حزب الصواب : الدرس السيرلنكي الرافض للفساد قابل للتعميم ( افتتاحية)

اثنين, 11/07/2022 - 18:16

كتب حزب الصواب على صفحته الرسمية ما يلي 

افتتاحية الاثنين 11/07/2022
(الدرس السيريلانكي)  
في منتصف نوفمبر 2019 أعلنت لجنة الانتخابات في سريلانكا فوز وزير الدفاع السابق غوتابايا راجاباكسا رئيسا للبلاد في انتخابات ديمقراطية اعترفت بها أطراف المشهد الحزبي والسياسي السيرلانكي جميعا، والآن بعد أقل من ثلاث سنوات على تنصيبه يمعن في الهروب قبل دقائق من دخول مئات المتظاهرين إلى قصره المشيد، بعد أن إحراقها قصر رئيس وزرائه.
أجبر راجابكسا على الفرار  بطريقة مخزية صحبة شقيقه رئيس الوزراء ماهيندا، كما هو حال نظرائه جميعا من حكام العالم الفاسدين الذين أكثروا  الفساد في الأرض وطغوا في البلاد حتى لم يبق أمام أحدهم من فرص النجاة غير ركوب مروحية تنقله صحبة الحاضر من فلول عائلته الضيقة بعيدا من وطن نهبوا خيراته بلا شفقة  .
كانت سريلانكا دولة متوسطة الدخل تتمتع بمستوى معيشي تحسدها عليه دول شبه الجزيرة الهندية قبل ان ينتشر فيها الفساد وتتجاهل سلطاتها صرخات الفقراء واحتياجات 22 مليون مواطن بائس تفاقمت حاجاتهم الاساسية من الغذاء والوقود والدواء جراء سلسلة القرارات السياسية السيئة وضعف السلطة عن استعادة سيطرتها على موارد البلاد  وعجز إرادتها السياسية عن التوزيع  العادل للندرة بعد تبذيرها الفج للوفرة، فاكتفت بالاستدانة وأخذ القروض بالمليارات ووضعها في متناول المفسدين وشبكاتهم العائلية لتتضافر مع الوقت بين السيريلانكيين ظروف نشأة الكتلة الحرجة التي هي إحدى التجليات المعروفة لما اطلق عليه الاستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل:  المجهول، أي القوة البارِعة في انتهاز الفُرَص واستغلالِ الثغرات، وتجاهلها أكبر خطإ يمكن لنظام سياسي أن يقع فيه، حين يشجع نفسه على العزوف عن خلق وتقوية وتطوير أدوات حكمه ، ويعرض عن النقاش السياسى وأخذ رأي الآخرين باعتباره ذلك أفضل الطرق لتفادى الأخطاء والمآزق والضبابية..وقد حدث الامر في أكثر من بلد عربي في العقود الماضية وتوجد اليوم بلدان أخرى في طريقه المؤدي إلى  الهزات العنيفة والضربات الموجعة وحتى القاضية. 
الدرس  السيريلانكي الذي وقع في شمال المحيط الهادي، الرافض لمهادنة الفساد أو التطبيع مع المسؤلين عنه قابل للتعميم في كل بقعة من العالم يعشعش فيها  بوم الفساد كما هو حالنا وحال كثير من بلدان منطقتنا العربية وجوارنا الافريقي، رغم أن هروب الرئيس السيرلانكي أمام زحف الرافضين السكوت عن الفساد وأدواته لا يعني نجاح ثورة او انجاز انتفاضة تغيير فعلية،  لأن التغيير  يحتاج نخباً تعرف ما تريد وجماهير غير مستعدة للاختطاف. فمقدار حرصها على تخليص نفسها وبلادها من الفساد وحكم الفرد هو عينه مقدار تمنعها من الوقوع في ايدي  الغوغاء والانتهازيين،  وبيدها أدوات الارتقاء بوعيها وهباتها الشعبية الى ما يبعد عن تبادل السلطة كل طابع دموي أو غوغائي ويعطيه الطابع السلمي الديمقراطي الهادئ الضامن للسلم والاستقرار .

تصفح أيضا...