دأبت نخبنا السياسية في حملاتها الدعائية للإنتخابات على إطلاق العنان للوعود التي تشبه الخيال في مجملها، وتدافع بكل قوتها عن تلك البرامج التي لاتعدو كونها مطية يراد بها الوصول للمنصب الانتخابي، حتى اصبحت البرامج الانتخابية -رغم أهميتها- هي آخر ماينظر فيه المواطن، إذ يعتبر أن صلاحية البرنامج الإنتخابي تنتهي يوم إعلان النتائج.
وفي الآونة الأخيرة كثر المشككون -على مواقع التواصل الاجتماعي - في قدرة النظام الحالى وحكومته على إدارة المرحلة القادمة،فأردت من خلال هذا المنشور أن أبعث الأمل في الجميع بأن القادم أفضل إنشاء الله.
منذ السادس عشر من الشهر الجاري وجلسات التحكيم متواصلة في مباني وزارة المالية ،من ساعات الصباح الأولى وحتى وقت متأخر من الليل.
وجلسات التحكيم لمن لايعرفها، هي جلسة يحضرها الوزير المعني رفقة طاقمه المؤلف من الأمين العام والمستشارين والمدراء في قطاعه وعلى الجانب الآخر وزير المالية وطاقمه الذي يضم أساسا أحد مستشاريه ومدير الميزانية وكوادر إدارة تحضير قوانين المالية التابعة للإدارة العامة الميزانية.
تتم هذه الجلسة مع الوزارات والهيئات المستقلة كل على حدة.
يحاول الوزراء عادة وطواقمهم أن تكون ميزانيتهم من أكبر الميزانيات المبرمجة ، في حين يحاول وزير المالية دائما وطاقمه اقتطاع ما أمكن لأنه يدرك حجم التحدي الذي يكمن في تنامي الحاجة للإنفاق في ظل محدودية الموارد.
منذ 2013 وأنا أحضر هذه الجلسات الساخنة- في معظمها- والتي من المفترض أن تحمل آمال وتطلعات الشعب، لم أسمع يوما خلال النقاشات بترابط تلك الميزانيات مع برنامج رئيس الجمهورية وذلك في الغالب الأعم لأن البرنامج المذكور لايعرفه جل الحاضرين أوغير معنيين به أو لأن صلاحيته انتهت حسب المفهوم السابق.
أما في جلسات التحكيم لإعداد مشروع ميزانية 2020 ، فقد فاجأ وزير المالية محمد لمين ولد الذهبي، الطواقم الوزارية بعدم اهتمامه الكبير باقتطاع مبالغ من ميزانياتهم بقدر ما انصب أهتمامه على مدى مطابقة بنود الميزانية المقدمة مع برنامج رئيس الجمهورية(تعهداتي) وبيان الحكومة الذي قدمه الوزير الأول أمام البرلمان وكيفية تنفيذ هذه البرامج وجدوائيتها.
مما يعني أن وزارة المالية قد وجدت ضالتها والرجل المناسب الذي طالما افتقدته.
إن موائمة الميزانية مع الخطط والبرامج التي صوت عليها الشعب هي الميثاق الغليظ الذي يحلم كل مواطن في العالم الثالث باحترامه من لدن حكامه.
الحضرامي محمد فيدار.