شرع المولى جل شأنه سجود التلاوة حين المرور بمواضع السجود في القرآن المجيد والمختلف في عددها؛ وذلك لتحقيق كمال الخشية والطاعة والتعظيم والافتقار إلى من كور الليل على النهار والنهار على الليل وجعل الليل سباتا والنهار معاشا، كما أن سجود التلاوة يتأسى فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويرتبط سجود القرآن بالتدبر وفهم المعانى عند القارئ فسجوده شارح لذلك مبين طبيعته لأن معظم سجدات القرآن بعد أوامر بالسجود وذلك ماسنتتبعه في "أبواب سجود القرآن " من البخاري والبالغ عددها اثناعشر بابا غير مفتتحة بآية قرآنية البتة وإنما الباب الأول منها :"ماجاء في سجود القرآن وسنتها" وفيه مارواه عبد الله رضي الله عنه قال:قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم بمكة فسجد فيها وسجد من معه غير شيخ أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال :يكفيني هذا فرأيته بعد ذلك قتل كافرا .
وهذا الحديث عليه مدار أغلب أحاديث الأبواب وفيه سجود سورة النجم "فاسجدوا لله واعبدوا" وبوب البخاري بابه الرابع "باب سجدة النجم " بالحديث نفسه وألحقه بباب "سجود المسلمين مع المشركين " بذات الخبر مع تغير طفيف في اللفظ؛والحديث ذو دلالة واضحة في طاعة الله واتباع أوامره جل جلاه فحين أمر بالسجود انقادت الرقاب وطأطأت الرؤس خوفا وطمعا .
وبين الأبواب باب "سجدة تنزيل السجدة" وفيه بين أبو هريرة حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فجرا والتي كان يقرأ بها "ألم تنزيل " وهل أتى على الإنسان" غير أن سجدة "ص" من حديث ابن عباس وقوله "صلى الله عليه وسلم" ليس من عزائم السجود وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها"ولعمرى لقد اشتملت عدى مقاصد سجود القرآن لفظة السجود والركوع "وخر راكعا وأناب" واتباع النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو أدرى وأبر وأتقى ...
ومن قرأ السجدة ولم يسجد فخبره من حديث مروي عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى بصيغة " زعم " أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم "والنجم" فلم يسجد فيها ".
ثم تلى الأبواب سجدة "إذا السماء انشقت" وسجود أبي هريرة رضي الله عنه لها وإخباره بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك .
وسجدة الانشقاق عند قول الله تعالى "وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون " وايم الله لفيها مقاصد السجود وعبر التدبر وحكم الفهم.
وإن الأبواب الخمسة الأخيرة من الأبواب قد شملت بعضا من أحكام سجود القرآن الكريم فبينت السجود لسجود القارئ وكيفية ازدحام الناس إذا قرأ الإمام سجدة من القرآن الكريم يفصل الازدحام حديث ابن عمر وازدحام الصحابة حين يسحد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ثم التعقيب على من يرى أن الله لم يوجب سجدة القرآن؛تبيانا لحكم من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها؛ وتمت في الختام إعادة حديث ابن عمر حديث ازدحام الصحابة وقت سجود رسول الله صلى الله لكن برسم عنوان "من لم يجد موضعا للسجود من الزحام "
إنها أبواب السجود والخضوع لله عز وجل؛انقيادا لأوامره واتباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم تدبرا لوحي الخالق الذي يخاطب به عباده لعلهم يتقون ..
تحض الأحاديث في مجملها على حسن التدبر لكلام الله والانقياد لأوامره وإخلاص العبادة له.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الدكتور :افاه الشيخ ولد مخلوك