اختر أي هذه العناوين تراه معبرا عن إشكالية مطروحة وشائكة يتناولها الجميع كل حسب هواه وأهدافه ومراميه ويبقى المشكل ذاته يراوح مكانه.
أحاول ان أقدم رأيا في هذا الموضوع يمكن للنخبة وأصحاب القرار أن يستأنسوا به حين تناولهم لهذا الموضوع.
في البداية أحب أن أقدم عرضا بسيطا عن هذه الظاهرة من باب التذكير فقط حيث يعرف الجميع أن العبودية ظاهرة إجتماعية وجدت مبكرا مع وجود المجتمعات ومنذ بداية الخليقة ولم تسلم منها أمة على وجه الأرض ومن مسبباتها الفقر والعوز والحروب.
وقد عرف مجتمعنا كغيره من المجتمعات هذه الظاهرة المتخلفة في إطار التفاوت الطبقي الذي كان ومايزال يطبع المجتمع ودون أن أطيل في هذا السرد التاريخي المعلوم لدى الجميع أريد ان أصل إلى تناول هذه الظاهرة اليوم ونحن نحاول أن نبني دولة مدنية معاصرة ويتمتع الجميع فيها بنفس الحقوق والواجبات دولة ترتكز على مبدأ الوحدة الوطنية،
أعتقد أن جميع الموريتانيين اليوم قد توصلوا إلى قناعة تامة بضرورة التخلص من العبودية و آثراها المدمرة وهذا لعمري يشكل أرضية صلبة نحو القضاء بشكل فعال على هذه الظاهرة إذا كانت النخب من سياسيين و حقوقيين وجهات رسمية جادين فعلا للتخلص من هذه الظاهرة.
ما نراه من تناول لهذا الموضوع لايعكس الإرادة الجادة في القضاء على هذا الورم الخبيث
ولنبدأ بالجانب المتعلق بالسلطة كمسوؤل أول، صحيح أن الترسانة القانونية قد وصلت أشواطا متقدمة في هذا المضمار ولكن بقي الجانب الإعلامي حيث على الدولة أن تسخر الأساتذة والمفكرين و العلماء والفقهاء لتناول الموضوع ومحاولة إقناع مجتمع ما يزال يحمل في أفكاره بقية متخلفة وإن كان قد حيل بينه وبين تطبيقها على الواقع، يجب ان تسخر الدولة كل هذه الطاقات لفترة زمنية طويلة على كل المنابر الإعلامية و في الجامعات و في دور العبادة.
وفي ما يتعلق بالنخب وخاصة المثقفين من شريحة لحراطين إذا كانوا جادين في النهوض بهذه الشريحة وتخليصها من واقعها المزري فعليهم القيام بمراجعة نقدية للخطاب الذي يقدمونه للعامة فهذا الخطاب يؤدي إلى نتائج عكسية لما ينبغي أن يوصل إليه.
أخاطب فيهم العقل بعيدا عن الانفعال و التعصب انتم تعرفون ان هذه الظاهرة إجتماعية كما أسلفنا و سبيل القضاء عليها هو في إظهار مخاطرها بإسلوب يتسم بالحكمة والموضوعية و الكلمة الطيبة لأن ما نسمعه من خطابات "نرفزية" هو أقرب إلى من يحرض على الفتن ولكم في تطور المجتمع حكمة بالغة.
هذا المجتمع كان يوما من الأيام بعضه يقتل بعضا و من نراهم اليوم أحبة و أصدقاء لكل منهم ثأر على الآخر فهذا أجداده قتلوا آباء هذا وهذا آباءه قتلوا أعمام ذلك...
و بشكل طبيعي تجاوز المجتمع ذلك أولا ترونه قادرا بشكل مضطرد على تجاوز ما هو دون ذلك مع الوعي والإقبال على التعليم.
الهدف هو ان تتغير عقلية(البيظان) حتى تكون قابلة لإحترام الآخر ولكن لايمكن أن يتم ذلك بالإستفزاز لأنه يؤدي إلى التعصب و من طبيعة النفس البشرية أن تنفر من الوعيد و التهديد .
هاهو القرآن الكريم يوجهنا في مثل هذه الأمور و ينير لنا الدرب قال تعالى 《ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن》
وقال 《ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم 》
وحين أرسل الله موسى و أخاه هارون قال لهما ( إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى )
إذا كانت الكلمة اللينة الطيبة يؤمل منها ان ترد فرعون عن غيه وضلاله فما بالكم بمن هو دون ذلك .
موضوع العبودية ومخلفاتها لايجب أن يكون موضوعا سياسيا و لا محتكرا من احد فعلى الدولة أن تقوم بمسؤولياتها و على الاحزاب السياسية ان تقوم بحملات توعية مكثفة حول الموضوع وعلى مثقفي وقادة لحراطين أن يغيروا أساليبهم حتى نتمكن جميعا من الوصول إلى الهدف المنشود.