أذكر أنه في الأيام الأولى لانقلاب ولد عبد العزيز كانت هناك رغبة في الإصلاح مسيطرة على خطابات الرئيس وتدخلاته، وكان حزب التكتل داعما له، وكنت داعما للتكتل، فكنت أبحث عن طريقة أقدم بها أفكارا حداثية قادرة على تطوير أداء الدولة للنظام الجديد، وأعددت بذلك استيراتيجية إعلامية حكومية تتضمنت عشرات النقاط في مختلف المجالات رافقت الكاتب الصحفي الأستاذ إبراهيم ولد عبد الله إلى مبنى رئاسة الجمهورية حيث مكتب الوزير الأمين العام للرئاسة محمد محمود ولد اخليل الذي قمت بتسليمه إياها..
لست أدري ماذا وقع بعد ذلك ولا أعرف هل توصل بها آنذاك الرئيس محمد ولد عبد العزيز أو حكومته أو هل أن مصيرها كان سلة المهملات..
كل ما أعرفه أن عددا من النقاط التي تضمنتها استيراتيجيتي تم تنفيذها من طرف السلطات -هل هو استنادا إليها أو هو محض صدفة لست أدري؟- لكن هذه النقاط مع ذلك مع الأسف إما نفذت بطريقة خطأ أو بطريقة ناقصة..
وقد كان من بين النقاط التي اقترحت في الاستيراتيجية:
- إنشاء منطقة حرة في انواذيبو تنتج كهرباء رخيصة وتركز على الصناعات التحويلية للمنتجات البحرية والمنتجات المعدنية والمنتجات الاستهلاكية الخفيفة. وتم إنشاء هذه المنطقة الحرة لكن بأسلوب آخر يختلف عما كنت أتصور.
-الاستغناء عن سيارات ومنازل للموظفين ورد تكاليفها وتكاليف صيانتها وتشغيلها على الرواتب التي اقترحت مضاعفتها على الأقل 200% حتى يتسنى ضمان العيش الكريم للموظفين ، وفعلا قامت السلطات بالاستغناء عن سيارات ودور الموظفين لكنها لم ترد مبالغها على الرواتب مما زاد وضعية الموظفين سوءا عما كانت عليه.
- إنشاء حالة مدنية بيومترية يكون لكل مواطن فيها رقم وطني مربوط بممتلكاته وخدماته بحيث لا تكون هناك مادة أو سلعة أو خدمة غير مربوطة بالرقم الوطني لصاحبها.
إنشاء حكومة إلكترونية. وفعلا تم إنشاء هذه الحالة المدنية لكن مع خطأين جسيمين هما:
الخطأ الأول اعتماد الاسم الثلاثي في بطاقة التعريف وتوابعها (رخصة القيادة، البطاقة الرمادية، الشهادات...) وعدم اعتماده في جواز السفر الذي تم فيه الاقتصار على الاسمين الأول والثالث مما يخلق مشاكل عديدة للموريتانيين في الخارج لاسيما في الخليج الذي يعتمد الاسم الثلاثي في معظم معاملاته.
الخطأ الثاني: عدم توحيد الاسم العائلي فتجد الأخ وأخاه كل منهما له اسم عائلي مختلف، وهذا يمنع إنشاء دفتر العائلة كما يمنع من الحصول على بيانات إحصائية صحيحة.
كما أن عدم ربطالأرقام الوطنية بالسلع والخدمات يحول دون إنشاء حكومة إلكترونية وأنظمة إدارية وضريبية واقتصادية شفافة.
إنشاء مجلس أعلى للفتوى والمظالم: وفعلا تم إنشاء هذا المجلس لكن بدون صلاحيات للمظالم الإدارية التي هي أهم المظالم التي يواجهها المواطن وهي جوهر الغاية الأساسية منه لأن المظالم الأخرى لديها القضاء ودور المجلس فيها محدود.
إنشاء أمن الطرق: وفعلا تم إنشاء هذا الجهاز لكن بطريقة مختلفة لأن اقتراحي كان يتضمن أن يكون فرعا من فروع الشرطة حتى يسهل تكامل أداء الأمن العام فيها فيما بينها، كما كان يتضمن أن تكون مسؤولية أمن الطرق خاصة بالطرق بين المدن وأن تتضمن: دوريات متحركة مستمرة على مدار الساعة على الطرق لإزاحة العوائق واستدعاء الحهات المختصة لردم الحفر ونزع الرمال وازاحة السيارات المتعطلة وإسعاف ضحايا الحوادث، بينما تم إنشاء جهاز أمن طرق مستقل وبطريقة أخرى -أكثر تركيزها على ما كانت تقوم به الشرطة داخل المدن- لم تكن هي مقصودي...إلخ.