تفاصيل قصة زواجي من فتاة بيظانية / الحلقة 9 من "تجربة ضابط فرنسي خدم في موريتانيا/ 1933-1935

جمعة, 18/10/2019 - 07:00

ترجمة الكاتبة : Eddehma rim - نحن الآن في نوفمبر 1933م.. السلام يعمُّ موريتانيا، ولم يعد الضابط الفرنسي مطالبا بالنوم في وضعية القتال، ولهذا أتوق لاتخاذ شريكة، لكن كيف؟

في المراكز يعيش جنود وضباط مع بعض النساء، أما في فِرَقِ البدو فالأمر أقل شيوعا، بدأتُ في الاستطلاع دون الكشف عن رغبتي، فعلمتُ أن الحصول على شريكة يستوجب دفع مهر، كما سيخضعني لتمثيلية زواج تحفظ للفتاة ماء وجهها، أو بالأخص تصون رجال أسرتها من الخجل والعار.

أخبروني أيضا أن الضابط يجب أن يستعلم عن رتبة القبيلة التي ينوي مصاهرتها، وسيخسر هيبته إن قبل بخطيبة من أصل متدنٍّ، بينما لو صاهر "خيمة كبيرة"، سيرتقي بصورته.

أميرة من البظان.. البظانية مصدر ثمين للمعلومات، فهي عليمة بكل ما يدور في التجمعات، وبالعلاقات بين القبائل وحتى بالنزاعات الفردية..

لجأتُ لصديق من البظان، من العرب المحاربين، ليليّ الطبع، زير نساء، وسيم، شاعر، استقبل طلبي بشكل طبيعي، لكن ما أثار استغرابه هو عزوف زملائي من الضباط عن النساء.. الرماة يدفعون ويمارسون مع العبيد، وضباط الصف يمارسون مع (......) في المراكز.

استفسر صديقي عن مواصفات الفتاة، عن عمرها، عن عذريتها.. كان شرطي الأساس أن تكون بصحة جيدة، ومن أسرة نبيلة.

وعدني بالحصول على مبتغاي مقابل ثمن.. وعليَّ أن أدفع لها المهر، وأن أوفر لها ناقة حلوبا.

بعد أيام، اتصل بي صديقي هذا صحبة رجل آخر، مضطرب النظرات، واحد من المدنيين المريبين الذين يحومون حول مخيم "كوميات" طلبا للمعلومات، أو بحثا عن الصّدقات أو لبيع بعض الأغراض.. الرجل من أطار، من قبيلة زوايا، شرح لي صديقي أن المعني لديه أخت يمكنه التنازل عنها مقابل ناقتين بحيرانهما، و5 كلغ من الشاي، و10 كلغ من السكر: المهر. 

قبلت دون تردد، أجهل فحوى هذا النوع من المداولات.. وكنت سعيدا بالنتيجة.

ساورني شك قوي بأن صديقي كان له نصيبه من العملية، لكن في الأمر عدْل!. 

التزموا بإنهاء الترتيبات مع لمرابط وبدون حفل، ستقيم الفتاة مع قريبتها في مخيم "كوميات" على أن تلتحق بي كل مساء، وسألتزم بنفقتها وكسوتها مع بعض الهدايا من وقت لآخر.

في الوقت المحدد أحضرها أخوها، أقام عاملي الشاي وتعمد تسريعه، ثم انسحب الأخ، فوجدتني وجها لوجه معها في العتمة، وجه معتم، عيونها تلمع خاليَّة من أيّ انطباع فوق نقاب تشده على وجهها بداعي الاحتشام أو الغنج..

لا تظهرُ انطباعا بالخوف، حين تمدَّدتُ بجانبها لم تبد اعتراضا، لم يكن في نيتي أن أسرف في غنيمتي، أردتُ مغازلتها لكن لغتي العربية فقيرة.. 

-ما أسمك؟ -ابريكه... 

أخذتُ بيدها.. يد صغيرة لينة، مصبوغة بالنيلة، انزلت النقاب واكتشفت وجهها، ليست بالقبيحة ولا الجميلة.. قلتُ لها إنها جميلة.. ومددتُ لها وسادة ودعوتها للإضجاع.. فنفَّذت مع بعض الضجر، لم تكن عذراء، ولا تحمل أي مشاعر تفاعل، مجرد جسد مُحايد، بارد ويدعو للندم.. كانت صدمة.

مع الأسف، توالت الليالي دون تحسن، و"ابريكه" لا تبكي ولا تضحك، لا تملك من المشاعر غير الشّراهة للتحصيل، فلتحسين مزاجها يتعين عليَّ منحها ملحفة أو سوار فضة، أو بعض الحلي الرخيصة، وفور حصولها على مطلبها، تنطلق صوب زمرة النساء تتباهى علهين بما أعطاها النصراني.

حين لا أعدها بشيء، تجتهد في ابداء سوء حالها، تعرض ثوبها الممزق الذي يستلزم استبداله على عجل.. وحين تتأخر النقود، تستدعي أخاها.. شخص نذل، يدور حول المخيم بتثاقل، يديه خلف ظهره.

أجد هذا النذل كل يوم جالسا القرفصاء عند مدخل خيمتي حين ينزل الضباط لأخذ قيلولة، يحييني الدنيء مُطوَّلاً، ثم يجلس على الحصير رغم أنني لا أدعوه.. الضيافة مقدسة في أرض البظان، ولذا أنا مرغم على مناولته الشاي، لكن بعد أسابيع من الصبر على الجشع والتجاوزات طردتُ الأخ، وحرّمتُ الأخت.  

- يتواصل بإذن الله -

تصفح أيضا...