يدور نقاش في هذا الفضاء حول مواضيع الشرائحية والقبلية وحدود التماثل والتشابه وعلاقة كل ذلك بمنطق الدولة والمواطنة الحديثة وقد أظهر هذا النقاش مبالغات وتناقضات لا تخفى على المدقق المنتبه وتشجيعا لهذا النقاش ومحاولة لضبطه بما أراه مناسبا أو ضروريا أورد الملاحظات التالية :
1 - المناسب والمنسجم مع منطق الدولة واعتبارات المواطنة المتصلة بها أن يحل الولاء للوطن محل الولاء للعرق والفئة والجهة والقبيلة واعتبار هذه الانتماءات انتماءات ثقافية واجتماعية يترتب عليها ما يترتب من التمايز والتنوع في إطار الجامع الوطني المشترك وهو جامع في الحالة الموريتانية يتأسس على المرجعية الإسلامية التي لا علو فيها ولا فضل إلا بالتقوى والعمل الصالح وخدمة الناس.
ومقتضى ذلك أن يبتعد عن الدلالات العصبية ذات النفس الصراعي والمضامين السياسية ذات النفس البرامجي في الولاءات المذكورة.
2 - وجه التناقض بين منطق الدولة ومنطق القيبلة لا يخفى على أحد والمعروف أنه كلما ضعفت الدولة قويت القبيلة وكلما قويت الدولة تراجعت القبيلة وقد عرفت بلادنا للأسف في العقود الأخيرة تناميا ملحوظا للدور السياسي للقبيلة وقوة الولاء لها على حساب الولاء الوطني العام وندرك أيضا أن قوة النفوذ القبلي مقتضية لاستمرار التهميش في حق المجموعات الرخوة والضعيفة والمظلومة بناء على نظرية السلوك الطارد والمطارد.
3 - تختلف القضايا الحقوقية ( مجموعات ظلمت أو استرقت أو همشت ) والعرقية ( مكونات عرفت مظالم معلومة ترتب عليها إقصاء مشاهد ) عن الموضوع القبلي أو الجهوي فهذه القضايا وإن لم يكن واردا تحويلها إلى برنامج سياسي أو تقديم الولاء المترتب عليها على ولاء الوطن والدولة مفهوم طرحها والإلحاح في علاجها حتى يطمئن الجميع أن خيمة العدالة والمواطنة المتساوية تشمله.
4 - تقنين المحاصصة خطأ وتجاهل حق جميع المكونات والفئات خصوصا تلك التي عانت وتعاني ظلما وتهميشا في الحضور في مختلف دوائر النفوذ والسلطة خطأ ، والحل في الاستصحاب الذي يرفض التقنين لأنه مدخل إلى التفتيت ويمارس سياسات الإشراك والتمثيل التي تطمئن الجميع - والكفاءة في الناس جميعا فلم تعد تصلح أساسا لتهميش أو إبعاد -
5 - يبقى الدور الاجتماعي للقبيلة بمعناه التضامني والخدمي مفهوما ومقبولا خصوصا في ظل ضعف الدولة وحاجة الناس للخدمات المترتبة عليه بعيدا عن الأدوار السياسية والمنطق العصبي ذي المعنى الصراعي أو الاستعلائي.