يوَدّع الشعب الموريتاني بعد أيام أحد أبرز القادة الذي حكموا البلاد وأحد أهم الرجال الذين تركوا بصماتهم في أرضها وسمائها وحرثها وكل رموزها الوطنية...
تتراقص المفردات أمامي وتدعوني كل واحدة لاستغلالها في تدوينة الوداع، ويحركني الإحساس ويدعوني الشعور الفطري إلى طواف عالم الاعتراف وما يقتضيه من رد الجميل ولو بكلمة صادقة تقتل جفوت الإنكار وهدوء الجحود.
نحن الآن نعيش لحظات فارقة من تاريخنا المعاصر ينبغي أن نتأمل فيها ونقارن ونقارب ونعترف ونُنَوّه ونشيد، لعلّ التّنويه في هذه اللّحظات يكون أصدق إخطارا منه في فترات سابقة كُنا إذا نوّهنا سُلّطت علينا ألسنةٌ يرى أصحابها الاعتراف مزايدةً ورد الجميل تملقا ومجابهة الرأي الآخر تطبيلا وتزميرا !
مع الوقت سيعترف الجميع بإنجازات الرئيس المُوَدّع وسيدركون أنه صنع تاريخا عصيا على الاندثار، وخلف إرثا ينعم به الجميع، وأنه أعاد إرساء دعائم دولة وأن اسمه سيظل محفورا في ذاكرة أبناء الشعب وأحفادهم أيا كان مستوى الإنكار والجحود.
ارتبط اسم الرئيس المُوّدِع بكثير من الإنجازات؛ فهو الذي أشرف على تكوين جيش أمّن الأمة من رحلة الضياع التي ترنحت فيها طيلة سنوات التّيه الأمني الفارطة، وهو الذي وضع حدا لظاهرة أحياء الصفيح في انواكشوط وانواذيبو وهو الذي أقام نظاما ابيومتريا أمّن حالتنا المدنية وأعطى للانتماء لهذه الأرض قيمة، وهو الذي أشرف على تصميم التّرسانة القانونية، وهو الذي عزز الشبكة الطرقية وشيّد المطارات وأنشأ شركات الطيران ومدارس المهندسين وكليات الطب وهو الذي وفّر الماء والكهرباء لآلاف المواطنين ليعانق آمال الفقراء وتطلعات المحرومين، وهو باختصار من غيّر واقع أمة في وقت قياسي رغم صعوبة بعض الفترات وشُحّ الوسائل وتعدد الأولويات...
السيد الرئيس،
إن حرصكم على أمن هذا الوطن وصون مكتسباته هو الذي جعلكم تدعمون الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بعد عشر سمانٍ تغيّر خلالها واقع البلد وأهله، وتبدّلت خلالها تلك الصورة التقليدية الكئيبة التي ظلت تلاحق مفهوم الانتماء لموريتانيا الذي ارتبط في أذهان العديد من الأشقاء والأصدقاء بالفقر والبداوة وعدم الكفاءة، وهي الصّفات التي تحطمت على صخرة المواقف المشهودة والتّطلعات المشروعة، وداخل أروقة القصور التي احتضنت القمم والمؤتمرات في عهدكم الميمون.
السيد الرئيس،
إن إدراككم بأن الرئيس المنتخب هو خير خلف وأنه القادر على صَونِ المكتسبات وتعزيز الإنجازات وتطوير الأمة هو الذي جعلكم تدعمون ترشحه، وهو ذات الإدراك الذي اتفق عليه معظم مثقفي البلد وسياسييه وقواه الحيه؛ لأنه يحمل سماتٍ عزّت في هذا الزمان، ولأن اختياره كان إجماعا لا مراء فيه.
السيد الرئيس،
سيحفظ لكم - الأوفياء لهذه الأرض - العهد وستظل إنجازاتكم الشاخصة أمام الجميع مصدر عرفان وتقدير واحترام.
سيدي الرئيس،
أوَدّع فيكم روح القائد وتطلع المواطن وفطنة النّبه ووفاء العارف ورُؤية الصادق، وأرجو الله العليّ القدير أن يمدّ في عمركم وأن يُمتّعكم بدوام الصحة والعافية.
محمد ولد سيدي عبد الله.
مستشار بالوزارة الأولى.