اختراق واتساب.. لماذا لا يجب أن تستأمن هذا التطبيق على أسرارك؟

أربعاء, 18/09/2019 - 09:59

كُبر تطبيق "واتس آب" (WhatsApp)، الطفل الذي انضمّ لعائلة فيسبوك قبل خمسة أعوام تقريبا، وأصبح قادرا على حمل المسؤولية عن كاهل شركته الأُم -فيسبوك- التي عانت خلال السنوات الماضية من فضائح لا حصر لها على صعيد خصوصية المُستخدم، فتطبيق المحادثات الفورية الأكبر على مستوى العالم اكتُشفت فيه ثغرة تُتيح بمكالمة واحدة اختراق بيانات المُستخدم دون حتى أن يدري، مُظهرة بذلك قصورا أمنيا رهيبا ما زال الجميع يتجاهله حتى اللحظة.

 

ثغرة قاتلة :

نشرت صحيفة"فاينانشالتايمز" (The Financial Times) تقريرا دون سابق إنذار تحدّثت فيه عن وجود ثغرة أمنية في تطبيق "واتس آب"، التطبيق الذي يستخدمه أكثر من 1.5 مليار شخص حول العالم، تُتيح للمُخترق سرقة بيانات المُستخدمين دون علمهم، ودون ترك أي أثر، وهي ثغرة عالجتها الشركة مُباشرة على خوادمها أولا، وعلى تطبيقاتها المتوفّرة لهواتف آيفون، وللأجهزة العاملة بنظام أندرويد.

تم العثور على الثغرة في بروتوكول نقل البيانات، المعروف اختصارا بـ (SRTCP)، في الحزمة البرمجية الخاصّة بإجراء الاتصالات عبر شبكة الإنترنت، (VOIP)، وهذا بعد اكتشاف محاولة فاشلة لاختراق أحد النُّشطاء في مجال حقوق الإنسان بتاريخ 12 مايو/أيار، لتبدأ التحرّيات فورا لفهم آلية عمل هذه الثغرة.

وإضافة إلى ما سبق، بخصوص التشفير الكامل، أتاحت الشركة إمكانية تخزين المحادثات على السحاب، لكنها نسيت أن تُخبر المُستخدمين أن أخذ النسخة الاحتياطية من الرسائل على السحاب يعني أنها لن تكون مُشفّرة(6)، وبالتالي أي ثغرة أمنية قد ينتج عنها تسريب تلك الرسائل لتكون ظاهرة للجميع، دون نسيان إمكانية لجوء الجهات الرسمية لطلب أرشيف رسائل المُستخدم الموجود على السحاب لتكون خصوصيّته من جديد مُجرّد لعبة كلمات برعت فيها فيسبوك لفترة طويلة من الزمن.

ثغرات أُخرى عُثر عليها في مجموعة من خدمات فيسبوك كانت مسؤولة عن تسريب بعض بيانات الرسائل التي يتبادلها المُستخدمون، على الأقل الأشخاص الذين تُرسل الرسائل إليهم ووقت الرسالة. كما أن عام 2018 شهد ثغرة في مُكالمات الفيديو تُشبه الثغرة المُكتشفة مؤخّرا من ناحية آلية العمل(7)، لتكون مسيرة "واتس آب" خلال عقد من الزمن مليئة بالتسريبات والفضائح.

وما يزيد الطين بلّة هو خروج مؤسّسي التطبيق من فيسبوك لأسباب لم يعلنوا عنها صراحة، إلا أن خصوصية المُستخدمين هي السبب الرئيسي بنسبة كبيرة جدا، خصوصا بعدما خرج "كريس هيوز" (Chris Hughes)، زميل "زوكربيرغ" في الجامعة وشريكه في تأسيس فيسبوك، وأكّد ضرورة السيطرة على فيسبوك بسبب مُمارساتها اللا منطقية.

 

أسئلة مشروعة

 

لا تكمن قوّة "تيليغرام" فقط في براعة مُهندسيه، بل في كونه مفتوح المصدر، أي إن شيفرته البرمجية متوفّرة للجميع ويُمكن لأي شخص الاطّلاع عليها والعثور على الثغرات الأمنية للتبليغ عنها أولا بأول، عكس "واتس آب" الذي لا يُمكن قراءة شيفرته المصدرية ومعرفة آلية عمله بشكل كامل، وهذا قد يكون لحماية الأبواب الخلفية التي تتركها الشركة للحكومات، أو لعدم رغبتها في مُشاركة التقنيات التي تقوم بتطويرها لتبقى متفوّقة على الجميع.

لكن "دوروف"، مؤسّس "تيليغرام"، طرح بعض الأسئلة التي ما زالت تحتاج إلى إجابات منطقية خصوصا بعد استحواذ فيسبوك على "واتس آب"، الشبكة التي أثبتت الأشهر الأخيرة أنها لا تحترم خصوصيّة المُستخدمين وستسعى دائما لبيع بياناتهم لكسب المزيد والتوسّع بشكل أكبر.

طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بشكل مُباشر من فريق عمل "تيليغرام" توفير أبواب خلفية لقراءة رسائل المُستخدمين، وهذا خلال وجودهم لفترة لم تتجاوز الأسبوع(9)، وهذا يُظهر جديّة تلك الجهات التي تبسط نفوذها في البلد نفسه الذي يوجد فيه فيسبوك. ولو أخذنا إيران وروسيا كمثال آخر على دول لا تحترم حريّة التعبير، فإن تطبيق "واتس آب" ما زال يعمل فيها دون أي قيود، في وقت حظرت فيه الحكومات هناك استخدام "تيليغرام" بشكل كامل بسبب تقنيات التشفير الموجودة فيه، وهذا قد يعني أن "واتس آب" تركت بالفعل أبوابا خلفية على هيئة ثغرات أمنية لا علم لها بها لإرضاء جميع الجهات.

"تيليغرام" ليس الخيار الأوحد، فتطبيق "سيغنال" (Signal) يوفّر تقنيات تشفير عالية جدا. لكن الأول أثبت أنه قادر على تقديم وابتكار مزايا جديدة طوال الوقت مع الحفاظ على التشفير كجزء أساسي في نواة التطبيق، ولهذا السبب يُنظر له على أنه البديل الأقوى لتطبيق "واتس آب" الذي لا يوجد منافس له في الوقت الراهن لأسباب عديدة أهمّها استخدامه من قِبل شريحة كبيرة جدا من المُستخدمين على مستوى العالم.

من ناحية المنطق، فإن فيسبوك لم تكن في يوم من الأيام شركة تُعنى بخصوصية المُستخدمين، على الأقل هذا ما أظهرته الثغرات والفضائح الأخيرة من جهة، وبعض العاملين داخل الشركة من جهة أُخرى(10)، وهو ما يُرجّح إمكانية ذهاب تطبيقات مثل "إنستغرام" و"واتس آب" في الاتجاه نفسه. وفي ظل ترنّح فيسبوك بسبب الفضائح المُتلاحقة، قد يكون السقوط جماعيا، أو قد ينجح دهاء "زوكربيرغ" الإعلامي في تقديم الشبكة الاجتماعية بحلة جديدة لدفن الماضي الذي قد يعود من جديد ويُطارد جميع خدمات فيسبوك ويدفنها وهي حيّة دون عودة.

 

المصدر : الجزيرة نت

 

تصفح أيضا...