مساهمة الخبير الاقتصادي اب ولد باباه في ندوة حزب الإنصاف :   أي نموذج اقتصادي لتسريع وتيرة التنمية في موريتانيا

ثلاثاء, 02/04/2024 - 18:07

 

مساهمة شخصية في االندوة الاقتصادية المنعقدة من 16 إلى 17 مارس 2024 من قبل حزب الإنصاف حول: I
                        أي نموذج اقتصادي لتسريع وتيرة التنمية في موريتانيا

   سعدت كثيرا بالمشاركة في الندوة الاقتصادية المنعقدة تحت عنوان: أي نموذج اقتصادي لتسريع وتيرة التنمية في موريتانيا ، حيث شاركت بمساهمة شفهية مباشرة قصيرة عن بعد حول هذا الموضوع. و في الحقيقة تستحق هذاه الندوة الإشادة حيث تميزت عن غيرها من اللقاءات السابقة من خلال انفتاحها الفعلي على المهارات الوطنية وتجميعها في خدمة البلاد، وهي مبادرة لتستحق بدون شك التثمين و الإشادة

  و لما كان الوقت المخصص للتدخلات محدودًا للغاية، أود أن أتوسع في هذ المقال  لأقدم بعض الأفكار الإضافية من أجل إثراء هذا النقاش الهام جداً بالنسبة لمستقبل بلدنا الحبيب..
و قد كان هذا المجال الذي يتعلق بتنمية البلاد يتصدر اهتماماتي دائماً إذ كنت قد نشرت عدة مقالات حول هذا الموضوع في الصحافة الوطنية  كما تناولته في بعض المقابلات التلفزيونية .

 

علاوة على ذلك الاهتمام ، أستطيع أن أؤكد، كما هو الحال ،فيما أعتقد ، مع بعض المثقفين  الوطنيين  الآخرين المهتمين بنفس المجال أنني كنت دائما أشعر ببعض خيبة الأمل في كل مرة كنت اكتب فيها عن هذا الموضوع، لكوني أشعر غالبا بأنه لا أحد يتأمل أو يهتم في بلادنا بما يكتب، وخاصة المسؤولون الحكوميون الذين نوجه لهم هذه التأملا ت بالدرجة الأولى. وبالتالي، كنت غالبا ما أشعر بأن المثل الحساني   "حلاب ناقت ف الظاية " ينطبق علي كلما كتبت حول هذه المواضيع.

 

وقد شجعتني هذه المبادرة الجديدة التي تم الإنفتاح من خلالها علي المهارات الوطنية بدون أخذ في لإعتبار إنتماءاتها الفكرية أو السياسية .وهي مبادرة ستخلق جوا جديدا للنقاش الإبداعي و لتلاقح الأفكار  في جو سليم  يتقبل بالرأي والرأي الآخر. وذلك ما جعلني أذكر ببعض المقالات  الهامة في نظري  والتي سبق لي أن نشرتها في جريدة  "القلم الفرنسية " في  مناسبات مختلفة وفي بعض الوسائط الإعلامية الوطنية الأخرى.

 

كانت هذه المقالات تحت العناوين التالية :

لتحقيقه - صرخة من أجل الأمن الغذائي ووجوب وضع خطة مارشال .
؟ - الترحال بين الوظائف الحكومية الموريتانية: ما له وماعليه
- الإستحقاقات القادمة  والمخاض العسير
في التنمية - دور القطاع الخاص
ومن أجل تأكيد ما قلته آنفا  سأستطرد  بعض الأفكار  ألرئيسية  التي وردت في هذه المقالات  راجيا أن تقوم لجنة صياغة الملتقى  بقراءة متأنية لهذه المقالات  لإستخلاص أهم ما ورد فيها من أفكر  قد تسهم في إثراء وثيقة صياغة أعمال الملتقى. ومن أجل ذلك فقد أرسلت لهذه اللجنة نسخا كاملة من المقالات المذكورة.
ولكن قبل ذلك، ولكي يكون تدخلي شاملا أود أن أذكر بنص مداخالتي  المباشرة عن بعد في أعمال الملتقى

.
:
" السلام عليكم،

- أشكركم جميعاً على تنظيم هذه المبادرة التي تهدف إلى اشراك  النخبة المثقفة من بلادنا بدون مراعاة لانتماءاتها الفكرية أو السياسية من أجل تبادل الأفكار والتفكير المعمق في مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا الحبيبة .وفد سعدت جدا في جلسة اليوم، بأن معظم المتدخلين قد انصبت مشاركاتهم علي توصيات هامة تتعلق  بضرورة التركيز علي خلق القيمة المضافة وخلق فرص العمل ، وهما الركيزتان اللتان تعتمد عليهما التنمية المتوازنة والمحافظة على التنمية المستقبلية لبلادنا. وأتفق  وأثمن تماماً هذه التوصيات لأنه من الواضح أن القطاع الخاص لا يستثمر بشكل رئيسي الأ في قطاعاين عقيمين هما قطاعي العقارات والتجارة والذين لا ينتجان لا قيمة مضافة ولا يخلقان فرص  العمل الكافية . أما الدولة فما زالت لا تمتلك رؤية حقيقية لإنشاء مشاريع كبيرة وعملاقة ذات المردود من حيث القيمة المضافة وخلق فرص العمل في القطاعات الرئيسية مثل التعدين والصيد والزراعة والطاقة وخاصة في الظرف المؤاتي حاليا لتوقعات استغلال الغاز الذي سيقلل بشكل كبيرمن تكلفة الطاقة الضرورية لهذا النوع من المشاريع الكبيرة مثل مصانع   انتاج الصلب من خام الحديد على سبيل المثال فقط.
.

كما أن الخريطة الاقتصادية في بلادنا ما زالت تفتقر لوجود طبقة وسطى قادرة، من خلال إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة التي سيتمخض عنها خالق القيمة المضافة وخلق فرص العمل. كما أن البيئة الاقتصادية في بلدنا تفتقر بشكل واضح إلى الهياكل والمحفزات الاقتصادية التي تشجع ظهور شبكة من الشركات الصغيرة والمتوسطة ، بسبب عدم وجود نظام آمن لضمان تمويل هذا النوع من الشركات. لهذا السبب، أود التوصية بضرورة إنشاء صندوق لضمان التمويل للقطاعات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات".
انتهى الإستشهاد..

 

صرخة من أجل الأمن الغذائي ووجوب وضع خطة مارشال لتحقيقه :
 

         

كان الهدف الرئيسي في هذه المقالة هو التذكير بأهمية الأمن الغذائي في بلادنا، خاصة في سياق الاقتصاد الدولي الحرج الحالي ، مع التذكير بالفشل ولإخفاقات المتتالية في سياساتنا السابقة الهادفة لتحقيق الأمن الغذائي في البلاد، و يذكرالمقال بأن كل الظروف الهيكلية ووالبنيوية لتحقيق هذا الهدف متوفرة في البلاد (الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة ، والموارد المائية الكبيرة، المناخ المناسب، القوة العاملة االكبيرة العاطلة عن العمل). وأخيرا، يوصي المقال بخطة مارشال تتكون من 13 نقطة لضمان تحقيق الأهداف الأساسية للأمن الغذائي في بلدنا. و نأمل من قبل السلطات الحكومية ذات الصلة أن تدرس هذه الخطة وتنظرفي امكانبة وضعها قيد التنفيذ كليا  أوجزئيا. وقد لاحظت بارتياح بأن الحكومة بدأت مؤخرا  تنفذ بعض توصيات هذه الخطة وخاصة في زيادة انتج الخضروات  والقمح  وتطوير دورة التسويق.

 

الترحال بين الوظائف الحكومة الموريتانية : ما له وماعليه ؟

تمثلت الفكرة الأساسية في هذه المقالة في تفسير أسباب هذه المأساة المستمرة والمتكررة في استبدال وتنقل المسؤولين في ما بين الوظائف الحكومية في الإدارة العامة في بلادنا بسبب أو بدون سبب من خلال التركيز على الأضراربالتسييرالإداري الصحيح  والسليم علي  سيساتنا التنموية .و يقدم هذا المقال توصيات لتحديد المعايير والأسس المهنية السليمة لاختيار المسؤولين في وظائف الإدارة العامة. (مؤهلات علمية في مجال الوظيفة، النزاهة  ومستوى الخبرة المطلوبة للوظيفة التي سيتم ملؤها، كالدليل على توفر رؤية متكاملة لتحقيق الأهداف المتعلقة بالوظيفة). كما يقدم المقال أيضاً مسطرة إجراءآت مبتكرة  لأختيار  مديري المؤسسات الكبرى للدولة مثل الشركة الوطنية للمناجم والبنك المركزي الموريتاني فضلاً عن اختيار المدراء المسؤولين عن ادارت شركات خدمات المياه والطاقة والصحة، والشركات الوطنية التي تتعامل مع الموارد المعدنية لدينا، والصيد البحري والصحة والزراعة، وغيرها من المؤسسات العامة ذات الصبغة الإدارية والمالية.
يهدف هذا الإجراء إلى أن يتم اختيار المديرين التنفيذيين  لهذذه الشركات العمومية من خلال المنافسة المباشرة المفتوحة للأطر الوطنية في البلاد بطريقة شفافة وليس عن طريق التعيينات المباشرة كما هو الحال حاليا . وبموجب هذا الاختيار، يجب أن يحصل المرشح المختار الذي يقود كل شركة عامة على مأمورية  تسيير محددة، يتم تقييم عمله عند انتهائها حيث يكرم أو يعاقب  وفق نتائج تقييم عمله. إن تطبيق هذه المسطرة سيضمن لنا تحقيق مبادئ "الرجل المناسب في المكان المناسب."

كما يقترح المقال  بأنه بعد أن يتم تعيين الوزاء يجب أن يعرض كل واحد منهم برامج وخطط العمل التي يريد أن ينجزها خلال مؤموريته  علي البرلمان للمصادقة النهائة علي تعيينه في الوظيفة الوزارية  المعنية وذلك من أجل إضفاء بعض الشرعية البرلمانية علي هذه التعيينات .

 

الإستحقااقات القادمة  والمخاض العسير:

 

أعرف أن هذه المقالة لن تعجب الكثير من الناس، وخاصة أولئك الذين يديرون شؤون دفة  الدولة حاليا. ويشيرالمقال إلى المخاطر الناجمة عن وجود طبقة سياسية إنتهازية متملقة تتموقع  وتبدل جلدها كلما تغير النظام حيث تتحرك وفق رغبات القيادة الجديدة في البلاد مهما كان اتجاهها سواءا أكانت قيادات مارقة أو دكتاتوريّة أو ديمقراطيّة. وينتهي المقال بتوصية أو بالأحرى دعاء أو منية إلى أن تكون الانتخابات القادمة فرصة سانحة من أجل تغيير هذه الطبقة السياسية واستبدالها بطبقة جديدة  يتم اختيارها على أساس معايير العدالة والنزاهة والخبرة والمهنية.

 

دور القطاع الخاص في التنمية :

في الواقع، لم يكن هذا مقالا بل خطوطًا عريضة أعدت لبرنامج على منصة التلفزيون التي كنت ضيفًا عليه. وكان موضوع البرنامج هو التعليق وتحليل نتائج الملتقى الأخيرالذي تم تنظيمه بين فخامة رئيس الجمهورية والشركات الرئيسية والفاعلين في القطاع الخاص في البلاد.

وكان خطاب رئيس الجمهورية مفيدًا ومناسبا، حيث أشار إلى دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للتنمية داعيا القطاع الخاص إلى التركيز أكثر على الإنتاجية التي تخلق القيمة المضافة وفرص العمل. وقد حدد  الرئيس القطاعات الإنتاجية ذات الأولوية التي يجب التركير عليها وهي القطاع الزراعي والثروة الحيواناية والصيد البحري . كما حدد دور الدولة التي يجب أن تتدخل في مجالات البنية التحتية مثل الطرق والموانئ والمطارات، وتوفير خدمات المياه والطاقة الكهربائية، وبناء بيئة مؤاتية لتشجيع الاستثمارات و خلق ظروف  مؤاتية لتطوير الأعمال . 
.

وكما ذكرت سابقًا في تدخلي خلال الملتقى ، كانت المجالات الاستثمارية في القطاع الخاص تركز أساسًا فقط على قطاع العقارات والتجارة، التي هي القطاعات عقيمة فيما يتعلق بخلق القيمة المضافة و خلق فرص العمل.

.

خلال هذه الاجتماع مع السيد الرئيس، أعلن الفاعلون   في القطاع الخاص نيتهم علي إنشاء أكثر من 43 مشروعًا منتجًا، مما يشكل تحولًا نوعيًا كبيرًا في دور هذا القطاع. ولكن ، كيف سيتم تحديد هذه المشاريع واختيارها؟ فهل سيتم اختيارها بطريقة عشوائية من قبل الناشطين في القطاع الخاص بأنفسهم أم سيتم تحديدها بالتعاون والتنسيق مع السلطات العامة للتندرج ضمن استاراتيجيات الدولة للتنمية  الإقتصادية. هل ستنجز هذه المشاريع و ترى النور حقا أم أنها ستكون فقط وعود قرطب للإستهلاك  المحلي وإرضاء الرئيس  ؟
إل اتريالك ، خرص رقبة أمراح ""

إن اتحاد أرباب العمل الموريتايين  ، من أجل أن يلعب دوره كقاطرة للتنمية يجب أن  يقوم  بتنظيف بيته الداخلي أولا وقبل كل شيئ. فهل سمعنا أبدا ،أو رأينا أن هذا الإتحاد لدية خطط استراتيجية تنير عمله وتدخلاته  وتمكنه من تنفيذ برامج فعالة  وانجازات انمائية يمكن أن يتم تقييم عمله عليها ؟
فأول شيء يجب أن تفعله هذه المنظمة هو الحصول على هذه الاستراتيجية لتفعيل وانارة تدخلاتها. ونظرا للضعف البنيوي المتأصل في هذه المنظمة ، فلا مناص من أن تستعين بخبرات خارجية من أجل اعداد تلك الإستراتيجية  التي بدونها سيظل عمل اتحاد أرباب العمل الموريتاني  أعمى وناقصا  وعشوائيا  وغير متوازن   .  
.

 

وأخيراً، و من أجل استمرار هذه الروح الإنفتاحية الجديدة في التشاور التي تجمع نخبة البلاد بغض النظرعن انتماءاتها الفكرية فقد يكون من المفيد انشاء هيئة "حشد فكري" يعهد اليه بتقديم المشورة  الفنية لكافة البرامج والإستراتيجيات  القطاعية و الإصلاحات الهيكلية أو الاقتصادية اللازمة لتطوير قطاعات الإنتاج  التي تتبناها الدولة من أجل تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة ومبنية علي أسس علمية . وقد كانت هذه التوصية قد وردت في العديد من تدخلات المشاركين في الملتقى.
وقد يكون من المفيد أن تحل هذه الهيأة الجديدة ، " هيئة الحشد الفكري" المقترحة ، محل  المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يعلم الجميع أن عمله  لا يسمن ولا يغني من جوع في مجال المهام التنموية المعهدة اليه منذو إنشائه.

 

أما التوصية الأخيرة التي أرى أنه يجب أن يأخذ بها ، فتتمثل في أن يتم انتقاء الأفكارو المقترحات الهامة والعملية التي وردت من مختلف المتدخلين في الملتقي  ليتم ادراجها ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس الجمهورية في الإستحقاقات القادمة  لنضمن أن نتائج هذا الملتقى  ساهمت  بشكل جوهري  في اعداد الخطط الإنماية  لبلدنا العزيز. وإذا رأينا أو لاحظنا بأن هذه ألأفكار قد تم تضمينها في البرنامج الانتخابي القادم للرئيس فسنكون متأكدين و فرحين ومقدرين بان نتائج الملتقى  كانت مفيدة لبلادنا أما إذا لم  يأخذ بها ولا تظهر ضمن البرنامج الإنتخابي القادم فإننا سنقول بأن" حليمة عادت الي عادتها القديمة"  وأننا كلنا ما زلنا " نحلب  ناقتنا  في الظاية".
والله الولي العظيم..

 

                             أبه باباه      
خبير استشاري للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا
لدى وزارة المالية والتخطيط الوطني والتجارة          
ماهي – جمهورية السيشل                  
هاتف/ وتساب : 002482645729 /00222 22971717
                      [email protected]

تصفح أيضا...