ترجمة لرواية "الحدود الأخيرة للامبرطورية، تربية صحرواية" / تجربة ضابط "جمّالة" فرنسي خدم في موريتانيا / الحلقة الأولى

سبت, 05/10/2019 - 12:54

المدونة خفية الإسم / Eddehma rim

تعود الصورة على الغلاف للجنرال جان دي بوشي Jean du Boucher، (المولود 1910م)، التقطت له في دكار سنة 1932م، حين كان ضابطا. وقد توفي في السادس من أغسطس 1998م، عن عمر ناهز 88 عامًا، دون التمكن من الاطلاع على الكتاب في شكله النهائي.
وصل الضابط جان دي بوشي إلى موريتانيا 1933م (سنة بعد تخرجه من سين سير) قادما من داكار واستقر فيها حتى 1935م، ثم خدم فيها أيضا من 1958 الى 1960م، كقائد للقطاع الشمالي لموريتانيا، ثم عاد إليها سنة 1971م ضمن الدعم اللوجستيكي للقبطان "كوستو" لتصوير حطام باخرة "لامديز" في الحيز البحري لإيمراكن.  وما بين 73م-75م، أشرف على بعثات استكشافية سياحية في صحراء موريتانيا.

تمكنت الكاتبة من تسجيل 150 ساعة مقابلة مع الجنرال، ومن الوصول الى وثائقه الشخصية بحرية، كما استعانت أيضا بمقابلات مع بعض "المهاريست" الفرنسيين و"كَوميات" السابقين من البظان التقت بهم في موريتانيا، وفي مخيمات اللاجئين الصحراويين

استكملت المؤلفة تحقيقاتها بالبحث في الأدب الاستعماري الصحراوي، وفي وثائق الأرشيف (الأرشيف الوطني في انواكشوط، أرشيف فينسين، مصلحة تاريخ القوات البرية) وبعض الإنارات والمراسلات الخاصة، ومقابلات ووثائق من شخصيات فرنسية، ومن شخصيات موريتانية: يوسف ولد محمد، محمد سعيد ولد همدي، محمد خونه ولد هيداله، محمد ولد محمد اندي، بوبكر سيكا سيلا، محمد سالم ولد ديكرو، الديه ولد الدَّاف، الطالب ولد بلخير.

كما أسلفتُ، فكتاب "التربية الصحراوية لكيبي أسود" يتتبع قصة ضابط فرنسي شاب شارك في "الفتح الاستعماري" لما كان يسمى في بداية الثلاثينات "الحدود الأخيرة للإمبراطورية" وتتمثل في الفضاء الفاصل بين آدرار الموريتاني والحدود الجزائرية المغربية، وهي الصحراء التي تسيطر عليها "قبيلة" كبيرة ومتمردة تدعى "ارگيبات"، وقد وضعت فرنسا حدا لمقاومة السكان البدو في آخر عملية مشتركة للقوات الفرنسية المغربية والجزائرية والموريتانية سنة 1934م.

في مسرح الاستعمار الصحراوي، تم إعداد مشهد تحتك فيه ثلاث حضارات، تتشارك الحياة اليومية جنبًا إلى جنب، من خلال ثلاثة أصناف من الرجال: "المهاريست" الفرنسي (الجمّال)، "الكَومي البيظاني"، والرامي السنغالي، هؤلاء كانوا أول أدوات الفتح الاستعماري، وظلوا حتى استقلال موريتانيا، يمثلون المراسي المثبِّتة للاستعمار على أراض البدو الرحل، تجمعهم شبكة من الوظائف توفر الرجال والأسلحة والمعدات والغذاء، والتوجيهات والأفكار.
 تتألف وحدات "المهاريست" المسؤولة عن السيطرة على البدو من حفنة من الفرنسيين، ضباطا وضباط صف، مدعومين من فصيلين الى ثلاثة من الرماة السنغاليين، (رماة سود من مختلف الجنسيات يطلق عليهم اصطلاحا: "الرماة السنغاليون") وحوالي 80 من گوميات المحاربين البيظان، وقد أنيط بهؤلاء فرض السلام بالمفهوم الفرنسي على السكان.

"فرقة البدو الرحل" أكثر من مجرد فرقة استطلاع، هي في نفس الآن تضم مئات الأشخاص ينتجعون معا على امتداد السنة: "گوميات" وأسرهم وعبيدهم، طاقم خدمة الجيش من الرعاة السود والحدَّادين، وحتى "امرابط" يعلم الأطفال، وفي نفس الوقت يعلم الفرنسيين مبادئ العربية المحلية (الحسانية).. إلى ذلك ينضاف العابرون والتجار والمنتجعون في الجوار، ووجهاء قدموا ليقمسوا الولاء، ومخبرين من كل الأطراف.

 

تصفح أيضا...