لقد ظل سكان هذه الولاية على مدى عقود من الزمن يشكلون اكبر خزان انتخابي للأنظمة المتعاقبة على السلطة بدون شرط وقيد،ورغم ذلك ظل هؤلاء السكان هم الأقل حظا في المشاريع وفي التنمية وفي الإنجازات، إلا أنهم ورغم كل الإهمال والنسيان ورغم كل المعاناة، واصل هؤلاء السكان ذلك الدعم والمساندة، إلى ان جاء اليوم الذي يقولون فيه لا وبصوت عالي، وهو ما لم يكن متوقع ابدا.فمثلا نجد قبيلة كبيرة في هذه الولاية تطلق تصريحات كبيرة وخطيرة للغاية تعبر عن الظلم والتهميش والإقصاء الممنهج عليها بقولها لا للنظام، كذلك جميع القبائل والتجمعات والشرائح والأسر في هذه الولاية تسير على نفس الخطى وتقول لا، وذلك يظهر جليا من خلال التذمر والغضب والتصاريح التي تصدر من المشايخ والوجهاء وشيوخ القبائل والشباب في وسائل لإعلام الحرة وشبكات التواصل الاجتماعي، كما يمكننا التنبيه إلى ملاحظة أخرى وهي أنه في موسم المبادرات هذه الأيام، من الغريب أنه إلى حد الآن لم تشهد هذه الولاية أية مبادرة داعمة للتعديلات الدستورية وهو أمر مستغرب،في حين أن اغلب ولايات الوطن شهدت مبادرات كثيرة فلا يكاد يمر يوم وإلا نشاهد مبادرة داعمة،وخاصة انه قد عودتنا هذه الولاية على أن تكون سباقة إلى الدعم والتأييد، كما أنها هي الولاية الوحيدة التي منها أكبر هرم في الدولة و بها أكبر نسبة من الوزراء،فما بال أطر هذه الولاية ووجهائها وشيوخ قبائلها؟ ألم يعودوا ينصتون لهؤلاء الكبار ؟ وما السبب في قول لا هذه المرة وفي هذا الظرف العصيب على النظام وأغلبيته؟ يمكننا حصر هذه الأسباب في ثلاثة نقاط أساسية:أولها الوعي وثانيها فقدان الأمل والثالث والأخير وجود معارضة داخل الأغلبية الحاكمة. يعتبر السبب الأول وراء قول سكان الحوض الشرقي لا هو الوعي،فيمكننا القول أن هؤلاء السكان أدركوا حجم المعاناة والتهميش والإقصاء،فقد عودهم مسؤوليهم على الوعود الكثيرة’ بحل مشاكل الفقر والبطالة والعطش والجهل والصحة والبنى التحتية الخدمية والتنمية ........... وغيرها وحين تنتهي الانتخابات تنتهي الغاية منهم ويتم نسيانهم وإهمالهم،إلى إشعار لاحق. فنحن نتحدى جميع المنظمات والهيئات المشرفة على الإحصاء والمسموحات ان تقوم بإحصاء او مسح لهذه الولاية، إلا وتجدها فيه الولاية التي تحتل اكبر نسبة في الفقر، واكبر نسبة في البطالة، فشبابها هاجر إلى إفريقيا، حيث يقتل هنا كل يوم بدم بارد،كذلك تمثل أقل نسبة في التمدرس،حيث تقل او تنعدم نسبة الناجحين في الباكلوريا في هذه الولاية،وتنخفض نسبة الناجحين في مسابقة دخول الإعدادية وإن نجحوا فبمعدلات متدنية، كذلك تعتبر هذه الولاية أقل نسبة على مستوى التغطية الصحية،فجميع المرضى في هذه الولاية يذهبون إلى انواكشوط للعلاج رغم بعد المسافة وصعوبة الطريق والمواصلات،أيضا تمثل أقل مؤشر في التنمية رغم توفرها على ثروة حيوانية كبيرة ومساحات زراعية شاسعة. فسكان هذه الولاية أدركوا أخيرا ان النظام الحالي يتلاعب بهم ويستخدمهم لصالحه ولا يعطيهم أية أهمية بل يتهكم عليهم ويسخر منهم،مثلا خطابه الأخير. أما السبب الثاني فيعود إلى فقدان الأمل لدى هؤلاء السكان،حيث لم يعد لديهم ثقة في الدولة ولا النظام ولا المسئولين،من كثرة الوعود الجزافية والوهمية،فقد سمعوا وعودا كثيرة لكنهم رأو نكوثا أكثر، لذلك قرروا إن يواجهوا مسئوليهم هذه المرة بلا،لأنهم لم يعد لديهم ما يخسرونه، ولم يعد لديهم ما يتأملونه من هؤلاء المسئولين. فهؤلاء السكان يعتبرون انسفهم اقرب إلى دولة مالي من دولتهم،وينتظرون منها مالا ينتظروه من دولتهم ويستنجدون بها في فترات الشدة والجفاف، حيث ينزحون بمواشيهم، إلى هذه الدولة، وقد حصلت سابقة في تاريخ هذه الولاية حيث رفع علم الدولة المالية في إحدى مقاطعات هذه الولاية، في مظاهرات جابت أنحاء المقاطعة، وخلفت خسائر مادية كبيرة،وربما يعيد التاريخ نفسه ويرفع علم او أعلام، إذا لم تلتفت الدولة إلى سكان هذه الولاية المنسية وإلى معاناتهم، وتنتشلهم مما هم فيه من الفقر والتهميش. وأخيرا نختم بالسبب الأخير والأهم، وهو وجود معارضة داخل الأغلبية الحاكمة،فقد تشكلت جبهة كبيرة من المعارضة داخل النظام في هذه الولاية، ويعود السبب في ذلك إلى كون المسؤولين في هذه الولاية، بدل ان ينشغلوا في الخصم الحقيقي وهو المعارضة الراديكالية ويذهبوا إلى شرح سياسات النظام وبرامجه وإقناع الرأي العام بها في مواجهة المعارضة ، شغلوا انسفهم بالعداءات والصراعات والنزاعات القبلية والأسرية والجهوية،وعمدوا إلى إقصاء الكفاءات والأطر والشباب من أبناء هذه الولاية،وممارسة الظلم والانتقام عليهم،وهو ما جعل أطر وشباب هذه الولاية بعضهم يجمد نشاطه في الحزب الحاكم والبعض منهم يذهب إلى خيار الانضمام إلى أحزاب المعارضة والبعض يختار خيار الصمت، وبهذه الحالة يكون هؤلاء المسئولين أرغموا هؤلاء الأطر والكفاءات والشباب على النفور من النظام وخياراته ، وذلك بسبب الظلم والتهميش والإقصاء والانتقام الذي يمارسونه عليهم يوميا،ويختلقون عداءات لا أساس لها، بل هي أوهام تشكلت في أذهان هؤلاء المسؤولين ، وأصبحوا يقربون بها من يختاروا ويبعدون بها من يختاروا متناسين أن الدولة للجميع وتسع الجميع وبحاجة لجميع أبنائها وكفاءاتهم وقدراتهم، فهم لم يدرسوا ويتغربوا في الخارج ليأتوا بالشهادات العليا إلا لكي يخدموا هذا الوطن العزيز. وفي الختام لدينا الكثير من المعلومات والأدلة والأسماء عن الموضوع لكن المقام لم يتسع لذكره، والمقال يتواصل وسنوافيكم إنشاء الله بالكثير والكثير عن معاناة هذه الولاية واهلها وشكرا دامت موريتانيا للجميع د: مريم بنت حدمين باحثة في مجال القانون