وجهان لـ"دولة الإسكندرية".. حظر تجوال ذاتي ومسيرات شعبية ضد كورونا

ثلاثاء, 24/03/2020 - 11:49

يتندر أهالي الإسكندرية عادة بأن مدينتهم "دولة مستقلة" ذات عادات مختلفة ولهجة غير التي يتكلمها بقية سكان محافظات مصر. ومع تصاعد أزمة فيروس كورونا حول العالم، كانت هناك معزوفة خاصة مستقلة واستثنائية يضربها "الشعب السكندري"، كمثال منضبط ذاتيا وملتزم بالعديد من إرشادات منظمة الصحة العالمية.

التكاتف الشعبي مع العديد من المتاجر والصيدليات كان ملموسا في شوارع أحياء الإسكندرية الشهيرة، ورغم غياب تلك المظاهر في بعض المناطق الشعبية والتجارية التي تتسم بالازدحام، فإنها لا شك انفردت بالحفاظ حتى اللحظة على وجود العديد من اللقطات الاستثنائية، كان أبرزها في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، إذا تفاجأ السكندريون بسماع أصوات التكبير بين خوف وفرح، وتحولت في دقائق معدودة لأصوات دعاء في كافة الأرجاء.  

التكبير الجماعي
وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو حيّة في ساعات متأخرة من الليل لجموع من المواطنين، أثناء التكبيرات والابتهالات الجماعية من داخل المنازل والشرفات في أحياء أبو قير والعجمي وغيرها.

لكن تلك الحماسة تحولت لمأساة بنزول بعض الشباب في مسيرات تهتف ضد فيروس كورونا، ورغم محاولات العديد من اللجان الشعبية وقوات الأمن كبح تلك المسيرات، فإن تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحبط العديد من المشاركين في الهتاف الذي بدأ مؤثرا وانتهى بلقطات ساخرة. 

المواصلات العامة
"الترام" هو أحد أشهر وسائل المواصلات العامة في الإسكندرية، ورغم اعتياد المواطنين على ازدحامه، فإن المفاجأة كانت في خلو مقاعده في الأيام الأخيرة، بل خلو العربات كاملة بشكل لا يشبه تلك المدينة التي تكتظ بسكانها في الأعياد والمناسبات وكل وقت وحين، غير أنها تلك المرة كانت خاوية من الركاب ومن صخب طلاب المدارس والجامعات في معظم أحياء المدينة.

في بداية الأزمة ومع أول أيام العطلة الإجبارية، بدا الكورنيش ممتلئا بالمارة الذين فضلوا الاستمتاع بنسيم البحر، لكن سرعان ما تدارك السكندريون الأمر وأصبح الكورنيش والشوارع الرئيسية شبه خالية من المارة، خاصة بعد الساعة السابعة مساء تزامنا مع إغلاق المحال التجارية، والصور الملتقطة والمتداولة عبر فضاء الإنترنت توحي بأن هناك حظر تجوال مطبقا على المدينة، رغم عدم صدور قرار رسمي بذلك.

الميادين الرئيسية
بعد السابعة مساء ومع إغلاق المحلات التجارية، يخلو ميدان محطة الرمل -الأشهر على الإطلاق في المدينة- من المارة، حتى ما يعرف باسم منطقة "زنقة الستات" في المنشية، وهي أزقة ضيقة جدا لا تكفي سوى لاثنين من المارة في آن واحد وفيها محلات وأكشاك على الجانبين، وتشتهر بأنها مكتظة بالسيدات دائما ومفتوحة للعمل طوال الأسبوع، إلا أنها تغلق يوميا في السابعة، دون إلحاح أو مقاومة تذكر.

محلات السلع الغذائية تسجل المحلات الكبرى -خصوصا محلات الأغذية- بالإسكندرية ظاهرة مختلفة عن العالم، فقد تداول العديد من السكندريين صورا للسلع الغذائية على الرفوف دون نقص في أي من المواد، حتى أن بعض المحال التجارية الشهيرة في أشهر المراكز التجارية قد خصصت ما بين الساعة الثامنة وحتى التاسعة والنصف لتسوق المسنين والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة والمناعية فقط، فيحظر دخول الشباب وباقي الأصحاء حتى يتمتع المتسوقون من تلك الفئة بتسوق آمن إذا اضطروا لشراء منتجاتهم الضرورية. كما ترك صاحب أحد المحلات التجارية رسالة على ثلاجة العصائر للمسنين حال حضورهم مبكرا، بأن يتمتعوا بحسن الضيافة بأخذ زجاجة مجانية من أحد العصائر التي تعزز المناعة إلى جانب قهوتهم الصباحية. وحث العديد من المحال على عمل مسافات واسعة بين صفوف العملاء في عملية الدفع، لتوفير مسافة متر بين كل عميل وآخر في طوابير الدفع، كما تداول البعض رسائل عن تنظيف عربات التسوق من قبل بعض المحال للزوار.
محلات البقالة أما البقالات الصغرى التي تنتشر في العديد من الشوارع الضيقة، فقد عرضت توصيل الطلبات للمنازل، كما سيطر على العديد منها الخوف من ظاهرة "هلع التسوق"، فرفضت بيع كميات كبيرة من المنتجات الغذائية ومواد التطهير والنظافة، للحفاظ على توفرها في البقالات طوال الوقت عند طلب التوصيل.  كما وفر العديد من المحال كمامات وأدوات لحماية عمال التوصيل من العدوى، ونشر العديد منها الإجراءات الوقائية المتخذة على صفحاتها الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. لم يكن الحال ورديا في كافة ربوع الإسكندرية حيث تم ضبط والإبلاغ عن العديد من المقاهي التي تعمل سرا في العديد من المناطق، وتم تداول بعض الصور لمناطق مكتظة بالتجمعات والعربات والتكاتك في مناطق أخرى من المدينة، ولكن هذا لا ينفي قدرة الشعب السكندري ونجاحه في ضرب مثال يحتذى به في الوعي والثقافة والانضباط في مواجهة أزمة تفشي كورونا. المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي,الجزيرة

 

تصفح أيضا...