بسم الله الرحمن الرحيم
أيها السادة و السيدات
أتوجه إليكم اليوم وأنا مدرك لرمزية الموقف في بعد المؤسسة التي أخاطبكم باسمها وبعد اللحظة التي يمر بها بلدنا وبعد الخلفية النضالية التي نتقاسمها.
لقد ولدت هذه المؤسسة من نضالات متراكمة للمعارضة الموريتانية بشتى أطيافها وأرادتها رافعة للممارسة السياسية تدفع نحو مزيد من تجذير الديمقراطية و قناة لتبادل الرأي بين المعارضة والسلطة التنفيذية، تريها اختلالات التسيير وتتقاسم معها قضايا الإجماع الوطني الكبرى.
أقف وأنا فخور بالثقة التي أولاني حزبي التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ومن خلفه أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان وهي ثقة أشكرهم عليها وسأعمل جاهدا لأكون على مستواها.
أعتبر هذه اللحظة ثمرة نضالات طويلة لا يسعني إلا أن أنوه بها ابتداء من نضالات القوى التقدمية في السيتينات والسبعينات وانحيازها لجانب الطبقات الفقيرة والمظلومة والجهد التوعوي الكبير الذي بذلته لصالح قضايا الطبقات المستضعفة وقضايا الوحدة الوطنية.
أتوقف بإجلال لأشيد بتلك الشعلة النضالية التي انطلقت 1978 ضد الظلم والغبن والتي أحيي قادتها الذين مازالوا معنا وأترحم على الذين فارقونا .
أشيد بالقوى التي دافعت عن أصالة موريتانيا وهويتها وأدرك أنهم قدموا الكثير وبذلوا في سبيل قناعتهم الكثير من التضحيات مضايقة وسجونا. وأومن أنهم جزء مهم من المشهد الوطني.
أقدر القوى التي ساهمت في بناء الدولة الموريتانية في ظروف صعبة وبإرادة لا تلين وطموح يتحدى الإمكانات وأعتبر أن تجربتهم وحكمتهم ستظل معينا يلهمنا ونصدر عنه.
أحيي القوى الوطنية التي التأمت ذات صباح بداية التسعينات حالمة بتعددية حزبية وتداول على السلطة ودولة قانون ومؤسسات. أقدر أولئك الرموز وأعتبر أننا هنا ليتحقق ذلك الحلم. لن يحبطنا طول الطريق ولن تثنينا عقباته.
أحيي عشرات الشخصيات الوطنية التي تقف هنا وهناك والتي نجتمع معها في أحلام الديمقراطية ومحاربة الفقر وترسيخ حقوق الإنسان وتعزيز الوحدة الوطنية. لرفع الظلم الاقتصادي والاجتماعي والتاريخي الذي طالما عانت منه شرائح من مواطنينا.
لقد عايشت خلال العقود الثلاثة الماضية تلكم النضالات، منحازا للمغبونين ،مدافعا عن المظلومين ومساندا للمحرومين. ولقد عبرت عن مواقفي بهدوء أحيانا وبحدة أحيانا وبشطط أحيانا أخرى؛ وأعتبر كل ذلك تجربة مهمة أستقي منها لكنني لا أقف عندها بل أتجاوزها.
أدرك أننا نحتاج مقاربات مركبة لعلاج مشكلاتنا لا تهمل المظاهر لكنها تغوص لتعالج جذور الإشكالات. لا تكتفي بالخطابات العاطفية بل تشخص وتحلل مواضع الإشكال وتبني على ذلك سياسات عملية مناسبة.
السادة و السيدات الحضور
ان دقة اللحظة السياسية التي يمر بها الوطن بعد تجاوز مساعي و محاولات تعديل المواد المحصنة دستوريا بعسر تستدعي مني وقفة تأمل استهلها بأن القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية بعدم المساس بالمواد المقيدة لإعادة انتخابه كان قرارا مهما، إلا أن الأهم في هذه اللحظة بالذات هو إرساء قواعد و أخلاقيات خادمة لروح التناوب السلمي على السلطة، و أعني هنا و بكل وضوح ضرورة خلق مناخ من الثقة لدي جميع المرشحين و الفاعلين السياسيين في الانتخابات الرئاسية المقيلة و ذلك من خلال جملة من الإجراءات من أهمها تمثيل المعارضة في اللجنة المستقلة للانتخابات و ابعاد وسائل الدولة و أجهزتها عن خدمة مرشح بعينه و ابقاء القوات المسلحة و قوي الأمن خارج اللعبة السياسية.
أيها الجمع الكريم
لن آلو جهدا في أن تكون المؤسسة لبنة تعزز الديمقراطية وتنهض بحقوق الإنسان، وصرحا يجمع كل أطياف المعارضة، وقناة فعالة تعبر عن وجهة نظر المعارضة وتدافع عنها لدى الجهات التنفيذية.
وستعمل المؤسسة جاهدة على تعزيز الوحدة الوطنية والدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، متعالية عن الاصطفاف السياسي في القضايا التي تمس أمن موريتانيا ومصالحها الإستراتيجية.
في الختام لا يسعني إلا أن أعبر عن تقديري الكبير للقادة الذين أداروا المؤسسة قبلي ابتداء بالسيد أحمد ولد داداه الرمز الوطني الكبير وانتهاء بالسياسي المحنك السيد الحسن ولد محمد العمدة الخلوق والإطار الكفء.
و الله الموفق و الهادي الي سواء السبيل