده الالباني في ضعيف الجامع برقم ٢٤٣٠ وقريب منه حديث ابي امامة عند ابي يعلي "تزوج ولاتطلق فإن الله يبغض الذواقين والذواقات"قال البوصيري في اتحاف الخيرة إسناده ضعيف لضعف بشر بن نمير ٤/٣٤
قلت هذه احاديث مضعفة لكن لم ار من حكم عليها بالوضع او البطلان وعليه تكون الكلية السابقة في خبر كان
اكتب هذ مع اني اعلم انه وردت احاديث باطلة في ذم الطلاق يحضرني منها الحديث المشهور "تزوجو ولاتطلقو فإن الطلاق يهتز منه العرش"وهو عند ابن عدي في الكامل وابي نعيم في اخبار اصبهان والخطيب في تاريخ بغداد ومن طريقه اورده ابن الجوزي في الموضوعات واقره السيوطي في اللآلئ وابن عراق كما اورده الصغاني في الموضوعات
قال:صاحب التسجيل : كل الاحاديث الواردة في ليلة شعبان باطلة.
قلت : ان قصد ليلة النصف من شعبان فقد أخطا برهان ذلك
-قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف" في فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة وقد اختلف فيها فضعفها الاكثرون وصحح بعضها ابن حبان وخرجه في صحيحه "
-أورد الالباني في صحيحته برقم ١١٤٤حديث "يطلع الله تبارك وتعالي الي خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن " وقال حديث صحيح روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا وهم معاذ وأبو ثعلبة الخشني وعبد الله بن عمرو وابو موسي وابو هريرة وابو بكر الصديق وعوف بن مالك وعائشة ثم خرجها جميعا وختم بحثه بقوله "وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب والصحة تثبت بأقل من هذا عددا مادامت سالمة من الضعف الشديد.. فما نقله القاسمي رحمه الله في اصلاح المساجد عن اهل التعديل والتجريح انه ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح فليس مما ينبغي الاعتماد عليه .. "
قلت انظر عبارة القاسمي وقارنها بإطلاقات غيره ليتضح لك الفرق بين عبارة حديث باطل وحديث غير صحيح مع اني رأيت من نقل عن ابن العربي قوله ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه ولابن العربي اطلاقاته
-قلت: لعبدالله بن محمد بن الصديق الغماري رسالة بعنوان حسن البيان في ليلة النصف من شعبان جيدة في بابها فلتراجع.
قال: كل الاحاديث الواردة في فضل رجب باطلة.
قلت قد كفانا الله مؤنة البحث والرد فقد ألف الحافظ ابن حجر كتابه الماتع تبين العجب فيما ورد في شهر رجب وجزم في بدايته ونقل مثل ذلك عن الهروي أنه لم يرد في فضل رجب حديث صحيح يصلح للحجة. قسم الاحاديث الواردة فيه إلي ضعيفة وموضوعة ثم شرع في ذكرها بعد أن ذكر تسامح العلماء في ايراد الاحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة فليراجع كتابه فإن من قرأه تبين له عدم صحة اطلاق وصف البطلان المتقدم وضرورة التقيد بمصطلحات أهل الحديث.