انتخابات ٢٠١٩ قد تكون آخر انتخابات سياسية في موريتانيا
من الوارد جدا أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة من وجهة نظر السوسيولوجيا السياسية هي آخر انتخابات ذات طبيعة سياسية في موريتاني رغم أن بوادر ذلك ما تزال غير ظاهرة للكثيرين.. والسبب المباشر في هذه الوضعية هو كون النظام قتل خلال العشرية الأخيرة كل أسس الفعل السياسي المعارض، من خلال المحاصرة الطويلة للمعارضين السياسيين وتجفيف مصادر تمويلهم وإقالة موظفيهم ومطاردة رجال أعمالهم وإغراء أطرهم وتجارهم بالمناصب والصفقات مقابل تأييد السلطة، وحجب المنافع العمومية في القرى والأرياف عنهم ما لم يتخلوا عن المعارضة، حتى أصبح الثبات على المعارضة عملا نضاليا قاسيا ومخيفا، لا يتحمل المرء البقاء فيه إلا لضرورة شخصية من نضال يتوهم أنه مجد، أو مغاضبة، أو انتماء حركي تغذيه إيديولوجيا معينة.. وتراجعت في هذا الخضم مع الوقت الأحزاب السياسية تاركة مكانها إما للقبائل وإما للحركات السياسية.
ونظرا لهذا الوضع الذي وجدت الأحزاب فيه أنفسها رغما عنها عزفت أحزاب سياسية معارضة كبيرة عن تقديم مرشح لها لأنها لا ترى من المجدي أن تزج بشخص سيكلفها وسائل مادية كبيرة لا تملكها مقابل نتائج انتخابية هزيلة لا فائدة ترجى من ورائها، وحاولت أحزاب أخرى البحث عن مرشح من خارج دائرتها المنهكة بفعل الحصار بحثا عن دماء مالية وانتخابية جديدة لعلها تشكل بارقة أمل لقوى التغيير، ولولا ذلك لكانت الانتخابات القادمة مجرد عملية شكلية لتبادل الكراسي بين الجنرال الراحل والجنرال القادم...
لكن ماذا سيحدث؟
هناك احتمالان:
الاحتمال الأول: أن تستطيع المعارضة بمختلف أطيافها ومرشحيها أن تضمن حدا من نزاهة الانتخابات والثقة فيها يؤهلها للشوط الثاني، ويكون النظام مرغما أو مستعدا للقبول بانتصارها، وهنا ستنتقل موريتانيا إلى مرحلة إعادة تأسيس جديدة تختلف كليا عما ألفناه في السابق.
الاحتمال الثاني: أن ينجح مرشح النظام في الاحتفاظ بالسلطة، وهذا يعني أن التغيير قد فشل، وفي هذه الحالة لن تستطيع المعارضة الاستمرار بصورة جادة في لعب دورها السياسي، وستتسرب لا محالة مجموعات وفرادى إلى النظام على النحو التالي:
- الأحزاب والأفراد والمجموعات غير المؤدلجة ستلتحق بالنظام من خلال قبائلها.
- الأحزاب والأفراد والمجموعات المؤدلجة ستدخل في هدنة أو مفاوضات مع النظام تمليها قاعدة أنها الوحيدة الباقية في الساحة ومجابهتها للسلطة ستمثل خطرا عليها وعلى السلطة هي بحاجة إلى تفاديه.
وبذلك نكون قد خضنا آخر انتخابات ذات طرح سياسي في بلدنا لتخلو الساحة للطرح العرقي والنضال من أجل حقوق الأقليات وستكون انتخابات 2024 انطلاقا من هذا بالتأكيد انتخابات عرقية بامتياز .
الحسين ولد محنض