أجرت المقابلة لصحيفة الغارديان: كارول كادوالادر
بتاريخ: شباط 2017
ترجمة: زينب عبد محمد
تصميم: حسام زيدان
لقد التقيت ب دانييل دانييت الفيلسوف العقلاني الامريكي في يوم تنصيب الرئيس دونالد ترامب، ولم يكن هناك يوم أكثر مناسبةً من ذالك اليوم لتأمل هشاشة الحضارة بوجه التغيرات التكنولوجية العظيمة والساحقة، وهو موضوع يشرحه دانييت بصورة مفصلة في آخر كتبه.
دانييت هو شخصية فريدة في الثقافة الامريكية، فيلسوف أبيض الشعر ذو لوحية بيضاء بعمر 74 عاماً. ومن الجدير بالذكر أن عمل هذا الفيلسوف يضج بالتساؤلات حول نقاط التقاء العلوم والتكنولوجيا والضمير. كما أن محل اهتمامه ودراسته هو الدماغ وكيف يخلق معنى للأشياء وما الذي سوف تفعله أدمغتنا وكيف سوف تتصرف في المستقبل الغني بالذكاء الاصطناعي وصناعة الروبوتات. زار دينت وزوجته سوزان لندن من أجل الترويج لأحدث كتبه بعنوان “من البكتريا إلى باخ ذهاباً واياباً”. لقد وجدت دينت جالساً في شقة مستأجرة في نوتينغ هيل ينظر بتركيز إلى شاشة حاسوبه الشخصي. قال لي: “كنت على وشك ارسال تغريدة”. وأكمل، ” شيء من قبيل أن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الجمهوريين في موقف يحسدون عليه، فكم مرة يسنح للشخص أن يصبح بطلاً قومياً؟ من الذي سوف يدخل صفحات التاريخ؟”
أن لتصريحات دينت من الثقل المعرفي ما يجعلها ذات تأثير في الناس: فهو أحد متحدثي “تيد TED” وصديق لنخبة وادي السليكون كما أنه ناشر وكاتب ذو كتابات غنية وكتب ذات مبيعات عالية.
ومن الواضح أن كتابه الجديد كان قد كُتب في وقت مختلف لقد قرر دينت، وهو المناصر لريتشارد دوكنز (وملحد كما هو الحال مع دوكنز) أن ينظر للثقافة من منظور تطوري. وكان المقصود في الفصل الاخير من كتابه والذي يتأمل فيه المستقبل البشري التكنولوجي هو حث البشر على التفكير وبدلاً من ذلك نجد أنه مخيف لحد بعيد: فهو يسلط انتباهنا على النتائج المحتملة للتكنولوجيا التي اخترعناها والتي أصبحنا لا نفهمها بشكل متزايد، حيث يكتب في كتابه: أن التعاون البشري والثقة ليست معطيات وإنما هي نتائج العملية الثقافية التي يمكن عكسها، وأن الحضارة هشة جداً أكثر مما يود أحد منّا الاعتراف بذلك.
لقد كنت أفكر بأنه ربما يكون الفلاسفة هم ما نحتاجه الآن، حيث أننا بحاجة لتفكير معمق فيما يحدث الأن؟
نعم ومن الجميع. أن الخطر الحقيقي الذي يواجهنا هو أننا خسرنا الاحترام والاهتمام بالحقيقة والوقائع. فلقد اكتشف الناس بأنه من الاسهل تدمير السمعة من أجل اكتساب المصداقية بدلاً من الحفاظ عليها. الأمر لا يتعلق بجودة الحقائق التي تمتلكها، فسيبقى هناك من ينشر الاشاعات بأن ما تقوله “اخبار مزيفة”. أننا ندخل حقبة من الظلام المعرفي التي لم نختبرها منذ العصور الوسطى.
لقد كتبت ورقة قبل سنوات قليلة عن كيف أن التكنولوجيا سوف تجلب الشفافية للناس والمنظمات سواء أن ارادوها أم لا والتأثير الكبير لذلك، يبدو أن هذا ما يحدث اليوم أليس كذلك؟
نعم لقد كتبت ذلك مع دوب روي وهو عالم حاسوب شاب ذكي ومختص بصناعة الروبوتات وهو الآن مسؤول عن قسم الابحاث في توتير. لقد قارنّا هذا التطور بالانفجار الكامبيري والذي يُعتبر حقبة لإبداع هائل حيث تشكلت كل هذه الحيوات المختلفة وبنفس الوقت تدمرت أخرى. لقد كان سباق التسلح.
إذاً تقول سوف يكون لدينا كل هذه الادوات الرائعة لنخترعها؟
نعم وادوات مضادة.
وأنت تقترح بأن هذا سوف يقود إلى حرب معلوماتية أليس هذا ما نعانيه الآن؟
بالتأكيد لقد كنت مهتماً في الخوض والكشف عن شفافية المعلومات لأنها تجعل الأمر أصعب أمام الدين لكنها ليست خالية من السوء فبإمكانها أن تكون مخيفة جداً.
هناك اعتبار بأن الفلسفة فرع جاف من العلوم الاكاديمية ولكن في الواقع تعد أسئلة مثل السؤال عما هو حقيقة وما هو واقع أسئلة ضرورية في أيامنا هذه، أليس كذلك؟
لم تبحث الفلسفة عن المجد عندما تناولت هكذا امور ربما سيبدأ الناس الآن بملاحظة أن الفلاسفة ليسوا أبرياء، فأحياناً قد تكون للآراء نتائج مروعة قد تحدثُ على أرض الواقع حقاً. إنني أعتقد أن ما فعله فلاسفة مرحلة ما بعد الحداثة كان امراً شريراً بحق، حيث أنهم يقفون وراء البدعةِ الفكرية التي جعلت السخريةَ من الحقيقة والحقائق امراً مقبولاً. حيث سيصبح بيننا أناسٌ يقولونَ ساخرين: “نعم، أنت واحد من أولئك الذين لايزالون يعتقدون بوجود حقائق مطلقة”
إن فهمي لما بعد الحداثة – وأنت ملحد بارز – هو عدم وجود نظرة واحدة للحقيقة (نظرة الرب) فهل تؤمن بوجود منافسة بين التفسيرات أو السرديات؟
نعم وواحدة منها صائبة والبقية خاطئة، واحدة من هذه السرديات هي الحقيقة والبقية لا. إن الامر بهذه البساطة.
إن ظاهرة ترامب تُبرز أسئلة مهمة حول الكيفية التي يفكر بها الناس وكيف تعمل أدمغتنا وهو الأمر الذي امضيت حياتك في دراسته. هل يؤثر ذلك على الطريقة التي تنظر بها للأشياء؟
أنه لأمر واضح بأنني استقطع جزء من وقتي ببساطة لما أحب أن افعله عادة لا أفكر في المستقبل السياسي القريب وما هي الخطوات التي يمكنني اتخاذها لدرء كارثة ما. أن النشاط السياسي ليس نشاطي المفضل أو ما أحب أن افعله ولكن احياناً علينا الخوض في هكذا نوع من الامور. لقد شعرت بالتزام اخلاقي لكتابة كتاب (كسر التعويذة)، وهو كتاب يحوي دراسة الدين كظاهرة طبيعية لأنني كنت مهتماً بظهور الثيوقراطية في امريكا والامتداد المتزايد لليمين الديني. ما أود العمل عليه هو اجراء بعض التحديثات على نظريات الوعي والتي ليس لديها أي شيء مشترك مع السياسة وبهذا فأنني اندم على كل وقت اضعته في القلق على المشاكل السياسية.
إذاً ما الذي تود عمله لاحقاً؟
إنني متفائل في النهاية، برأيي يستطيع كل نائب جمهوري الوقوف بجرأة لقول الحقيقة والعدالة ونصرة حكم القانون وأملي الاخر هو إن كان على ترامب الاختيار بين كونه رئيس أو ملياردير، أعتقد أنه ربما يستقيل عن منصبه.
أرى هذا شبيه بلمسة المواساة التي في الأديان. حيث أنه لمن الجميل أن تؤمن بوجود الجنة وأنه لمن اللطيف أن تصدق بأن ترامب سوف يستقيل
حسناً لقد اخبرتكِ أنني شخص متفائل.
ولكن في كتابك الجديد تقول أو تتسأل إذا ما ستنهار الحضارة وتستنتج بأنها سوف تنهار وتقول هناك خطر قائم لأن العالم الحديث أصبح معقداً ليتم اصلاحه هل لهذا وقع مختلف عن الوقت الذي كتبته فيه؟
أظن ذلك عندما كتبته كنت قد فكرت بأن الناس لن تشتريه، أما الآن فإننا نواجه هذا كله اليس ذلك صحيحاً؟ إن تفاؤلي قائم ومحاط بالأفكار التي تبعث على التفاؤل والتي هي أكثر واقعية.
لقد تحدثت ايضاً عن التطور الثقافي في الكتاب يقترح ذلك لأغلب الناس فكرة بأن الاشياء سوف تأخذ منحى أفضل ولكن هذا ليس بالضرورة حقيقياً أليس كذلك؟
حسنا أن الرؤية التفاؤلية بإمكانية تحسن الاشياء هي رؤية الباقون على قيد الحياة. أنه لتاريخ ضعيف نوعاً ما والشي نفسه ينطبق على الثقافة والشي المثير للدهشة بأننا الآن نعلم الكثير عن الكيفية التي يعمل بها التطور ونحن قد بدأنا باستعمال ذلك، الأمر الذي يعرض هشاشة بعض ملامح عالمنا الحديث. علينا الآن أن نحرص على عدم الهروب إلى الهاوية مع التكنولوجيا الجديدة، دون النظر عن كثب ما هي آثارها.
تكلمت عن الميميات، وهي التسمية التي أطلقها ريتشارد دوكنز على المورثات الثقافية. هل تستطيع أن ترى ترامب كميمة ثقافية سيئة ولكنها ناجحة؟
حسناً، إن واحدة من اقوى وأكثر الاجزاء غير المستقرة في رؤية دوكنز هي أن الميميات لديها كفاءتها الخاصة بها. بنفس الطريقة التي تمتلك الجراثيم والفيروسات كفاءتها الخاصة بها وهذا يعني بأنه من الممكن وجود ميمة ناجحة جداً لكنها خطيرة جداً بالوقت عينه.
يبدو أن الجدل الدائر حول الاخبار الزائفة هو جزء صغير من ذلك؟
بالتأكيد. سوف أخبرك شيئاً واحداً كان مفاجئاً لي تبين أن هناك مبدأ أعلى ترتيباً هو السبب وراء ذلك، سوف اعطيك مثالاً لماذا تكلف الاعلانات كثيراً في دوري كرة القدم الأمريكية الوطني؟ الجواب: ليس لأن ملايين الناس يشاهدون هذا الحدث ولكن لأن الملايين من الناسِ ومئاتِ الملايين منهم يعلمون بأن مئات الملايين من الناس يشاهدونهُ الأمر الذي بدوره يضفي على الحدث مصداقية إضافية. رغم أن شبكة الأنترنت لا تعمل بنفس الآلية. لكن عندما يقوم ترامب بالتعليق أو التغريد على موقع تويتر لملايين من الناس في وقت معين. في نفس الوقت يعلم الناس بأنه يرسل تغريداته إلى ملايين الناس، فبالتالي هو يحصل على إحدى ايجابيات تأثير المصداقية من دون تأثره بالسلبيات. لذلك فإن لهذا تأثير عصبي شديد حيث أن هذه واحدة من صفات الشفافية الحديثة والأكثر قلقاً فنحن حالما نطور الاساسيات لإعطاء العالم نظاما عصبياً قوياً فأننا نتلفها. وبهذا نكون مهددين أن نصبح عُمي عن رؤية الحقيقة.
لقد كنت أبحث عن هذه المشاكل في محرك بحث غوغل وإحدى الأمثلة التي صادفتها هو أنك إن قمت بطباعة “المحرقة هي…” في محرك بحث غوغل سوف تظهر لك قائمة بالاقتراحات الممكن البحث عنها بالترتيب الآتي “كذبة” و”خدعة” وإلى اخره. وإن قمت باختيار خيار البحث بأن “المحرقة هي كذبة” فسوف تحصل على 10 مدخلات بحث تخص النازيين الجدد والتي تقول “نعم أن المحرقة هي كذبة”
إن هذا يُعتبر مثير ومزعج في آن واحد حيث أنه جزء من سباق التسلح بالأدوات التي وجدت من قبل الشفافية وسهولة الوصول للمعلومات. أن هذا سوف يقوض من وجود الأشياء الجيدة والسيئة ايضاً، نحن ندخل حقبة غياب القانون.
إن غوغل مثير للاهتمام ليس لأنه فقط بوابتنا لهذه الحقائق ولكنه ايضاً جهاز انتقال ثقافي إنه آلة انتقال ثقافية.
نعم، أتفق.
إذاً فأي نتيجة بحث تصل تكون الأكثر بالظهور بالنتائج تصبح هي النسخة الناجحة من الحقيقة. أنها فكرة الميمة الناجحة؟
نعم إنها الخوارزمية التي جعلت غوغل موجوداً في الأساس. إن لاري وسيرجي عندما كتبوا الخوارزمية تم تعديلها مراراً وتكراراً، الآن هم لديهم اذكى الاشخاص من اجل تصحيح الاخطاء التي تحدث. سواء كان هؤلاء الاشخاص الاذكياء وذوي النية الجيدة يستطيعون مواكبة ما يظنه او يفترضه أي شخص عندما يستخدم محرك البحث، نحن نعلم بأنهم يحاولون. إنني لسعيد جداً بأن ديب روي هو الشخص المسؤول عن مثل هذه العملية في تويتر حيث يعمل هو وفريقه بجد لفهم وتوقع المشاكل المشابهة.
لقد كنت شخصية ملهِمة بين مجموعة وادي السليكون؟
ربما، فإنني امضي وقتي معهم نوعاً ما.
هل أنت قلق بخصوص العلاقة بين شركات التكنولوجيا والحكومة الامريكية؟ رؤية الجميع مثلاً في قمة ترامب للتكنولوجيا على سبيل المثال؟
الحقيقة أنني لم اتابع الموضوع إلا أنني لست مرتاحاً له، نعم فإنني لا أرى ما هو الطريق الصحيح لإبقاء التكنولوجيا بعيدة بشكل مناسب عن الحكومات، قدر الإمكان. إن صديقي داني هيلز قام بتقديم خطاب في تيد أوضح فيه بأن الخدمات الحيوية الاساسية للأمة تعتمد على الانترنت أكثر مما ينبغي. فإن توقف الانترنت فإنه سوف يتسبب بخفض معدلات الطاقة فستتوقف الهواتف النقالة والمذياع والتلفزيون وسوف ندخل عهد من الظلام الإلكتروني ونحن لسنا معتادين على ذلك فأن كنا نعتقد بأن احداث الحادي عشر من سبتمبر مخيفة فإن هذا سيكون أكثر رعباً وعلينا أن نخطط لما سنفعله عند حدوث ذلك.
أنت تقول بأنك متفاجئ بالتطور الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي في حين أنك غير مهتم بكوننا سنصبح عبيداً من قبل سلالة من الروبوتات. هل لديك أشياء أخرى تهتم بها؟
بالطبع، الأشياء الفردية المنافية للعقل تصرفنا عن مشاكل أكثر إلحاحاً. إن ادوات الذكاء الاصطناعي التي أصبحنا معتادين عليها والخطر هو أننا سوف نمنحها سلطة أكثر مما يجب منحها اياه. سوف نسمح لهم بإسدائنا نصائح عن أمور لا يجب أن نسمح لهم بإسدائنا نصائح بخصوصها.
إنك تقتبس من زملائك الذين يقترحون أن غوغل لديه الاكمال التلقائي الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعليم الآلة. هل بإمكان غوغل أن يسيطر على الطريقة التي نرى بها العالم هل هذا ما تظنه؟ بأن الروبوتات التي تسيطر حالياً على ادمغتنا بطريقة لا يمكننا نعيها؟
نعم نحن نحصن أنفسنا بنظام دعم تكنولوجي وسوف يكون علينا أن نكون متأكدين من أنه يعطي نتائج دقيقة، نتائج لا يمكننا الحصول عليها بأي طريقة. أننا نعلم بأنه لا يمكن فهم طريقة عملها ايضاً. يتحدث الناس عما يشبه صندوق أسود للعلوم، إنه ليس مجرد اخبار أو سياسة، إنه علم.
ما هي خطورة عالم لا يفهم فيه العلماء كيف تعمل الاشياء؟
إن واحدة من الافكار الرئيسية في كتابي هو كيف أن العالم والطبيعة كان يحكمها، حتى وقت قريب، مبدأ الكفاءة وليس الفهم. إن فكرة الفهم الجاد لكل شيء لا تزال فكرةً حديثة النشوءِ، لا تبلغ من العمرِ سوى الاف السنين وليس مليون سنة حتى. بيد أننا وبالرغم من تحركنا نحو التصاميم الذكية والتطورِ إلا أننا لا نأبه لفهم ما حولنا. وأن هذه واحد من أكثر الأفكار رعباً وخطراً بالنسبةِ لي، وذلك لأنه سواء كان للأفضل أو للأسوأ فإنني اعتبر الفهم واحداً من قيمي الأسمى. أريد أن أفهم كل شيء أريد الناس أن تفهم كل شيء. إنني أحب أن أفهم الأشياء من حولي وأحب أن أشرحها لنفسي وللأخرين. لطالما كان هناك اناس من حولنا يقولون “لا تزعج نفسك بالشرحٍ لي كيف يعمل محرك السيارة، أنني لا أهتم لذلك فكل ما افعله هو إدارة مفتاح تشغيل السيارة ومن ثم قيادتها “ويعقب الفيلسوف على ذلك قائلاً: ” ما الذي يمكن أن يحدث إن تصرف الجميع تجاه كل شيء حولنا بهذه الطريقة”
هل نحن في موقف الآن تكون فيه التكنولوجيا معقدة وصعبة الفهم حتى بالنسبة لأولئك الذين اخترعوها؟
أن هذا لأمر مثير للقلق ومحتمل الحدوث في نفس الوقت لا أظن بأنه قد وصل الأمر لهذه النقطة. ولكن هذا لا يعني أأأن ذلك لن يحدث. إن الأمر المدهش هو حديث الفلاسفة لمئات السنين عن حدود الفهم وكأنه حاجز عازل للصوت. فطالما كان لدينا هذا الحاجز الذي لا نستطيع اجتيازه أنه لأمر مأساوي للإنسان. ونحن الآن نكتشف نسخة منه والذي إذا كان صحيحاً فهو من النوع الممل. فليس هناك ألغاز كبيرة، بيد أن الطريقة الوحيدة للتقدم هي من خلال تقسيم العمل والاختصاص فعلى سبيل المثال: أن الأوراق البحثية التي تصدرها منظمة سيرن (المنظمة الاوربية للأبحاث النووية) يعمل على تأليفها زهاء 500 عالم. ليس فيهم من يفهم كامل الورقة البحثية بتفاصيلها. سوف يصبح هذا بدوره مجرد ميم ثقافي. إن استيعابنا سيكون جماعياً. حيث سيتوجب عليك الاتكال على الاخرين لأنك لا تفهم كل الأمور بنفسك. لقد كان هناك وقت، كالقرن الثامن عشر، كان فيه الاذكياء من الناس يطمحون لفهم كل شيء.
ما هي النتائج المترتبة على ذلك؟
حسنا، إنها الضعف الشديد للحضارة حيث يمكننا أن نقفز عائدين للوراء بكل سهولة إلى القرن التاسع عشر.