تصريحات فخامة الرئيس لغة دبلوماسية ومخاوف جادة!/ السعد بن عبد الله بن بيه

سبت, 30/09/2023 - 12:59

 

     - جاءت مقابلة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مع لوفيغارو الفرنسية في توقيت هام جدا ، يحتاج فيه صناع القرار في منطقتنا وفي العالم فرنسا خصوصا،  للاستماع إلى رأي بحجم رأي الغزواني.
   - من البدهي جدا أن تعكس هذه المقابلة الموجزة -وإن على نحو مكثف- أفكارا غاية في الوضوح النظري والرؤية الأمنية والسياسية العميقة، لما يحدث في إفريقيا ومنطقتنا تحديدا - لأسباب معلومة - فالرئيس عايش المسألة الأمنية لعدة عقود ،وكان لفترة طويلة من حياته الوظيفية، مسؤولا مباشرا عن تنسيق الجهود الوطنية والخارجية، في مواجهة التطرف العنيف والإرهاب في المنطقة ، وهو يرأس الآن دولة مؤسسة لمجموعة دول الساحل الخمس وهو الرئيس الدوري والحالي للمنظمة .
- ما يلفت الانتباه هو أن المقابلة وإن غلبت عليها اللغة الدبلوماسية ، إلا أنها عبرت عن مخاوف جدية ينبغي التفكير فيها ومعالجتها، ولذا فقد قال الرئيس كل شيء كما يجب ، ووضع يده الخبيرة بشكل مباشر على تحديات غاية في الأهمية والإلحاح لأمن واستقرار موريتانيا أولا؛ ثم مجموعة دول الساحل الخمس وللشركاء الدوليين الذين لهم مصلحة حقيقة في بناء السلم والأمن وصيانته في هذه المنطقة من العالم!
ولذا كانت إشار فخامته - موفقة- إلى المعطيات الجيوسياسية والاستيراتيجية؛ التي تجعل من أمن المنطقة وأمن أوروبا والعالم كلا واحدا لا يتجزأ.
- ففي حين يقر الرئيس بأن المنظمة G5 تتعرض لصعوبات ماثلة أمنية وسياسية ( الإنقلابات العسكرية ، وعدم رضا الرأي العام عن طريقة الحكم فيها ، وانسحاب جمهورية مالي ، وتزايد المخاطر المحدقة...الخ) إلا أنه يتشبث بأهمية بقاء هذه المنظمة والتمسك " بالحوار" كقيمة استيراتيجية لا بديل عنها ، فلا تزال المخاطر الأمنية والتنموية التي دفعت إلى قيام وإنشاء هذا التحالف قائمة بل وأكثر من أي وقت مضى!
- كذلك من النقاط الهامة والتي تجعل عبئا كبيرا على بلادنا هي مسألة الهشاشة الأمنية والتي من الجائز والخطير أن تصل إلى مستوى الإنهيار الأمني، إذا لم توضع القوى الكبرى أمام مسؤولياتها في دعم جهود موريتانيا وبقية الدول المباشرة ، وخاصة اذا تزايدت الضغوط على الأنظمة الجديدة،  والتي يجب التعامل معها بقدر من المرونة فيما يتعلق بخياراتها الداخلية، والحزم فيما يتعلق بمسألة مواجهة الإرهاب وعدم اللعب بالتوازنات السياسية والخيارات الاستراتيجية التقليدية .
- أشار الرئيس كذلك إلى تحدي مخاطر الهجرة واللجوء، وهي مخاطر تتعدى موريتانيا إلى أوروبا والعالم ، ومن الأهمية بمكان أن تعمل الجهات والقطاعات المسؤولة في الدولة، على تقديم خطط محينة ، يتكفل من خلالها الاتحاد الأوروبي والدول المعنية والأمم المتحدة، بدعم كبير مالي ولوجستي ومعدات عسكرية  لموريتانيا ، لأن الأمر إذا خرج عن السيطرة فعواقبه وخيمة على الكل.
أخيرا أشار الرئيس إلى مفردة هامة جدا، في سياق العلاقة بين أفريقيا وفرنسا وبالتالي أوروبا ، وهي أهمية مراجعة النظرة المتبادلة ، وبناءها على أسس جديدة أكثر موضوعية وإحترام ومنفعة للطرفين.
- وفي نظري الخاص أن هذه النقطة غاية في الحساسية والوجاهة  ويقع العبء الأكبر فيها والمسؤولية الأولى على فرنسا ، التي يجب أن تضرب حسابا خاصا لتغير المزاج الشعبي في هذه الدول، وأن تبني معها علاقات ذات طبيعة تنموية واقتصادية مفيدة ونافعة، وتحد من تدخليتها السياسية، لأنها تأتي بنتائج عسكية فيما يتعلق بسلم القارة، إذ  تفتح الأبواب أمام تدخلية خارجية جديدة، لا يهمنا كشعوب إفريقية  أن تكون أو لا تكون على حساب فرنسا، بقدر ما نهتم أن لا تكون على حساب الاستقرار والأمن في منطقة الساحل .  
   - وأخيرا يبقى السؤال الأهم موجه للداخل الموريتاني؛  سلطة ونخبا مثقة سياسية ودينية واجتماعية. هذا هو وضع المنطقة ( برميل من البارود) فماذا أعددتم له من شروط تدعيم الداخل تنمويا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا لمواجهة المخاطر التي لم تعد حديثا مرجما؟
السعد بن عبدالله بن بيه
 رئيس مركز مناعة الإقليمي لليقظة الاستراتيجية .

تصفح أيضا...