الاستماع للإذاعة في اوج ازدهارها (2)/ تدوينات الأستاذ محمد ولد عبدي

ثلاثاء, 02/02/2021 - 08:13

لما نجحت في كنكور الشهادة الابتدائية قدم لي والدي رحمه الله هدية ثمينة عندي تمثلت في مذياع صغير الحجم من النوع الجيد اضافة الي ساعة وقاته زارني العديد من زملاء الدراسة وأترابي لرؤيتها بعد ان سمعوا عن مواصفاتها الفريدة. أصبح لدي مذياع خاص بي ابدا تشغيله مباشرة بعد صلاة الصبح بالاستماع الي اذاعة المانيا تلبية لرغبة والدتي حفظها الله حيث كان شقيقي الوزير السابق الصحفي الداه مقدما رئيسيا للنشرة الصباحية بالفرنسية في الدوت شفيلي. الهاتف يومها غير متوفر ووسائل الاتصال محدودة فكانت الوالدة تطمئن عن بعد على صحته حيث تلاحظ انه تخلف عن النشرة او كان وحده من قدمها او بمعية صحفي اخر فكانت تحلل كل هذه الحالات حسب معاييرها الخاصة وتخلص الي نتيجة موقتة حتى اليوم الموالي.

خارج أوقات الدراسة دأبت على الاستماع في كل الإذاعات الي برنامج ما يطلبه المستمعون حيث كانت الاذاعة الوطنية تقدمه بالعربية والفرنسية وكان للإذاعة البريطانية برنامج يحمل نفس الاسم لا يفوتني على غرار برنامجي قول علي قول ومن القائل وما المناسبة؟.

استمعت تقريبا في تلك الفترة الي كل برامج الإذاعة الوطنية ولكن برنامجي المفضل ظل دروس من الادب الشعبي مع الاستاذ محمدن ولد سيد ابراهيم واتذكر انني كنت استمع يوم 12/12/1984 الي حكاية شيقة للعميد وانا اتابع البرنامج لكنه توقف فجأة وجاء عزف موسيقي تلاه البيان الاول المعلن للانقلاب علي الرئيس محمد خونه ولد هيدالة وتولي معاوية ولد الطائع لرئاسة البلاد.

اما بالنسبة لإذاعة فرنسا الدولية فكنت استمع الي نشراتها وخاصة 24ساعة في افريقيا24 heures en Afrique وبرامج كارفورcarrefourوالهاتف يرن le téléphone sonneوكل ما صادفني من برامجها الأخرى. اتذكر انني كنت يوم06/10/1981 قادما من ناحية السوق المركزي في الاك متجها الي منزلنا احمل مذياعي الذي اتابع من خلاله اذاعة فرنسا الدولية عندما أعلن صحفي قبل منتصف النهار بقليل في نبا عاجل اصابة الرئيس السادات في حفل تخليد ذكري حرب أكتوبر ولما اخبرت والدي رحمه الله قال لي وقوع أي إطلاق نار خلال العرض العسكري يعني ان السادات لامحالة قتل وبعد وقت وجيز أعلن فعلا عن وفاة الرئيس انور السادات.

في ايام ازدهار الاذاعة كنا نستمع اليها فرادي وجماعات فتلتئم فرقة من الاصدقاء لمتابعة برنامج او مباريات رياضية او مسلسل إذاعي وكان اخي وصديقي على الدوام الاعلامي الكبير عبدالله با من زملائي الذين اتبادل معهم الجرائد والمجلات التي كنا نحصل عليها بوسائلنا المتواضعة الخاصة وكنا في ايام العطل نتبادل الزيارات لذلك الغرض وللاستماع الي الاذاعة والحديث عن البرامج التي تابعها كل منا وكثيرا ما استمعنا معا خلال أيام العطل المدرسية الي نشرات اذاعة فرنسا الدولية المسائية المخصصة للقارة الافريقية.

بعد ازدهار وانتشار واسع وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا تراجعت الاذاعة مع ظهور التلفزة الوطنية في نواكشوط بدايات العقد التاسع من القرن العشرين وتواصل انحسار متابعتها مع بث الاقمار الصناعية في العاصمة وداخل البلاد الذي تلاه النمو المطرد لوسائط الاتصال مما حول المعمورة الي قرية افتراضية صغيرة واحدة.

تصفح أيضا...