تُوجت الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر بإحدى جوائز "رايت ليفيلهوود" المعروفة بجائزة نوبل البديلة، وفق ما أعلنت عنه اللجنة بالعاصمة السويدية استوكهولم.
ويثير هذا التتويج سجالات، فحيدر هي مناهضة للسلطات المغربية في إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهو النزاع الذي تشرف الأمم المتحدة منذ ثلاثة عقود على مسلسل تسوية سلمية دون أن يجد حلاً منذ اندلاعه رسمياً عام 1975، إذ يشدّد المغرب أن لا حل بعيداً عن سيادته على المنطقة، فيما ترفع البوليساريو شعار تقرير المصير بما يفضي إلى الانفصال.
وقالت أميناتو حيدر، لـDW، مساء الأربعاء (25 سبتمبر/أيلول 2019)على هامش تتويجها بالجائزة: "هذا شرف كبير لي، أراه اعترافاً واضحاً بشرعية بنضال الشعب الصحراوي، الذي يناضل بشكل سلمي وبشكل حضاري لضمان حقه في تقرير المصير وفي الاستقلال". وتابعت: "هناك تجاهل من المنتظم الدولي لقضيتنا.. هناك مصالح دولية لعرقلة مسار لإحلال السلام في الصحراء الغربية"، متهمة خصوصاً فرنسا التي تجمعها علاقات سياسية قوية بالمغرب، بهذه العرقلة.
واستقبلت جبهة البوليساريو تتويج أميناتو حيدر باحتفاء كبير على موقع وكالتها للأنباء، ونقلت عن حيدر قولها إن الجائزة "اعتراف بنضالها السلمي وبالقضية العادلة للشعب الصحراوي". وتابعت حيدر حسب المصدر ذاته أنه على "الرغم من الاحتلال العسكري وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، يواصل الشعب الصحراوي كفاحه السلمي، ويستحق بذلك أن يحصل على الدعم من الجميع حتى يتمكن ذات يوم من تحقيق الاستقلال والحرية".
من تكون؟
ترأست حيدر سابقاً "تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان" المعروف اختصاراً بـ"كوديسا"، وإن كان صوت هذه المرأة لم يعد بالقوة ذاتها التي كان عليها قبل سنوات، فهي لا تزال حاضرة في الكثير من الأنشطة المحلية والدولية رافعة شعار"الدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي". من المحطات الفارقة في حياتها، اعتقالها ما بين 1987 و1991 في فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني، وبعد خروجها، بقيت تساهم في عدة أنشطة احتجاجية، قبل أن تعود إلى السجن عام 2005 بتهم منها "المشاركة في أعمال عنف"، ليطلق سراحها العام الموالي.
بيدَ أن المحطة الأبرز في حياتها كانت خوضها إضراباً عن الطعام عام 2009، ما كان قريباً من التسبّب بأزمة سياسية بين المغرب وإسبانيا بعد تهديد الأول بوقف كلّ أشكال التعاون مع الثانية. تعود القصة إلى سحب السلطات المغربية جواز السفر المغربي من حيدروترحيلها إلى مطار لانزاروتي الإسباني، الذي كانت قادمة منه، بعد تدوينها في سجلات الدخول لمطار مدينة العيون أنها تقطن بـ"الصحراء الغربية" وليس "المغربية"، حسب ما وثقته أمنستي، فيما قالت الخارجية المغربية آنذاك إن حيدر تخلّت عن الجنسية المغربية، وهي من سلمت جواز سفرها للسلطات.
خاضت حيدر معركة الأمعاء الفارغة في المطار الإسباني، ورفضت تسلّم جواز سفر إسباني للسفر من جديد. وبعد ضغوط فرنسية وإسبانية وأمريكية، استجابت الرباط أخيرا وأرجعت الجواز المغربي لأميناتو التي عادت إلى مطار العيون في الصحراء الغربية تحت اهتمام إعلامي بالغ. لكن المغرب أشار إلى سماحه لها بالدخول لأسباب إنسانية ولتلبية طلب بلدان شريكة، لكن النشطاء الصحراويين رأوا في عودتها انتصاراً لقضيتها ولدفاعها المستميت عن المعتقلين الصحراويين في سجون المغرب.
رفض مغربي
وفيما لم يصدر رد رسمي من المغرب، قالت أمينة منيب، الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد المعارض، إنه "من غير المعقول تكريم نشطاء حقوقيين كيفما كانوا، على علاقة بملف الصحراء المعروض أمام الأمم المتحدة". وأضافت لـDW عربية إن المجتمع الدولي "لا يبحث في خبايا الملفات التي تُطرح عليه"، كما أن "الانفصاليين يستغلون سذاجة بعض الشعوب المتقدمة، لأجل تشبيه نزاع الصحراء بما يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين، رغم أن النزاع هو مشكل بين مغاربة بالأساس، دخلت على خطه مصالح جيو استراتيجية كبرى".
ورفضت منيب عبارة "الشعب الصحراوي بالمفهوم التي تحيل على شعب مستعمَرِ" متحدثة عن أن المغرب "ليس مستعمِراً" للصحراء الغربية، وأن جذور الكثير من المغاربة تعود إلى الصحراء، لافتةً أن المغرب تقدم بمقترح إيجابي جداً لحل النزاع هو مقترح الحكم الذاتي، وأن الحل العادل للنزاع ينطلق من الحفاظ على السيادة المغربية.
غير أن منيب أشارت كذلك إلى أخطاء المغرب في تعامله مع الصحراويين منذ أن واجه مطالبهم باستقلال المنطقة تحت سيادة الرباط بـ"القمع"، وكذلك في طريقة تدبير ملف إضراب أميناتو عن الطعام، لكن منيب عادت لتؤكد أن حيدر "لو رأت أن الدولة ستتغيّر باتجاه محاربة الفساد والاستبداد فستقول إنها مغربية". وتابعت السياسية اليسارية المغربية أن مصلحة كل "المغاربة في استكمال وحدتهم وبناء منطقة المغرب الكبير"، مبرزة فيما أنه من "المفروض على المنتظم الدولي ألا ينتصر للانفصالي على الوطني الذي يناضل داخل بلاده".
جدير بالذكر أن جائزة نوبل البديلة، التي تقدمها مؤسسة "رايت ليفيلهوود" الموجود مقرّها الرئيسي بالسويد، بدأت منذ عام 1980، ويتم تسليمها شهر ديسبمر/كانون الأول من كل عام، وقد سبق لنشطاء عرب أن توجوا بها، منهم ثلاثة نشطاء سعوديين في عام 2018.
ويتم اختيار الفائزين عن طريق توصّل اللجنة المنظمة باقتراحات من عدة دول عبر العالم.