لايماري أحدُُ في كون الدكتور محمد إسحاق الكنتى كاتب فذ، وهبه الله ملكوت الكتابة، ونمّاها هو بثقافة واسعة تشبّع منها أدبا وفقها وفكرا وفلسفة، وصقلها بالاطلاع الواسع على النظريات السياسية والأيديولوجية..
وهو فارس مغوار ، أبلى بلاء حسنا خلال العشرية الماضية، لا يجامل في مواقفه وكتاباته، يعبر بجراءة وصدق عن آرائه وقناعاته، وحربه الضروس مع الإخوان لم تتوقف، وهذا حقه، وهم بالمقابل لم يتوقفوا عن النيل منه وهذا حقهم، صحيح لا وصاية لأحد على الكنتي أوغيره لفرض أسلوب معين في التفكير أو في الكتابة، وصحيح أيضا أن لكل رأي سياسي خلفياته المتأتية من مجموعة المعتقدات الأساسية بداخل كل شخص، والناتجة عن التنشئة والتحصيل العلمي والعملي، والتجارب السابقة، و كل وجهة نظر لها وجه من الصحة، وربما وجه آخر من الملاحظات.
لكن الذي نومئ إليه من حين لآخر حيال السجالات الدائرة بين الكنتى والإخوان هذه الأيام، هو من زاوية أخري ، تستوجبها استثنائية الظرف والسياق، حيث نخوض حملة انتخابية، يتطلب تسييرها فى نظرنا الابتعاد ما أمكن عن التصادم والتنافر، والتركيز على تهيئة الأرضية المناسبة لاستيعاب كل الداعمين على اختلاف مشاربهم، صحيح أن مرشحنا مؤهل أكثر من غيره من المنافسين ، وكل المؤشرات تؤكد أن لا وجه للمقارنة بينه وباقي المنافسين، لكن وقت الحذر حقيقة ما يتصور أنه وقت أمن كما فى المثل الحساني، حيث لا ينبغي أن نهيأ المبررات والحجج لإنزلاقات لا قدر الله لم تكن محسوبة، وفوق هذا وذاك هذه الحملة فرصة لنؤسس لخطاب سياسي يتسم بشيء من الأخلاق ويخفض حدة التنابز، ويرشِّد القيم الديمقراطية، وهذه مسئوليتنا في الأغلبية، والميزات الأخلاقية الرفيعة لمرشحنا ومشاطرة بعض المنافسين له لتلك القيم ، فرصة أيضا لنعوِّد أنفسنا على خوض حملات تتنافس فيها الرؤى والبرامج والأفكار، وتترك جانبا النيل من الأشخاص ، والجماعات، والأيديولوجيات، والعشائر والأعراق.
صالح ولد دهماش