افتتاحية الصفحة الرسمية لحزب الصواب الجمعة 22/03/2019
( ما بعدولد عبد العزيز)
بعدما اضاع موريتانيا الارض والشعب ووضعها في متاهات رهاب خروجه من السلطة، بدءا بفرض مهزلة الاستفتاء على الدستور والحل التعسفي لمجلس الشيوخ، ومسرحيات المأمورية الثالثة، وانتهاء بمناورة تعيين رئيس عسكري للجمهورية، خلفا له في تركة نظامه الانقلابي في تحد صارخ لارادة الشعب الموريتاني وقواه السياسية الحية واحتقار لرموز سيادة الدولة وتشريعات الجمهورية والدفع بهما داخل نفق مظلم قوامه سلطة شمولية تُمارس الفساد والقهر ، بعد ان ظل الموريتانييون يحلمون بحياة ديمقراطية واعدة ينعم فيها الشعب بحقوق المواطنة في ظل دولة القانون والمؤسسات الدستورية التي تحترم الفصل بين السلطات وتؤسس لتقاليد التناوب السامي على السلطة.
ان هذا الامر يحتم الإعلان للراي العام الوطني والدولي عن خطر مناورة تنزع الان ومستقبلا لتسليم مقاليد السلطة بآليات الفرض والاكراه والتخويف والابتزاز.. وهو ما يستدعي هبة قوية من الشعب الموريتاني في جميع مناطق البلاد للإعلان عن رفضه المطلق لهذا الامر، والتعبير عن ذلك بجميع الطرق السلمية في المدن الكبرى والقرى والارياف، الى جانب دعوة جميع اطياف المعارضة وقوى الموالاة الصامتة لتشكيل جبهة وطنية عريضة رافضة لتدمير الديمقراطية واحتكار السلطة والمطالبة باحترام دستور الجمهورية وقواعد اللعبة الديمقراطية والتناوب الديمقراطي السلمي، والتوجه لحوار حقيقي يكون صمام أمان للبلاد واهلها في مواجهة الفراغ السياسي ومغامرة المجهول التي يدفع لها النطام، والمبادرة الى
خلق منصة موحدة لتنسيق وترشيد تعاطي القوة السياسية في البلاد مع الأزمة الحالية من اجل بلورة خارطة طريق سلمية لمرحلة ما بعد ولد عبد العزيز التي تبدا في مستهل يوليو القادم، وتذكير النخب الوطنية المدني منها والعسكري بضرورة أخذ العبرة من التاريخ، وكذلك من الماضي القريب، وادراك خطورة الوضع الحالي على استقرار البلاد داخليا وخارجيا، في ظل اصرار محمد ولد عبد العزيز على استنساخ حكمه من خلال توريث صديقة الجنرال محمد ولد الغزواني، وهو ما يستدعي من الجميع العمل معا بكل تجرد واخلاص لتجنيب موريتانيا ماسي اَي انفجار محتمل قد يودي اليه استمرار الاحتقان الحالي.
ولابد ان تنتبه المعارضة والموالاة بان الشارع الموريتاني بطبيعته طيب ومسالم لكنه محبط ومثقل بهمومه المتراكمة ومكابدة ظروفه اليومية وظروف طبقاته المسحوقة الحاملة لمعاناة عقود من السحق وضياع الهوية والتهميش والاسترقاق والغبن والتفاوت .. وقد ملت كثيرا من الوعود والمتاجرة بهمومها وقضاياه واستغلالها السياسي خاصة في الوسط الحضري، وغدت كثيرا من جهاته ناقمة متشنجة سهلة الانقياد للتجييش والانفلات الفوضوي ضد كلما له صلة بانظمة الفساد والنهب، بل ربما اختلط فساد هذه الأنظمة في اذهان كثيرين منها مع كيان الدولة والمجتمع، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات كارثية على البلاد والعباد.
وهنا لابد ان يتذكر الجميع ايضا ان بلادنا هي الحلقة الأضعف في مواجهة المخططات الأجنبية في المنطقة وهو ما يوجب بلورة موقف نقدي للسياسة الخارجية للبلاد وتعاطيها مع العالم بشكل يُؤْمِن للوطن مقومات الاستقرار الضرورية ويسخر دبلوماسيته لخدمة التنمية وتعزيز الإشعاع الحضاري وتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع الشعوب بعيدا عن الارتجالية والمضاربات وردود الأفعال المتشنجة. وان نضع نصب اعيننا ايضا بان مصلحة موريتانيا ليست في المخاطرة بما تبقى من استقرارها الهش في اتجاه اعادة انتاج لا شرعية نظام غير مرغوب فِيه، كما انه لا مصلحة للبلاد في العودة الى مربع الانقلابات العسكرية، وتكرار اخطاء الماضي.
كل ذلك يحتم على الفاعلين السياسيين التحلي بالمسؤلية والصدق مع الذات في التعاطي مع الأزمة الحالية دون مزايدات، بعيدا عن التجاذب السياسي لكلاسيكي، فالأولوية ينبغي ان تكون للوقوف مع الوطن والشعب ما دام ذلك متاحا وقبل فوات الاوان.