"ما بقاء اﻷمة بعد شتم نبيها؟!" اﻹمام مالك بن أنس
أقول عطفا على بياننا السابق عطف بيان وتوكيدا وبدﻻ .
ذلك البيان الذي وقعته كوكبة من أجﻻء علماء البلد الموثوق بعلمهم وورعهم وغيرتهم على حرمات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
على رأسهم العﻻمة اباه بن عبد الله والعﻻمة محمد الحسن بن أحمدو الخديم وآخرون معروفون عند العامة والخاصة
أقول - وما توفيقي إﻻ بالله عليه توكلت وإليه أنيب -:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد, السلام عليك أيها النبيئ ورحمة الله وبركاته.
أما بعدُ فقد قال بعض المائلين لسقوط حد القتل عن المسيء لنفسه الذي أصبح يلقب من بعض المائلين لإطلاق سراحه بـ""الشخض" قائلا في لدفاع عن توبته: "ينبغي أن يزيل المقال المسيء عن صفحته" كما أصبح يلقب من بعض وسائل الإعلام بـ"السجين محمد الشيخ ول امخيطير"!!!! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي الحظيم
قالوا: إن المسألة مسألة خلاف فمذهب الحنفية سقوط الحد بالقتل وحكم القاضي يرفع الخلاف
فقلنا: مِن تحت العموم خصوص فليست المسألة على إطلاقها فقد أجمع العلماء على أن الحكم بخلاف قول الأكثر من العلماء حكم بباطل لا يحل.
قال اﻹمام ابن حزم في مراتب اﻹجماع - وهي أصح اﻹجماعات كما قرر علماؤنا -: ((واتفقوا على وجوب الحكم بالكتاب والسنة والإجماع.
واتفقوا أن من حكم بغير هذه الثلاثة أو القياس أو اﻻستحسان أو قول صاحب ﻻ مخالف له منهم أو قول تابع ﻻ مخالف له من التابعين وﻻ من الصحابة أو قول اﻷكثر من الفقهاء فقد حكم بباطل ﻻ يحل)) انتهى كلام ابن حزم بحروفه وسكت شيخ الإسلام ابن تيمة في نقد مراتب الإجماع, ونقله اﻹمام ابن القطان في اﻹقناع في مسائل الإجماع. مسلما له. وإجمعاته هي أوعب كتب الإجماع كما نص على ذلك علماؤنا.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي في المعيار: قال الإمام أبو عبد الله الأبي في كتاب الأقضية من إكمال الإكمال: قالوا: ويُكتفى في معرفة الإجماع بالنظر في كتب الإجماع الموضوعة فيه كإجماع ابن القطان.)) [المعيار ج6 ص 364 - ج11 ص 386. ]
إذا تقرر هذا فلم يبق إلا تحقيق كون جمهور العلماء على أن قتل ساب النبي صلى الله عليه وسلم حد لا تسقطه التوبة إن صحت ودونكه:
قال القاضي عياض في "الشفا بالتعريف بحقوق المصطفى" : ((قد قدمنا ما هو سب وأذى في حقه صلى الله عليه وسلم وذكرنا إجماع العلماء على قتل فاعل ذلك وقائله وتخيير الإمام في قتله أو صلبه على ما ذكرناه وقررنا الحجج عليه.
وبعدُ فاعلم أن مشهور مذهب مالك وأصحابه وقول السلف وجمهور العلماء قتله حدا لا كفرا إن أظهر التوبة منه ولهذا لا تقبل عندهم توبته ولا تنفعه استقالته ولا فيئته كما قدمناه قبلُ وحكمه حكم الزنديق ومُسِرِّ الكفر في هذا القول وسواء كانت توبته على هذا بعد القدرة عليه والشهادة على قوله أو جاء تائبا من قبل نفسه لأنه حَدٌّ وجب لا تسقطه التوبة كسائر الحدود قال الشيخ أبو الحسن القابسى رحمه الله إذا أقر بالسب وتاب منه وأظهر التوبة قتل بالسب لأنه هو حده وقال أبو محمد بن أبى زيد مثله وأما ما بينه وبين الله فتوبته تنفعه، وقال ابن سحنون من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من الموحدين ثم تاب عن ذلك لم تُزل توبته عنه القتل)). انتهى.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الإعلام بقواطع الإسلام: ((من سبّ نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام -ويلحق به في جميع ما يذكر غيره من الأنبياء المتفق على نبوتهم- أو عابه أو الحق به نقصا في نفسه أو في نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله، أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب والازدراء أو التصغير بشأنه أو الغض منه، أو العيب له، أو لعنه أو دعا عليه، أو تمنى له مضرة أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور, أو عيّره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه كان كافرا بالإجماع كما حكاه جماعة, وحكاية ابن حزم الخلاف فيه لا معول عليها سواء أصدر منه جميع ذلك أو بعضه فيقتل، ولا تقبل توبته عند أكثر العلماء، وعليه جماعة من أصحابنا، بل ادعى فيه الشيخ أبو بكر الفارسي الإجماع، وسياتي بسط الكلام فيه.)) انتهى.
تذنيب: ولا نحتاج إليه لأن الحكم كاف في نقضه الإجماعُ على بطلانه الذي تقرر في أصح وأوعب كتب الإجماع ولكن نقول من باب التعكير
إنه لا يجوز لمفت أو قاض أن يفتي أو يقضي بمذهب المخالف – بل ولا بمذهبه هو نفسه- من قبل أن يسبر غوره وإن من صول الأحناف القتل سياسة ولذلك أفتى أكثر علماء الحنفية بقتل من أكثر من سب النبي من أهل الذمة وإن أسلم بعد أخذه وقالوا يقتل سياسة. انظرالصارم المسلول لشيخ الإسلام بن تيمية وحاشية ابن عابدين "رد المحتار" فقد نقل ذلك عن الصارم مسلما له ثم قال : ((وقوله "وإن أسلم بعد أخذه" لم أر من صرح به عندنا لكنه نقله عن مذهبنا وهو ثبت فيقبل.)) انتهى.
تلخيص : المسيء لنفسه أفحش في السب وأظهره إظهارا فظهر. فلا مناص له من القتل ولوصحت وصدقت توبته إما القتل حدا كما هو مذهب السواد الأعظم من علماء المسلمين الذي يجب الوقوف عنده في الإفتاء والقضاء والذي الحكم بخلافه حكم بباطل إجماعًاولا سيما إن كان هو الوسيلة الوحيدة لسد أبواب الإلحاد والاستهزاء بالله وآياته وكتبه ورسله وحماية وصون الجناب الطاهر الرفيع .
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى .... حتى يراق على جوانبه الدم.
وإما القتل تعزيرا وسياسة كما هو رأي أكثر علماء الحنفية
... هما أمران أحلاهما مر
........................................ فليس له بَرٌّ يقيه ولا بحرُ
إذا ما توقى جانب الروع جاءه
من الجانب المأمون ما كان يحذر
* * *
وليس بغير تدمر مستغاثٌ
وتدمرُ كاسمها لهم دمارُ
أرادوا أن يُديروا الرأي فيها
فصبحهم برأي لا يُدارُ
نعم المسيء لنفسه مقتول حدا على مذهب السواد الأعظم من علماء المسلمين وسياسة عند السواد الأعظم من العلماء الحنفيين:
وإن سياسة الأقوام فاعلم
لها صَعْداء مطلعها طويل
إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمه
وتلك سياية الحنفيين والخلافة قائمة تنال أيديها ورماحها الكفار والمرتدين والمستهزئين أينما ثقفوا فما ظنك بها الآن وفي إطلاق المسيئين مس من هيبة الجناب النبوي في قلوب المسلمين وانتزاع لها من قلوب أعداء الدين على حين سقطت الخلافة وضعفت الأمة بسبب ضعف حكامها فلم تبق لها هيبة في غير مقدساتها فلا هيبة لها في دم ولا عرض ولا مال ولا وطن فمقسداتها هي آخر رمق, وقد فهم ذلك أعداء الدين, ومن كلام الإمام مالك رضي الله عنه – ((ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها؟)).
اللهم إنا نعوذ بك أن تجعل فينا أومنا خصيما لساب نبيك ورسولك عليه الصلاة والسلام.
اللهم إنا نعوذ بك أن تأخذنا رأفة بساب انبيك ورسولك عليه الصلاة والسلام.
اللهم إنا نعوذ بك أن نرى (العدل) في الطاعن في عدل نبيك ورسولك عليه الصلاة والسلام غير حد السيف.
اللهم إنا نعوذ بك أن نجعل عرض نبيك ورسولك عليه الصلاة والسلام كبشَ فداء لإسعافِ تجشؤِ اللقمة الزائدة على شبعِ شر البريئة.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد, السلام عليك أيها النبيئ ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه العبد الضعيف الفقير إلى مولاه الغني به أحمد بن اجاه بن محمد الامين بن عبد الرحمن بن ابوه اليقوبي الموسوي كان الله لهم.
الخميس لثمان خلون من ذي القعدة عام 1440 الموافق 2019/7/11م