سنابل التراويح (8)
تتفتق سنابل التراويح الثامنة عن "كتاب الصلاة" المشتمل على العدد ذاته مع المائة من الأبواب كما صنفها البخاري رحمه الله تعالى؛ وتنقسم أبواب الكتاب إلى ثلاث مجموعات تتداخل مع بعضها؛ وتتحدث بمجملها عن الصلاة وملحقاتها .
لم يفتتح المؤلف الكتاب ولا بابه الأول بآية قرآنية مع وجودها دالة على الكتاب وجميع متعلقاته "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا .." فمن الباب الأول إلى الثاني والثلاثين كان الحديث عن فرض الصلاة في الإسراء، والحديث عن لبس الثوب فيها، وتبيان صفته وحكمه فمثلا: الباب الثالث "عقد الإزار في الصلاة " وفيه أحاديث تتحدث عن الرجل يملك ثوبا واحدا، و عن الالتحاف بالثوب، وجعله على العاتق في الصلاة، وبيان ضيقه، والصلاة في الجبة الشامية، وذكر من صلى في قميص وسروال وتبان وقباء، ثم تبيان ما يستر من العورة، والحديث عن أداء الصلاة بغير رداء، والحديث عن كم ثوب تصلى فيه المرأة؟ وما حكم من نظر أعلام ثوبه إن كان له علم؟ ثم حكم الثوب الأحمر والصلاة على السطح والخشب والمنبر؟
وبقية أحاديث المجموعة كلها تتحدث عن ثوب المصلى يمس زوجته وهي حائض؛ ثم الصلاة على الحصير والخمرة والفراش؛ وعن شدة الحر، وكيفية السجود حينئذ، والتنعل في الصلاة، ولبس الخف، والحكم إذا لم يتم السجود وكذا إذا لم تُستقبل القبلة! والحديث عن قبلة أهل الشام والمدينة والمشرق ....
وتتحدث باقي الأبواب عن "البزاق "والنخامة " و"المرابض " وتتداخل الأحكام والعادات في هذه الأبواب التي لا تخلو من تحذير من الحرمات كما ورد في باب "بيع الخمر في المسجد " الذي هو محرم في كل مكان، ثم الحديث عن الشعر في المسجد وطبيعة الجلوس والاستلقاء والاغتسال.....
لتكون الأحاديث الأخيرة مرتبطة بالصلاة: "خلف النائم ؛ قرب الحائض" "غمز الرجل امرأته ...."
إن الصلاة ـ كما هو معلوم ـ ركن من أركان الإسلام، وقد كانت من أول ما فرض من العبادات؛ جاء حكمها في التنزيل، ووردت تفاصيلها في السنن الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث فصل القرآن الاستعداد لها: "يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة..." لتبين السنة متعلقاتها من ركوع وسجود وأدعية، تبيانا لارتباطها بالخالق جل جلاله خضوعا وخنوعا واستحضارا واستذكارا.
ويأتي الطب الحديث ليؤكد صحتها للأجسام والأبدان "والله يعلم وأنتم لا تعلمون"
هي التقوى، وهي الانقياد وهي الورع وهي السلوك القويم، وهي الراحة "أرحنا بها يا بلال "
الحكمة منها جلية، من أجل ذلك كانت آية بين الإيمان والكفر، وحدا فاصلا بين الشك واليقين.
الدكتور :افاه ولد الشيخ ولد مخلوك "